إذا انقسمت واشنطن ماذا يحصل للسياسة الخارجية؟


سيناريوهات عدة يمكن أن تسفر عنها نتائج التجديد النصفي لكن الاتجاهات العامة يمكن استشرافها بشكل أولي

وليد فارس الأمين العام للمجموعة الأطلسية النيابية

هذا الأسبوع تتجدد هيئتا الكونغرس الأميركي بعد الانتخابات النصفية، وتخرج مبدئياً أكثرية جديدة داخل السلطة التشريعية، بالتالي يطرح سؤال، ما هي السيناريوهات الممكنة في ما يتعلق بالسياسة الخارجية الأميركية إذا ما سيطرت المعارضة الجمهورية على مجلس النواب، وربما مجلس الشيوخ؟ وطبعاً، ولو نظرياً، إذا استمرت سيطرة الديمقراطيين، وهو أمر يعتبره المتخصصون شبه مستحيل رقمياً، فلو انتزع الجمهوريون “الهضبة” (The Hill) أي ما يعرف بالمرتفع الذي يقع عليه الكونغرس، كيف ستتعاطى واشنطن مع سياستها الخارجية؟

انقسام السلطة

حال سيطرة المعارضة على الكونغرس واستمرار البيت الأبيض تحت “حزب السلطة” ليس حالاً جديداً ولا استثنائياً، بل هو معادلة من المعادلات الدستورية للحكم في أميركا على مدى عقود. فإما أن يسيطر حزب واحد على السلطتين التنفيذية والتشريعية، كما حصل مع جورج بوش في 2005، وباراك أوباما في 2009، ودونالد ترمب في 2017، أما إذا سيطر حزب على الرئاسة وحزب آخر على الكونغرس، كما حصل مع الرؤساء المذكورين أنفسهم في 2007، و2011 و2019، تصبح معادلة “حكومة منقسمة” (Divided Government) هي القائمة. الإدارة تدير الأجهزة التنفيذية، والكونغرس يقرر الميزانيات الهائلة، ويوافق على التعيينات الكبرى. وهكذا يحصل توازن القوى بين المعسكرين. احتمالان يمكن أن يحصلا.

السيناريو الأول هو اختلاف سياسي، ولكن مع تعاون حزبي Bipartisan. فتجري مفاوضات مكثفة، وأخذ ورد بين السلطتين حول كل الملفات، ويتم تمرير الملفات الأساسية كالحاجات اليومية والأساسية للأميركيين والدفاع، وغيرها. وتجري محادثات أطول وضغوط متبادلة حول المشاريع الكبرى حول التطبيب والضرائب، إلخ. وفي هذا السيناريو، يسيطر البيت الأبيض على السياسة الخارجية، ويتفاوض على بعض جوانبها مع الكونغرس، أي يحصل بعض التعاون في بعض الملفات، ويضع الكونغرس يده على الأمور الداخلية. وفي سيناريو كهذا تتصاعد ظاهرة اللوبي إلى أعلى المستويات، حيث تستفيد اللوبيات من الانقسام لتمرر مشاريعها المختلفة، بما فيها الملفات الخارجية.

السيناريو الثاني هو اختلاف وجودي، كما حصل بين إدارة ترمب ومعسكر أوباما – كلينتون بين 2016 و2020، أي انقطاع جذري بين الفريقين ومحاولة فريق لعزل الفريق الآخر وإخراجه من السلطة كلياً، كما حصل بين معسكر الديمقراطيين بقيادة بيلوسي – أوباما بين 2017 و2021 وبين الرئيس. وفي سيناريو كهذا، كالذي تجسد بين ترمب والكونغرس، تتأثر السياسة الخارجية، وأحياناً تتعثر، ولكنها تستمر تحت السلطة التنفيذية، إلا أنها تفقد قوتها المعنوية إذا ما لم تحصل على دعم الحزبين. 

انتصار الجمهوريين 

إذا تمكن الحزب الجمهوري من تحقيق أكثرية في مجلس النواب، أو إذا تمكن أنصاره من نيل ولو سيناتور واحد أكثر من خصومه في الحزب الديمقراطي، أي إذا حققت المعارضة نصراً في الكونغرس فكيف تكون النتائج على السياسة الخارجية؟ وكذلك إذا سيطر الجمهوريون على مجلس النواب وليس على مجلس الشيوخ؟ وطبعاً يسأل البعض عن احتمال أن يتأجج أي خلاف على نتائج الانتخابات، وهذا موضوع آخر في حد ذاته، ولكن إذا تثبت انتصار المعارضة ولو داخل إحدى هيئتي الكونغرس، فالنتائج سيكون لها وزن كبير، وستؤثر على السياسة الخارجية، بما فيه على الشرق الأوسط. طبعاً يجب انتظار شهر يناير (كانون الثاني) لمعرفة الحقائق، ولكن الاتجاهات العامة يمكن استشرافها بشكل أولي.

1. ضغط على الإدارة لوضع حد للفوضى على الحدود مع مكسيكو.

2. تأييد بدء مفاوضات لوقف الحرب في أوكرانيا.

3. ضغط لعدم توقيع الاتفاق النووي.

4. تعزيز معاهدة إبراهام.

5. تعزيز التحالف مع تايوان واليابان وكوريا الجنوبية.

6. ضغط على الإدارة لتبدأ إنتاج النفط والغاز داخلياً.

7. المطالبة بالضغط على “طالبان”.

هذا تقييم مبكر جداً، ولكنه يرتكز على مواقف قد تم اتخاذها. أما كيف سيعمل الجمهوريون للضغط على إدارة جو بايدن، فسنتطرق إلى ذلك بعد تحليل تحالفات الكونغرس وتأليف لجانه. سنرى.