دكتورة أسمهان ماجد الطاهر
الأردنيون متحمسون جدا لبلدهم، والوطنية مفهوم وجملة كبيرة بلا قيود. وأنا أخط كلماتي بمناسبة عيد الاستقلال السابع والسبعين، أحاول أن أضع في الاعتبار القيمة التاريخية والوطنية لهذا اليوم.
ليس من السهل نسيان أو تجاهل القيمة الحقيقية ليوم الاستقلال والتفكير فيه على أنه يوم عطلة من العمل مع حفلة شواء رائعة ووقت عائلي ممتع.
الاستقلال هو اليوم الوطني للأردن ويحتفل به سنويا في 25 مايو.، ويصادف استقلال الأردن في 25 مايو 1946، حيث تم إنهاء الانتداب البريطاني وأعلن الأردن دولة مستقلة ذات سيادة مستقلة، وقد تم تغيير اسم الدولة إلى المملكة الأردنية الهاشمية في الأول من كانون الأول (ديسمبر) 1948، لينظم الأردن في ديسمبر 1955 كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.
لا يمكن لأي دولة أن تزدهر حقا في القرن الحادي والعشرين دون شعور مشترك بالهدف السامي لمعنى كلمة الوطن الحر المستقل ذي السيادة الوطنية الكاملة.
في هذا اليوم علينا الحديث عن تقدير العالم الغربي للأردن وجهوده الحثيثة في حفظ الاستقرار والتوازن في منطقة الشرق الأوسط، بفضل قيادته الهاشمية، التي عملت على تعزيز السلام والاعتدال في منطقة الشرق الأوسط التي غالبا ما كانت مضطربة.
للأردن علاقات دبلوماسية وثيقة دوليا وإقليميا. تلك العلاقات يمكن وصفها بأنها غنية ومعقدة أحيانا، فقد يتفق الأردن على مواقف سياسية، ويمكن أن يختلف في صياغة بعض التفاصيل، لكن الأردن يحرص دائما على الموضوعية، ويؤمن بأهمية تعددية الأطراف، وبضرورة اضطلاع الأردن بدور محوري في تعزيز التعاون والعمل المشترك، من خلال مراعاة الالتزام بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وبالشرعية الدولية.
ينادي الأردن بضرورة احترام جميع قرارات الشرعية الدولية وتطبيقها، وفي مقدمتها تلك المتصلة بالقضية الفلسطينية، إيمانا منه بدور الأمم المتحدة في تنظيم العلاقات الدولية وحل النزاعات بالطرق الدبلوماسية.
إن ما يميز قرارات السياسة الخارجية عن بقية القرارات هي أنها تخضع لتفاعل فريد من نوعه ألا وهو التفاعل بين البيئة الداخلية والخارجية وما يحتويه ذلك التفاعل من ضغوط مختلفة ومتعارضة.
الأردن بلد عربي رغم صغر مساحته إلا أنه استطاع أن يكون له ثقل كبير في صناعة القرار الدولي، وذلك بفضل تركيبة النظام السياسي الأردني واتجاهاته المعتدلة، التي استطاعت غالبا توقع التطورات المستقبلية وتوفير الأدوات اللازمة للتعامل مع تلك التطورات. لقد وقف الأردن في وجه العديد من أشكال الاستبداد والقمع، ونادى بالسلام.
واسمحوا لي اقتباس عبارة تأكيد لما سبق من خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني في نادي الصحافة الأوروبي- الأمريكي في عام 2006.
“إن الشرق الأوسط يحتاج إلى أوروبا، وأوروبا تحتاج إلى الشرق الأوسط. ولكن المجتمع العالمي السلمي المتكامل الذي نحتاجه جميعا لن يتشكل من تلقاء نفسه، فهو بحاجة إلى جهودنا النشطة الواعية- للانتقال من ثقافات التسامح إلى ثقافات الاحترام؛ ولإيجاد التقدير الحقيقي لدى كل منا لمعتقدات الآخر، وهمومه، وأهدافه؛ وللوصول إلى تفاهم جديد نتبين فيه ما بيننا من اختلافات، ونتبين أيضا القيم القوية التي تربط فيما بيننا”.
لقد سارعت الأردن للمضي بخطوات متسقة لتجسيد معاني السلام العربي والدولي، وجسدت معنى كلمة الوطن المستقل الشامخ.
في ذكرى الاستقلال علينا أن نعيد صياغة وتوجيه مساراتنا كأفراد شعب أردني ذو قيم وطنية وثقافية واجتماعية ممتدة، مدركين لكل التحديات داخليا وخارجيا، من العوامل الاقتصادية والمالية والسياسية، وكل ما يتعلق بتغيير المناخ والأمن الغذائي ، وأهمية التعاون والتخطيط لحلها بطرق مبتكرة تناسب التطورات التكنولوجية الرقمية الذي تحول نحوها العالم اليوم.
على الرغم من أن الزمن يتغير دائما، فلن يكون هناك أبدا يوم لا يحمل فيه عيد الاستقلال أهمية كبيرة.
لأولئك الذين يحبون الأردن، الاحتفال بالاستقلال بمثابة دليل، وحقيقة لا تقبل الجدل وتجسيد لما يعنيه أن تكون أردنيا، يعتز بكل ما يخص الأردن من تاريخ وقيم ومبادئ وطنية راسخة. حمى الله الأردن أرضا وقيادة وشعبا
aaltaher @ aut. edu. jo