إسرائيل تفتح حربًا جديدة مع الأردن وفلسطين.. تقسيم وسيطرة للأبد.. ماذا تطبخ حكومة الاحتلال؟
نادر الصفدي
تُسابق إسرائيل الزمن، وتحاول استغلال أنصاف الفرص من أجل تنفيذ مُخططاتها الخبيثة والعنصرية والتهويدية التي تطبخها في الليل والنهار، لفرض سيطرتها على المقدسات الإسلامية والمسيحية، والانسلاخ عن أي اتفاقيات ومعاهدات رسمية عُقدت مع الفلسطينيين وحتى دول عربية وإسلامية.
حالة التجاذبات والخلافات وحتى الصراعات الدامية والساخنة التي تشهدها المنطقة، وتقارب بعض الدول العربية من مربع التطبيع، تشكل بالنسبة لإسرائيل أرضًا خصبة وضوء أخضر لممارسة عدوانها وتصعيدها بحق الفلسطينيين ومقدساتهم وارضهم وحتى حقوقهم.
لكن، هذه المرة وجهت إسرائيل تركيها بشكل أكبر على المسجد الأقصى، الذي يتعرض يوميًا للتدنيس والاقتحام والاعتداء على المصلين، فبدأ الحديث يدور عن خطط جديدة “خبيثة” يجري التجهيز لها لفرض السيادة الكاملة على المسجد الأقصى، وطرد الوصاية الأردنية الهاشمية عليه.
تفاصيل هذا المخطط كشفه المراسل السياسي لموقع “زمان يسرائيل”، الذي أكد أن الخطة يعمل عليها عضو الكنيست الليكودي عميت هليفي وهدفها الرئيسي السيطرة على المسجد الأقصى.
ووفق المراسل فإن خطة هليفي تتمحور حول تقسيم المسجد الأقصى بين المسلمين واليهود على أن يُعطى للمسلمين مربع يشمل المسجد القبلي والمربعات القريبة منه مقابل أن يعطي لليهود المنطقة الشمالية بما فيها قبة الصخرة بإدعاء أنها أقيمت فوق الهيكل المزعوم؛ كما تشمل السماح لليهود بالدخول من جميع بوابات الأقصى دون مرافقة الشرطة متى شاءوا.
تفاصيل الخطة
وفيما يتعلق بالاتفاق مع الأردن حول المسجد الأقصى فإن خطة هليفي تتحدث عن طرد الأردنيين من المسجد باعتبارهم دولة أجنبية لا يحق لها التدخل في إدارته.
هذه الخطة تزامنت مع الإعلان عن تشكيل لوبي يهودي في الكنيست يسعى لتطبيق السيادة الإسرائيلية عليه ومنح اليهود حق لأداء الطقوس الدينية فيه.
وتطمح حكومة الاحتلال الإسرائيلي و”جماعات الهيكل” المزعوم المتطرفة، منذ احتلال مدينة القدس عام 1967، إلى تقسيم المسجد الأقصى المبارك زمانيًا ومكانيًا بين المسلمين واليهود، لاستنساخ ما حصل بالمسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل.
وبات مخطط تقسيم الأقصى أمرًا واقعًا يعمل الاحتلال على تطبيقه بالقوة وبشكل تدريجي، كونه يتصدر قائمة الأولويات لدى الحكومة اليمينية المتطرفة، في ظل زيادة مطالبات “جماعات الهيكل” بضرورة تحقيق ذلك، وتصاعد وتيرة الاعتداءات والإجراءات التعسفية بحق المسجد المبارك.
وبعد أن كانت اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى تتم بشكل متباعد وعلى مدار أيام مختلفة، أصبحت تجري يوميًا باستثناء الجمعة والسبت، وعلى فترتين صباحية ومسائية، حتى تطوّرت تدريجيًا وبات المستوطنون اليوم يؤدّون صلوات تلمودية بشكل فردي وجماعي داخل باحات المسجد.
وتطالب “جماعات الهيكل” بتمديد ساعات الاقتحامات، والسماح بدخول اليهود من جميع الأبواب، وبأداء كامل الصلوات والطقوس التوراتية في الأقصى، وفتح باب الاقتحامات أيام الجمعة والسبت، وتحديد موقع لكنيس داخل المسجد، وإنهاء مرافقة الشرطة للمجموعات المقتحمة، وعدم إغلاقه أمام اليهود في أي مناسبة إسلامية.
والتقسيم الزماني يعني تخصيص أوقات معينة لدخول المسلمين المسجد الأقصى، وأخرى خاصة لليهود، بحيث يتم اقتسام الساعات والأيام طوال السنة بين المسلمين واليهود.
ويستوجب على المسلمين، وفق المخطط الإسرائيلي، مغادرة الأقصى من الساعة 7:30 حتى 11:00صباحًا، وفي فترة الظهيرة من الساعة 1:30 حتى 2:30، وأن يكون هناك فترة ثالثة بعد العصر، لتخصيص هذه الأوقات لليهود فقط، وبالتالي السماح لهؤلاء بأداء ثلاث صلوات باليوم داخل المسجد.
وتسعى حكومة الاحتلال أيضًا، لتخصيص الأقصى لليهود خلال أعيادهم التي تصل إلى 100 يوم، بالإضافة إلى جميع أيام السبت، مما يُضاعف اقتحامات المستوطنين للمسجد، وتدنيسه.
تعود الوصاية الهاشمية على القدس ومقدساتها إلى عام 1924، عندما عُقد مؤتمر لقيادات ومؤسسات فلسطينية بايعت الأمير عبد الله الأول بالوصاية على مدينة القدس ومقدساتها.
وعقب ذلك الاجتماع، أصبح الاهتمام بالمقدّسات الإسلامية والمسيحية في القدس والحفاظ عليها، يتبع إداريًا للمملكة الأردنية الهاشمية.
المخطط الأخطر
وحذرت جهات فلسطينية من توجه لإسرائيل يستهدف المسجد الأقصى بغرض تقسيمه ثم تهويده، فقد أطلق المجلس الوطني الفلسطيني تحذيرا بأن الأعمال العدوانية الإسرائيلية في الأقصى تستهدف تهويده وتقسيمه.
ولفت المجلس الذي يتخذ من العاصمة الأردنية عمان مقرا، في بيان صدر الأربعاء، إلى أن الاقتحامات الإسرائيلية للأقصى تتماشى مع الإجراءات التي أقرتها لجنة الداخلية والأمن بالكنيست مؤخرا.
من جهتها حذرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من خطورة خطط إسرائيلية لتقسيم المسجد الأقصى، ونددت، بما وصفته بـ “استمرار اقتحام الجماعات اليهودية للمسجد الأقصى والاعتداء على المصلين فيه”.
واعتبرت استمرار إفساح المجال أمام “قطعان المغتصبين والمتطرفين الصهاينة” لاقتحام المسجد الأقصى وممارسة طقوسهم محاولة مكشوفة تهدف لتقسيم المسجد وفرض أمر واقع.
وفي سياق متصل، اعتبرت حركة الجهاد الإسلامي أن تكرار اقتحام المسجد الأقصى “يمثل الحصاد المر لعشرين عاما خلت من المفاوضات والعبث بالقضية الفلسطينية”.
واعتبرت الحركة في بيان صدر الأربعاء أن الرهان الحقيقي للحفاظ على الأقصى يقع على الجماهير الفلسطينية لتهب لنصرة القدس، وهو ما سيفتح الطريق لاستئناف نشاط المقاومة.
وفي الأردن التي تتمتع بحق الوصاية على المقدسات بالقدس، طالب في السابق 81 برلمانيا من أصل 150 نائبا الحكومة باستدعاء السفير الإسرائيلي بعمّان وإبلاغه رسالة شديدة اللهجة احتجاجا على منع المسلمين من الصلاة بالمسجد الأقصى.
يُذكر أن البرلمان الأردني صوّت بالإجماع في مايو/أيار الماضي على طرد سفير تل أبيب من عمّان رداً على الإجراءات التي تمارسها إسرائيل بحق المسجد الأقصى.
كما وقال رئيس مجلس أوقاف القدس الإسلامية عبدالعظيم سلهب، أن إسرائيل تريد تغيير الوضع التاريخي للمسجد الأقصى، لافتًا إلى أن إسرائيل تحاول سحب البساط من تحت يد الأوقاف بخصوص إدارة المسجد الأقصى ومنعها من القيام بواجبها.
وقال، إن إسرائيل تحاول تفريغ الوصاية الهاشمية من مضامينها مطالبا ببذل كل الجهد لرفع المعاناة عن المسجد الأقصى المبارك وعن المصلين والمعتكفين.
وأضاف أن الأحداث متلاحقة وخطيرة جدا محذرا من المساس بالمسجد بالأقصى مؤكدا أن المسجد الأقصى جزء من عقيدة المسلمين ولا يمكن السكوت عليه.
وهنا يبقى السؤال ينتظر الإجابة.. من قادر على منع إسرائيل من تنفيذ أخطر مخططاتها بالأقصى، وكيف؟
راي اليوم