جفرا نيوز- عصام مبيضين
ما هي أسباب تراجع الثقة، بين الناس هذه الأيام، حيث إن الشك أصبح سيد الموقف، فعندما يتخلخل المشهد، وتتعمق الأزمات، وأهمها الاقتصادية ينتج انعدام الثقة الذي يشير بدوره إلى كل علامات التآكل الاجتماعي.
فما الذي جرى مع الناس هذه الأيام، حيث تحمل الاخبارعاصفة تسونامي، ضربت العلاقات الاجتماعية: حيث تشتعل النيران على أبسط الأسباب، وسط ضغوط اقتصادية ومعيشية طاحنة جدا، مع انتشار التوتر وسيطرة العصبية (وضيق الخلق) على أبسط الأمور في كل مكان
تراجع الثقة المجتمعية، هي تآكل رأس المال الاجتماعي، ووفق تقرير مركز الدراسات الاستراتيجي بالجامعة الأردنية الأخير تبين أن الغالبية العظمى من الأردنيين لا تثق بمعظم الناس، حيث إن 78 % من الأردنيين يعتقدون أنه لا يمكن الثقة بأغلبية الناس، واللافت إلى أن هذه النتيجة ارتفعت بمقدار (9) نقاط مقارنة باستطلاع تشرين الأول 2022
وبحسب الاستطلاع، فإن ثقة الأردنيين محصورة في عائلاتهم، حيث أفاد 94 % بأنهم يثقون بالعائلة، وأن ثقتهم بالدرجة الثانية تمتد إلى المعارف والأصدقاء (68 %)، والجيران والمعارف (68 %)، ومن ثم أقاربك (أفراد العشيرة) 65 %
فيما أعتقد 81 % من الشباب الأردني (18-34 سنة) أنه لا يمكن الثقة في اغلبية الناس، والاخطر ان ياتي مسلسل فقدان الثقة بالحكومة والنواب ثم الثقة بالمؤسسات العامة التابعة للدولة والاحزاب وموسسات المجتمع المدني، بمعنى أن عدم الثقة اصبح تسونامي يتوسع واصبح يطال جهات لم تكن موضعا لعدم الثقة وهو مؤشر خطيرجدا
يرصد عالم اجتماع معروف ، ظاهرة تفكك الثقة بين الفرد والمؤسسات؛ مما أنتج ظاهرة انتشار “الشللية” ، تتبادل المنافع الخاصة في ما بينها، وومن تسود قيم الواسطة والمحسوبية، وتنتشر ظاهرة اعتماد الشتيمة في مواجهة الخصم بدل المحاورة، وتفضيل أسلوب الالتفاف على المشاكل بطرق اخرى
وفي العمق فإن فقدان الثقة المتبادلة بين الأردنيين المقيمين هو انقلاب خطير بالقيم في العلاقات المجتمعية، وهو مؤشر خطير يستدعى الوقوف عنده، وان ثقافة الشك وهوس الارتياب معناها انعدام الثقة، والتي تبدأ بأن يشك الناس بالنخب، وتشكي الأحزاب بعضها ببعض، وتشك النقابات المهنية والعمالية بأرباب العمل، ويشك المواطن بجاره، والأخ بأخيه والصديق بصديقه… إلخ، وتتدرج الأمور لتصل لأن يشك الشخص بنفسه وبقدرته على فعل أي شيء في مجتمع تسيطر عليه الميكافيلية.
من هنا عندما تنتشر ثقافة الشك، فإنها تتغذي من ثقافة الإحباط واليأس من القدرة على فعل شيء لتغيير الواقع الصعب حيث عادة الاستهلاك تنتشر مع محدودية والطفر وكبح الطموحات ويكون الانكفاء الانطواء، وتتردد مقولة ” مفيش فايدة” ليس بالإمكان أفضل مما كان، الأمر الذي يؤدي للانطواء على النفس، وحالة من الاغتراب داخل المجتمع وعلاقات المصالح، فالشك يودي لانعدام الثقة وكلاهما يؤديان للإحباط واليأس
والأخطر أن “الثقة أصبحت مفقودة في نواح عدة من العلاقات الاجتماعية والاقتصادية، فالناس لا يتبادلونها بين بعضهم البعض، كما وصل انعدام الثقة إلى العلاقات الأسرية بين النساء والرجال” الأزواج “، وحتى بين أولياء الأمور والأبناء وقضايا الميراث وسجلات المحاكم شواهد والحجر على الآباء والأمهات، يتصاعد وهي كلها مؤشر خطير على تفسخ المجتمع
ولطالما عد معامل حساب” معامل الثقة بين الناس “وفق الدراسات في أي مجتمع أحد مؤشرات قوة ا وأنه في ظل ثقافة الشك والريبة وانعدام الثقة تتراجع ثقافة الإنجاز، وروح المبادرة والإقدام وتبادل المصالح، وإبرام الصفقات والأعمال، وتصبح أية علاقات وصفقات مبادرة محل شبهة، ويتم التعامل معها بحذر وشك وتكون التهمة جاهزة
ليطرح السؤال الصعب في النهاية ماذا أصاب المجتمع الأردني الذي كان يوما مسالما وطيبا ورحيما وهادئا وما سبب كل هذا العنف والتوتر الذي كشر عن أنيابه، فهل بدأت الضغوط تتزايد بشدة على المجتمع من غلاء المعيشة وارتفاع في أسعار المواد الغذائية والضرائب مع تجمد وانخفاض في الرواتب، وعدم تواجد وسائل ترفيه تستقطب العائلات وبالتالي صار وماذكر أنف وغيرة ان يؤدى الى تراكم الضغوط والتي يولد العنف والأزمات النفسية
جفرا
