من “العدالة والتنمية“20 تركيا عامـًا

من الأزمة الاقتصادية الطاحنة ومعضلات السياسة الداخلية إلى مقعد بين الكبار

مثل بدايات قصص الحب، يتذكر لقاءه الأول مع اسطنبول كأنه حدث بالأمس.

في صيف 1991 هبط عادل حمدي، طالب الجامعة وقتها، إلى مطار صبيحة شرق المدينة، وأخرج 150 دولارا لتغييرها إلى الليرة، حينها فوجئ أنه أصبح مليونيرا!

كان سعر الدولار 7500 ليرة تقريبا.

لم تكتمل سعادة الشاب المصري بالمليون حين عرف أنه لن يكفي لإقامة أسبوع واحد. 

خطفته المدينة المعتقة بسحر تاريخ شرقي باذخ، وتلال مترامية تصدح بالأذان من المساجد الأيقونية، وأبراج تحرس خضرة الغابات وقمم التلال.

لكن القرن الذهبي، كنز اسطنبول وقلبها التاريخي، أدهش عادل بفوضاه وعدم نظافته. وكانت المدينة في ذلك الصيف تتنفس أجواء رمادية تحت وطأة الزحام والتراب والأحياء المتكدسة. 

الآن يتابع عادل بإعجاب ما جرى للمدينة حتى أصبحت في مقدمة العواصم السياحية في أوروبا، وإحدى أكثر المقاصد سحراً، ويعود للدهشة. حين عاد للقرن الذهبي بهاؤه، كما عادت شمس المدينة تشرق على مساحات هائلة من أخضر الغابات وحدائق التيوليب، إلى أزرق البوسفور الساحر.

المشوار الذي قطعته مدينة التلال السبعة لتستعيد مجدها، هو طريق سارت فيه تركيا بأكملها منذ عقدين تحت حكم حزب العدالة والتنمية، طريق صاعد بلا هوادة.

في مارس/آذار 2023 يحتفل حزب العدالة والتنمية بمرور 20 عاما على تسّلم أردوغان منصب رئيس وزراء تركيا عام 2003، قبل أن ينتقل إلى منصب رئاسة الجمهورية عام 2014.

يحتفل بالطريق الذي بدأ في ظلال أزمة اقتصادية طاحنة، وتجاذبات سياسية وطائفية داخلية عميقة. لكن يكتمل الآن وقد صعد الاقتصاد التركي إلى الصف الأول بين كبرى دول العالم، وأصبح موقف أنقرة رقما مهما في معظم الملفات السياسية والعسكرية.

والقوة في الاقتصاد تعني القدرة في السياسة.

في هذا التقرير نستعرض التحديات التي واجهها حزب العدالة والتنمية في الداخل والخارج عند تسلمه السلطة عام 2003، وأبرزها طغيان قادة الجيش على الحياة السياسية، والأزمة الاقتصادية الطاحنة التي أثقلت اقتصاد البلاد بالركود والديون، وكيف نجح الحزب بقيادة أردوغان في إعادة تعريف دور الجيش، ووضع الاقتصاد بين العشرين الأكبر في الكوكب.

نموذج “يمين الوسط

تأسس الحزب في عام 2001 من قبل أعضاء بعض الأحزاب مثل حزب الفضيلة، وحزب الوطن الأم، وحزب الطريق القويم. 

وقتها قال أردوغان إنّ الحزب “لن يكون إسلامياً”.

وأعاد الحزب تعريف العلمانية بأنّها “حريّة دينية”، وليست معادية للدين. بتعبير أردوغان فإن “القرآن كتاب ديني، والديمقراطية شكل للحكومة، ومن الخطأ وضع الاثنين ضمن تقسيم واحد”.

وبعد عام واحد كان الحزب الأكثر تأثيرا على المشهد السياسي في تركيا.

كانت انتخابات 2002 نقطة تحول مهمة في تاريخ تركيا.

في ضربة واحدة فقد 90% من نواب البرلمان مقاعدهم، وفشلت كل أحزاب البرلمان السابق في تخطي نسبة 10% اللازمة للتمثيل النيابي. 

هكذا نشأ برلمان من حزبين فقط: 

الحزب الجمهوري الذي حصل على 20% من المقاعد.

ثم الفائز الأكبر، الوافد الجديد حزب العدالة والتنمية، الذي قطع قادته صلاتهم بحزب السعادة الإسلامي عقب حظره في العام السابق.

حصل العدالة والتنمية على 35%، ومهّد الطريق لقائديه، رجب طيب أردوغان وعبد الله غول، لتشكيل ملامح المشهد السياسي لتركيا في السنوات المقبلة. 

واستفاد الحزب الجديد من المزاج الشعبي العام السائد، الرافض لعموم الأحزاب الموجودة على الساحة، وكان الناخبون يتطلعون لوجوه جديدة تعلن محاربة الفساد وتنقذ الاقتصاد وتحقق الاستقرار السياسي.

وفي انتخابات 2007 التي وصفها المراقبون بأنها الأفضل تنظيما منذ انتخابات 1950، حقق العدالة والتنمية نصرا أكبر، فقد حصل على المركز الأول برصيد 47% من الأصوات، وأبرز إعلام الحزب بفخر حصوله على أكثر من ضعف الأصوات في محافظات الجنوب الشرقي التي يغلب فيها السكان الأكراد. وهكذا استطاع الحزب أن يقول إنه يمثل كل الأقاليم التركية.

وعاشت تركيا منذ عام 2018، تجربة جديدة في ظل الانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، ليصبح أردوغان أول رئيس عبر الانتخابات المباشرة، ومن المقرر أن تجرى انتخابات برلمانية ورئاسية في تركيا منتصف عام 2023.

دولة تعسفية ودولة حارسة وبينهما أمة غاضبة

قبل وصول العدالة والتنمية إلى الحكم عبر الانتخابات، كان الجيش يدير البلاد بدعوى الحفاظ على مبادئ الكمالية التي أرساها مصطفى كمال أتاتورك. وكانت هناك دائما دولة تعسفية تحكم لصالح جنرالات الجيش سراً أو جهراً.

وكانت هناك دولة حارسة ينحصر عملها في تبييض أعمال الدولة التعسفية. 

الدولة الحارسة قُوامها الجيش والقضاء والبيروقراطية والشرطة.

الدولة الحارسة كانت استنساخاً أو “تطوراً طبيعياً” لحزب الواحد الذي اعتمده مصطفى كمال أتاتورك، وخاض به انتخابات 1946.

 تعددت الأحزاب والاتجاهات وبقيت هناك دولة حارسة تسهر على أفكار أتاتورك، وتعتبر نفسها ملزمة بالدفاع عنها ضد كل من يعتقدون أنه يمثل تهديدات داخلية أو خارجية لهيمنة التحالف المذكور، كما ورد في شهادة الباحث السياسي التركي كريم أوكتم Kerem Öktem في كتابه تركيا: الأمة الغاضبة. 

انتهجت الدولة الحارسة سياسة “فرّق تسُد”، وتفننت في خلق الصراعات بين الجماعات المختلفة حتى تتحول إلى حرب شوارع في الأحياء الهامشية والجامعات، وعندها يصبح المبرر جاهزا لتدخل الجيش كما حدث حرفيا في انقلابات 1960، 1971، 1980، 1997 على التوالي.

كل هذه التحركات كانت في خدمة تحالف المصالح غير المكتوب بين العسكر ورجال الأعمال العلمانيين.

كيف كسر “الأتراك السود” تحالف الجيش والعلمانيين

استمد الجنرالات قوتهم من دعم رجال الأعمال الكبار، ودور وسائل الإعلام التي يملكونها في تهيئة الشارع للانقلابات العسكرية. كما كان بعض رجال الأعمال يتبرعون للجيش الذي يطلب قادته الأموال بدعوى حماية النظام العلماني.

وكان المقابل تسهيلات لرجال الأعمال المقربين، وخدمات غير قانونية تكلف الدولة الملايين بل المليارات من الدولارات.

كانت تركيا “بيضاء” تحكم، وتركيا أخرى “سوداء” في حالة تهميش وإقصاء.

والتغير الكبير الذي شهدته تركيا في حكم حزب العدالة والتنمية، هو أننا شهدنا التحوّل في طبيعة الطبقة الاجتماعية الحاكمة.

قد نجد تفسيرا لذلك في النظرية التي صاغتها الخبيرة الاجتماعية السياسية، نيلوفار غولا، في منتصف التسعينيات، والتي قسمت المجتمع إلى الأتراك البيض والأتراك السود والأتراك الرماديين وذلك بعد تعرض الشريحة المحافظة من المواطنين الأتراك للإقصاء والإجراءات الاستئصالية بحقهم.

كان على حزب العدالة والتنمية أن ينتظر عدة سنوات قبل أن ينجح في إخراج الجيش من السياسة ومؤامراتها وانقلاباتها، ويعيد التوازن بين الأتراك البيض والسود.. والرماديين أيضا. 

وكان على الأتراك السود المهمشين أن ينتظروا سنوات أخرى حتى يجدوا من يمنحهم الفرصة لمشاركة بين الوطن في الثروة والنفوذ.

من رواية “غرابة في عقلي” لأديب نوبل التركي أورهان باموك

وهناك الكثير من المؤشرات التي تشرح ما حدث من  التغيرات المجتمعية التي حدثت في أساس هذه التطورات، وفي مقدمتها زيادة نسبة سكان المدن بنحو ثلاثين مليون نسمة خلال العشرين عامًا الأخيرة.

ونزوح هذه الملايين في فترة زمنية قصيرة يستدعي جهودا جبارة لاستيعابهم في المدن، وتوفير فرص عمل مناسبة لهم، ثم الدور المهم الذي تقوم به المؤسسات المجتمعية التي تعمل على دمجهم داخل الدوائر المجتمعية الجديدة.

والتحدي في الجهة المقابلة هو إعادة تأهيل المدن وتطوير البنية الإنتاجية والإمكانيات التعليمية للأبناء.

في بداية السبعينيات كان 70% من أبناء تركيا يعيشون بالقرى ويمارسون الزراعة.

الآن يعيش ما يزيد على 80% من السكان في المدن، ما يعني أن الملايين قد اجتازوا صعوبات التغيير الجغرافي والاجتماعي والمهني بنجاح.

العدالة والتنمية هو حزب العقل التركي الحديث

كانت ضربة النجاح الأولى لحزب العدالة والتنمية لدى وصوله للحكم هي بلورة هوية لحزب قوي وزعيم يتمتع بالكاريزما والحسم. وهي نقطة مهمة في ظل العجز عن مواجهة الأزمات التي كانت تمر بها تركيا في مطلع القرن. 

يكفي أن نعلم أنه بين 1987 حتى 2002 تم تشكيل 11 حكومة “ائتلافية” مختلفة في 12 عاما، دون أن يستطيع أي حزب الفوز بالأغلبية لتشكيل الحكومة منفرداً.

كان الشعب في حالة يأس من تلك الحكومات وبحاجة لـ “قائد” كما يقول الباحث التركي نبي ميش في بحثه المنشور بمجلة KRİTER التركية.

ومن البداية حرص الحزب أن يمثل الجناح الإسلامي المعتدل، وامتنع عن الشعارات الدينية في خطاباته السياسية، وأكد احترامه للحريات الدينية والفكرية، وانفتاحه على العالم.

وأكد الحزب عدم معارضته للعلمانية والمبادئ التي قامت عليها الجمهورية التركية، وأبدى تأييده لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.

وأعطى أهمية خاصة لمفهوم الدولة الاجتماعية، إيمانا بأن الإنسان هو المصدر الأول للتطور الاقتصادي.

قدم “العدالة والتنمية” تركيا للعالم على أنها نموذج أساسي “للديمقراطية الإسلامية” في رأي الباحث السياسي كريم أوكتم، الذي يقول في كتابه “تركيا الأمة الغاضبة”، إن قادة الحزب أدركوا أنهم لن يستطيعوا تشكيل المستقبل ما يعيدوا النظر في علاقتهم مع الإسلام السياسي، عبر “إعلان الالتزام بالنظام العلماني الجزئي للجمهورية، مع التخلي عن الجوانب الأكثر ثورية في النزعة الإسلامية، وبخاصة فكرة النظام العالمي العادل، أي الدولة الإسلامية العالمية”.

لكنْ يرى باحثون أن العدالة والتنمية هو حزب العقل التركي الحديث، ونتاج تجربة سياسية بدأت مع تأسيس الجمهورية قبل 100 عام، وخلاصة ما تعلمه الأتراك بعد كل هذه العقود والسنين من المعاناة والفشل والتأخر والتخلف والخضوع للإرادة الأمريكية والأوروبية والمديونية لصندوق النقد الدولي وانهيار الليرة التركية في السنوات والعقود الماضية. 

وفي إشارة إلى التأثير الهائل للحزب على المشهد السياسي للبلاد، يلاحظ الكاتب التركي فخر الدين ألتون أن الأحزاب السياسية التركية المتنوعة بعد انتخابات 2011 البرلمانية أصبحت تنسخ من برنامج الحزب وتكرر شعاراته بلغة أخرى. 

“وهذا ماجعل حزب الشعب الجمهوري العلماني اليساري المُعادي للدين والشريعة يقتبس بعض أساليب خطابه وخططه من التعاليم الإسلامية، كما حرصت باقي الأحزاب على الاقتراب من الخطط والبرامج الانتخابية للعدالة والتنمية، التي أثبتت تفوقها الكبير.

جيش أقوى وصناعات دفاعية متفوقة

احتكار الجيوش لوظيفة الدفاع واستخدامها الشرعي للقوة العسكرية، ظاهرة عرفتها بلدان العالم الثالث منذ سنوات التحرر منتصف القرن الماضي، وحرمتها من نعمة التحول الديمقراطي المأمول.

وتقع الحالة التركية في مكان متميز يوضح التدخل السياسي للعسكريين، فقد لعب الجيش التركي دوراً بارزاً في الحياة السياسية التركية منذ تأسيس الجمهورية التركية عام 1923 على يد الضابط الكبير مصطفى كمال أتاتورك.

اعتبر الجيش نفسه حامي الجمهورية التركية ونظامها السياسي، الأمر الذي أدى إلى تنفيذه عدة انقلابات عسكرية في تاريخ تركيا، كان فيها يستولى على الحكم باسم حماية تعاليم أتاتورك.

كان للجيش في تلك الفترات مزايا اقتصادية واجتماعية، حيث سُمح له بالدخول في المشاريع الاقتصادية مع توافر عوائد مالية اضافية مع عدم الإفصاح عن موازنة الجيش الحقيقة.

وكان حزب العدالة والتنمية من جهة يهتمّ بالجيش ويدعمه وقد استثمر في هذا الاتجاه، ومن جهة أخرى كان لا يكف عن مواصلة الإصلاحات والتمهيد لعلاج الجيش من فيروس العقلية الانقلابية الذي أصابه منذ انقلاب 27 مايو 1960.

وبدأت لعبة التوازنات بين الجيش والحزب تتصاعد حتى وصلت مشهدها الدرامي الأكبر في محاولة انقلاب تموز 2016، كما تشرح السطور التالية.

قضية “المطرقة” مارس/آذار 2003

نتحدث عن مخطط مزعوم أداره قائد الجيش الأول تشيتين دوغان من أجل الإطاحة برئيس الوزراء في ذلك الوقت رجب طيب أردوغان، عبر افتعال أحداث تدفع الحكومة لإعلان حالة الطوارئ والأحكام العرفية.

وسرّبت صحيفة “طرف” في ذلك الوقت بعض الوثائق التي كانت بمجموعها تصل إلى 5 آلاف صفحة، وتتحدث عن أفكار دامية مثل إسقاط طائرة فوق بحر إيجة واتهام اليونان بذلك، وتنفيذ تفجيرات في مسجدي الفاتح وبايزيد بمدينة إسطنبول، إضافة لتنفيذ اغتيالات ضد صحفيين وسياسيين معارضين. 

وتحرك الادعاء العام التركي على الفور وشملت الاتهامات ما مجموعه 62 عسكرياً منهم كانوا داخل المؤسسة العسكرية بالفعل، ومنهم متقاعدون.

الانقلاب الإلكتروني أبريل/نيسان 2007

واقعة اعتبرتها الحكومة التركية محاولة انقلاب مباشرة ضد حكومة رئيس الوزراء أردوغان آنذاك، ومحاولة علنية لفرض “وصاية علمانية الدولة”.

ما حدث هو نشر رئاسة الأركان عبر موقعها الإلكتروني بياناً عشية ترشيح عبد الله غل لرئاسة الجمهورية، واعتبرت ذلك تحدياً للدولة العلمانية ومبادئها، وأكدت أن الجيش لن يتردد في استخدام “واجباته وسلطاته في إطار القانون”.

و”فعل أردوغان ما لم يخطر على بال”، بتعبير وكالة رويترز.  

في اليوم التالي وجه اللوم للجيش علنا وان كان بطريقة مهذبة. 

ودعا إلى انتخابات عام 2007، وحقّق نصراً كاسحاً، وزاد ذلك من قوة موقفه. 

ونصّب جول رئيسا في آب/أغسطس 2007.

تضيف رويترز: كانت أحداثا تخطف الأنفاس.

منظمة غولن وانقلاب ديسمبر 2013

هي تسريبات صوتية لمسؤولين من بينهم أردوغان، تتحدث عن “فساد” داخل الحكومة. 

اعتبرت الحكومة منظمة رجل الدين فتح الله غولن مسؤولة عن التسريب بهدف تنفيذ انقلاب ضد أردوغان.

وقد أحدث هذا التحرك نتائج عكسية من خلال توجيه الأمن إلى اعتقال أفراد في سلكي الشرطة والقضاء، بتهمة التآمر على الحكومة الشرعية بطرق غير قانونية.

تعد هذه الحادثة فارقة في مواجهة علنية وقاسية بين حكومة أردوغان ومنظمة غولن التي كانت تتمتع بقوة كبيرة داخل أجهزة الدولة من شرطة وجيش وقضاء فضلاً عن المؤسسات الإعلامية الكبيرة التابعة لها. وبالطبع بلغت هذه المواجهة ذروتها في محاولة انقلاب 15 يوليو/تموز 2016.

محاولة الانقلاب العسكري الأخير يوليو/تموز 2016

احتكار الجيوش لوظيفة الدفاع واستخدامها الشرعي للقوة العسكرية، ظاهرة عرفتها بلدان العالم الثالث منذ سنوات التحرر منتصف القرن الماضي، وحرمتها من نعمة التحول الديمقراطي المأمول.

وتقع الحالة التركية في مكان متميز يوضح التدخل السياسي للعسكريين، فقد لعب الجيش التركي دوراً بارزاً في الحياة السياسية التركية منذ تأسيس الجمهورية التركية عام 1923 على يد الضابط الكبير مصطفى كمال أتاتورك.

اعتبر الجيش نفسه حامي الجمهورية التركية ونظامها السياسي، الأمر الذي أدى إلى تنفيذه عدة انقلابات عسكرية في تاريخ تركيا، كان فيها يستولى على الحكم باسم حماية تعاليم أتاتورك.

كان للجيش في تلك الفترات مزايا اقتصادية واجتماعية، حيث سُمح له بالدخول في المشاريع الاقتصادية مع توافر عوائد مالية اضافية مع عدم الإفصاح عن موازنة الجيش الحقيقة.

وكان حزب العدالة والتنمية من جهة يهتمّ بالجيش ويدعمه وقد استثمر في هذا الاتجاه، ومن جهة أخرى كان لا يكف عن مواصلة الإصلاحات والتمهيد لعلاج الجيش من فيروس العقلية الانقلابية الذي أصابه منذ انقلاب 27 مايو 1960.

وبدأت لعبة التوازنات بين الجيش والحزب تتصاعد حتى وصلت مشهدها الدرامي الأكبر في محاولة انقلاب تموز 2016، كما تشرح السطور التالية.

قضية “المطرقة” مارس/آذار 2003

نتحدث عن مخطط مزعوم أداره قائد الجيش الأول تشيتين دوغان من أجل الإطاحة برئيس الوزراء في ذلك الوقت رجب طيب أردوغان، عبر افتعال أحداث تدفع الحكومة لإعلان حالة الطوارئ والأحكام العرفية.

وسرّبت صحيفة “طرف” في ذلك الوقت بعض الوثائق التي كانت بمجموعها تصل إلى 5 آلاف صفحة، وتتحدث عن أفكار دامية مثل إسقاط طائرة فوق بحر إيجة واتهام اليونان بذلك، وتنفيذ تفجيرات في مسجدي الفاتح وبايزيد بمدينة إسطنبول، إضافة لتنفيذ اغتيالات ضد صحفيين وسياسيين معارضين. 

وتحرك الادعاء العام التركي على الفور وشملت الاتهامات ما مجموعه 62 عسكرياً منهم كانوا داخل المؤسسة العسكرية بالفعل، ومنهم متقاعدون.

الانقلاب الإلكتروني أبريل/نيسان 2007

واقعة اعتبرتها الحكومة التركية محاولة انقلاب مباشرة ضد حكومة رئيس الوزراء أردوغان آنذاك، ومحاولة علنية لفرض “وصاية علمانية الدولة”.

ما حدث هو نشر رئاسة الأركان عبر موقعها الإلكتروني بياناً عشية ترشيح عبد الله غل لرئاسة الجمهورية، واعتبرت ذلك تحدياً للدولة العلمانية ومبادئها، وأكدت أن الجيش لن يتردد في استخدام “واجباته وسلطاته في إطار القانون”.

و”فعل أردوغان ما لم يخطر على بال”، بتعبير وكالة رويترز.  

في اليوم التالي وجه اللوم للجيش علنا وان كان بطريقة مهذبة. 

ودعا إلى انتخابات عام 2007، وحقّق نصراً كاسحاً، وزاد ذلك من قوة موقفه. 

ونصّب جول رئيسا في آب/أغسطس 2007.

تضيف رويترز: كانت أحداثا تخطف الأنفاس.

منظمة غولن وانقلاب ديسمبر 2013

هي تسريبات صوتية لمسؤولين من بينهم أردوغان، تتحدث عن “فساد” داخل الحكومة. 

اعتبرت الحكومة منظمة رجل الدين فتح الله غولن مسؤولة عن التسريب بهدف تنفيذ انقلاب ضد أردوغان.

وقد أحدث هذا التحرك نتائج عكسية من خلال توجيه الأمن إلى اعتقال أفراد في سلكي الشرطة والقضاء، بتهمة التآمر على الحكومة الشرعية بطرق غير قانونية.

تعد هذه الحادثة فارقة في مواجهة علنية وقاسية بين حكومة أردوغان ومنظمة غولن التي كانت تتمتع بقوة كبيرة داخل أجهزة الدولة من شرطة وجيش وقضاء فضلاً عن المؤسسات الإعلامية الكبيرة التابعة لها. وبالطبع بلغت هذه المواجهة ذروتها في محاولة انقلاب 15 يوليو/تموز 2016.

محاولة الانقلاب العسكري الأخير يوليو/تموز 2016

مساء الجمعة 15 يوليو/تموز كانت الحكومة التركية أمام محاولة انقلاب فعلي هذه المرة.

نزل الجيش إلى المدن الكبرى واندلعت مواجهات بين الانقلابيين وقوات الأمن وكذلك أفراد من الجيش رافضين للانقلاب، وأسفر عن ضحايا مدنيين تقدر أعدادهم بـ275 فضلاً عن مئات الجرحى.

ولقد مثلت تلك الليلة بالنسبة لكثيرين من الأتراك ولادة جديدة للجمهورية التركية المعاصرة. وبث الرئيس أردوغان أثناء سفره من مارماريس الى إسطنبول رسالة مصورة نقلها التلفزيون التركي حث فيها المواطنين على الخروج الى الشوارع ومواجهة المحاولة الإنقلابية.

وكتب مارك لوين في بي بي سي يقول إنه “للمرة الأولى منذ تأسيس الجمهورية التركية في عام 1923، ينجح الشعب في الوقوف بوجه دبابات العسكر. فقد شهدت تركيا في العقود الماضية 4 انقلابات عسكرية ناجحة، ولكن أردوغان نجح في منع نجاح انقلاب خامس”.

بعد فشل هذه المحاولة في الليلة ذاتها حتى صباح اليوم التالي، طاردت الحكومة التركية أعضاء ما كان يعرف بجماعة الخدمة التي يديرها فتح الله غولن، ووضعتها في قائمة الإرهاب.

الجيش خرج من لعبة السياسة ليصبح أقوى

بعد أسابيع من محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016، نشرت الجريدة الرسمية التركية قرارا يقضي بإعادة هيكلة “مجلس الشورى العسكري الأعلى”، الذي يمتلك صلاحيات واسعة في الترقيات العليا في الجيش والإحالة للتقاعد أو التمديد لها.

ثم أصبح مجلس الشورى العسكري الأعلى يُعقد برئاسة رئيس الجمهورية وحضور مساعده ووزير الدفاع والخارجية والداخلية والمالية والعدل والتعليم، ونُقلت الأمانة العامة من رئاسة الأركان إلى وزارة الدفاع.

ومن الواضح أن هذه الإصلاحات التي تحقّقت بعد انقلاب تموز عزّزت الجيش، وبالتأكيد عندما يغادر الجيش السياسة والهندسة الاجتماعية للتركيز بشكل كامل على مهمّة حماية البلاد ضد الأعداء الخارجيين- فإن أداءه سوف يتحسن بشكل كبير.

وفي مواجهة الانقلاب الدموي بدون أي انحناء حافظ أردوغان وحزب العدالة والتنمية على وجود الحزب مستندينِ على الإرادة الوطنية، كما أن إخضاع الجيش للإصلاحات نقل الحزب إلى موقع ودرجة أقوى.

كان الهدف جعل الانقلابات التاريخية في الذاكرة الجمعية جزءًا من الماضي؛ بل جزءًا مؤلمًا من أحداث الماضي، غير قابل للتكرار.

ومن جهة أخرى تفرغ الجيش التركي لمهامه الوطنية، ويصبح لاعبا إقليميا أساسيا خارج الحدود، بالتوازي مع تطوير الصناعات الدفاعية كما تشرح السطور التالية.

مهام عسكرية “خاصة” خارج الحدود

بعد محاولة الانقلاب، وإعادة هيكلة الجيش التركي، وتصفية عناصر “غولن” منه، بات أكثر ديناميكية وفاعلية في الساحة الإقليمية والدولية، وانطلقت عملياته خارج حدود تركيا، كما حدث في سوريا وليبيا وأذربيجان.

بدأت تركيا أول عملية عسكرية في سوريا تحت اسم “درع الفرات” في صيف 2016 شمالي سوريا بهدف “تطهير المنطقة من التنظيمات الإرهابية على رأسها داعش، وتأمين الحدود الجنوبية لتركيا”. 

تلتها عملية “غصن الزيتون” مطلع 2018 بمدينة عفرين شمال غربي سوريا، “بهدف تطهيرها من تنظيم بي كي كي” حسب تصريحات الحكومة. 

كذلك أطلقت عملية “نبع السلام” في خريف 2019 شمال شرقي سوريا كذلك لـ”تطهيرها من تنظيم بي كي كي”. 

وسارعت تركيا لتمرير “تشريع” يسمح بنشر القوات التركية في قطر حينما أعلنت 4 دول عربية مقاطعتها وحصارها في يونيو/حزيران 2017.

وكان التدخل التركي في ليبيا لدعم حكومة فايز السراج بموجب اتفاقية التعاون العسكري والأمني وترسيم الحدود البحرية بين البلدين، نهاية 2019.

ثم التدخل العسكري لدعم أذربيجان في إقليم قره باغ الذي كانت تحتله أرمينيا، وذلك في 27 سبتمبر/أيلول 2020، وقد أسفر ذلك عن فوز أذربيجان بفضل ما ينسب للدعم العسكري التركي لا سيما المسيرات.

ووجه الجيش التركي ضربات ضد معاقل تنظيم بي كي كي في شمال العراق.

إضافة إلى القاعدة العسكرية التركية في الصومال. 

كل ذلك يعد سابقة في تاريخ تركيا الحديث الذي اعتمد على تجنب الدخول في تلك الصراعات والتزام مسار السياسات الغربية-الأمريكية بالدرجة الأولى.

الصناعات الدفاعية تصبح بين الأكبر في العالم

تشمل “رؤية 2023” التي أطلقها الحزب في 2010، جملة من الأهداف لجعل البلاد “قوة مستقلة” في عيد ميلادها المئويّ. وظهر قطاع الأسلحة كأحد رؤوس حربة هذا المشروع الطموح، إذ “يتعين على القوات المسلحة التركية أن تتمتع بعتاد مصنوع بالكامل في تركيا” كما ورد في الرؤية.

بدأت الصناعات الدفاعية في تركيا بعد فرض حظر أمريكي على أنقرة بسبب عمليتها في قبرص عام 1974، لكنها تطورت كثيرا في عهد العدالة والتنمية.

في عهد رئيس الوزراء تورغوت أوزال، عام 1985، تم إنشاء مؤسسة دعم وتطوير الصناعات الدفاعية، من أجل تحديث وتطوير القوات المسلحة التركية. “هذه المؤسسة التي تطورت فيما بعد إلى رئاسة هيئة الصناعات الدفاعية، ركزت على برامج الإنتاج المحلي. 

وفي 2004، “عندما كان الرئيس رجب طيب أردوغان رئيسًا للوزراء، نفذت المؤسسة مشاريع مهمة شكلت نقطة تحول في تاريخها”، كما جاء في شهادة رئيس هيئة الصناعات الدفاعية التركية التابعة لرئاسة الجمهورية، إسماعيل دمير.

تضاعفت ميزانية الصناعات الدفاعية في السنوات الأخيرة، لترتفع إلى 60 مليار دولار، ومع استمرار تقدم المشاريع، فقد يرتفع هذا الرقم إلى نحو 80 مليارا.

وتجاوز الإنفاق على البحث والتطوير الذي كان غائبا، 1.5 مليار دولار في عام 2019، وباتت شركات تركية ضمن قائمة كبرى شركات الدفاع بالعالم.

يبدو رهان الاستقلالية الاستراتيجية على وشك التحقيق.

فقد قلصت تركيا بين سنة 2015 و2019 نسبة وارداتها من معدات وتكنولوجيات العسكرية بحوالي 48% مقارنة بالفترة ما بين 2011 و2015. 

في عام 2010، كانت لتركيا شركة واحدة على قائمة أكبر 100 شركة دفاعية في العالم. 

بينما التحقت اثنتان من شركاتها سنة 2020 بتصنيف أكبر مائة صناعة عسكرية في العالم. وتتخصص إحداهما، وهي (FNSS Defense Industries، في المعدات، والأخرى هي Havelsan المتخصصة في البرمجيات.

وأصبحت تركيا ضمن البلدان العشرة التي يمكنها تصميم وبناء وصيانة سفنها الحربية الخاصة بها، كما قالها مفتخرا الرئيس رجب طيب أردوغان، في احتفاله بتدشين الفرقاطة “تي سي جي إسطنبول” مطلع 2021.

والمسيرات أصبحت رمز التفوق الصناعي التركي

ربما كان النجاح الأكبر في الصناعة العسكرية التركية، ذلك الاختراق الهائل في مجال الطائرات بدون طيار ذات الاستخدام العسكري. 

من المسيرة القاذفة بيرقدار Bayraktar TB2، إلى طائرة المراقبة “آقنجي”، صارت تركيا متخصصة في هذا المجال بفضل المهندس سلجوق بيرقدار، الذي أصبح بطلا قوميا وصهرا للرئيس أردوغان. 

من سواحل ليبيا إلى سهول سوريا مروراً بجبال العراق أو أذربيجان، ثم في حرب روسيا على أوكرانيا الآن.. حلّقت مسيرات صُنعت في تركيا لتحسم مواقف صعبة بفعالية وسرعة. 

أصبحت طائرات بيرقدار Bayraktar TB2 “بطل القصة” البارز في الحرب الروسية الأوكرانية، كما تصفها مجلة The Times الأمريكية، بعدما استخدمها الجيش الأوكراني على نطاق واسع في هجماته على القوات الروسية.

الدليل الأكبر على نجاح التقنية التركية في صناعة المسيرات هو أنه تفوقت على المنافسين وفي مقدمتهم الولايات المتحدة. وقد نجحت تركيا في بيع مسيرتها بيرقدار إلى بولندا، وهي عضو بحلف الناتو، متفوقة على بريداتور Predator الأمريكية، التي يبلغ ثمنها 5 أمثال المسيرة التركية.

نتيجة لهذا النجاح، تعمل تركيا على زيادة الاستثمار في مجال الطائرات بدون طيار، وهي تقوم حاليا بتطوير نموذج بحري متخصص في الحرب المضادة للغواصات، وأربعة أنواع مختلفة من الطائرات الأرضية المسلحة، إلى جانب أجهزة يمكن نشرها انطلاقا من قاعدة جوية أو سفينة برمائية.

اختار الرئيس أردوغان موقع تويتر ليعلن أن ميزانية مشاريع الصناعات الدفاعية ارتفع من 5.5 مليارات دولار إلى 75 مليار دولار.

وهذا يعني أن تركيا دخلت في قائمة الدول الأبرز بإنتاج وتصدير الطائرات المسيرة، وأنها بين الثلاثة الكبار في تكنولوجيا الطائرات القتالية بدون طيار.

الاقتصاد في سنوات المعجزة

عانى الاقتصاد التركي بين 1981 وحتى 2003 موجات قاسية من الركود، دفعت بالمنظومة الاقتصادية إلى مراتب متأخرة جدا في قائمة اقتصاديات العالم، لاسيما الأزمة المالية عام 2001 حيث تراجع معدلات التنمية بشكل مخيف وارتفعت نسب البطالة والعجز والتضخم التي تراوحت في عقد التسعينات ما بين 70 – 90%. 

يوصل العجز في الميزانية التركية خلال ذلك العام إلى -16%. 

ووصلت الدّيون العامة إلى -74%.

وتدنّى الدّخل القومي إلى 180 مليار دولار، وهو أدنى مستوىً له منذ عام 1992. 

وتوقف متوسط دخل الفرد عند 2180 دولار سنويا.

وبلغت نسبة الفقر في البلاد 50% مع انهيار العملة الوطنية.

وأعلن 25 بنكاً خاصاً الإفلاس، وحُمّلت أعباء الودائع على الشعب وخزينة الدولة. حيث تمّ إنقاذ 4 بنوك من قبل الدّولة من الانهيار. وتمّ آنذاك تعويض خسائر البنوك التي بلغت 53 مليار دولار من الشعب التركي وخزينة الدولة التركية، وذلك عن طريق فرض 750 مليار دولار كضريبة من أجل تعويض الخسائر. وهذا الرّقم يعادل ضعفي حجم الاقتصاد التركي آنذاك.

وشرع الاقتصاد التركي في الانكماش بنسبة 6% في ذلك العام الصعب.

 مساعدات التنمية الرسمية بالسنة (مليون دولار)

نمور الأناضول تنهض بالاقتصاد التركي

تساهم المدن التركية الواقعة في هضبة الأناضول في الكثير من الانجازات التي حققتها تركيا على مدار العشرين عاما الماضية.

أبرز المدن الصناعية في تركيا داخل هضبة الأناضول

تحتفظ مدينة بورصة بمركزها الأول منذ 12 عامًا ، لكن وزن شركات بورصة في مجموعة نمور الأناضول الــ 500 انخفض إلى النصف خلال 12 عامًا! من 91 شركة إلى 76 في العام الماضي! 

تحتل تجارة الصلب في مدينة هاتاي جنوب شرقي تركيا موقع الصدارة في قائمة نمور الأناضول وخلال العام الماضي صدرت منتجات بـــ ٤ مليارات دولار .

من ناحية أخرى ، زادت غازي عنتاب من وزنها الاقتصادي بشكل مطرد.

قائمة نمور الأناضول

مدينة بورصة : 76 شركة

مدينة غازي عنتاب: 71 شركة

مدينة كوجالي : 44 شركة

مدينة قيصري : 28 شركة 

مدينة كهرمان مرعش : 28 شركة

مدينة قونية: 24 شركة 

مدينة دينيزلي : 23 شركة

مدينة أضنه : 21 شركة

مدينة مانيسا : 16 شركة 

مدينة هاتاي : 14 شركة

مدينة مرسين: 13 شركة 

مدينة سامسون : 13 شركة 

مدينة سكاريا : 12 شركة 

باليكيسير : 10 شركات

في عام 2021 وصلت الصادرات التركية إلى 225 مليار دولار، وساهمت نمور الأناضول في هذا الانجاز مساهمة كبيرة، فقد زادت 78 مدينة تركية صادراتها العام الماضي، وحقق بعضها أرقاما غير مسبوقة، كما زادت 16 مدينة صادراتها بأكثر من 50 %. 

أهم 3 شركات في نمور الأناضول 

في المرتبة الأولى شركة توسشيليك TOSÇELİK من مدينة هاتاي، وتتجاوز قيمتها 11 مليار ليرة تركية.

في المرتبة الثانية شركة ترياقي للصناعات الغذائية” TİRYAKİ AGRO GIDA SANAYI من مدينة غازي عنتاب 

في المرتبة الثالثة شركة كاردمير KARDEMİR من مدينة كارابوك 

أبرز الصناعات الرائدة في الأناضول

الصناعات الغذائية : 127 شركة

صناعة المنسوجات : 98 شركة

صناعة التعدين: 59 شركة

صناعة السيارات: 38 شركة

صناعة الكيماويات: 27 شركة

صناعة الحديد والصلب : 24 شركة

صناعة الطاقة : 14 شركة 

التجارة والخدمات 14 شركة

صناعة البلاستيك 12 شركة

صناعة التعبئة والتغليف: 12 شركة

صناعة الموبيليا : 12 شركة

المجالات التي شهدت “سنوات المعجزة” 

سعى الحزب منذ بداية حكمه إلى إحداث تنمية شاملة في كافة القطاعات، غير أن هناك 6 قطاعات رئيسية احتلت نصيب الأسد في هذه القفزة التي وصفها محللون بـ “المعجزة”:  

 تعزيز القدرة التنافسية والتوظيف

قفزت الدولة في مؤشر التنافسية العالمية للمنتدى الاقتصادي العالمي من المرتبة 61 عام 2002 إلى 45 في 2015.

وفي المرتبة 55 في التصنيف العالمي لممارسة أنشطة الأعمال للبنك الدولي.

سوق العمل

تراجعت نسب البطالة بصورة كبيرة في ظل توسعة رقعة المشروعات التي بدورها تخلق فرص عمل كبيرة، بخلاف ارتفاع الحد الأدنى للأجور ونظام مكافأة نهاية الخدمة.

برنامج التحول الصحي التركي

رفع معدلات الخدمات الصحية المقدمة في تركيا بصورة غير مسبوقة.

الحماية الاجتماعية والقضاء على الفقر

انخفض الفقر من 44% في عام 2002 إلى 22% في عام 2012، وعلى الرغم من ذلك، فإن النسب لا تزال عالية في تصور البعض وبحاجة إلى تعزيز الجهود.

مجال التعليم

زاد معدل الالتحاق بالمدارس إلى معدل يكاد يكون عالميًا بنسبة 96.3%.

مجال الطاقة

أنشأت حكومات العدالة والتنمية سلطة تنظيمية لقطاع الطاقة، وأصلحت أسعارها، وأعادت هيكلة شركات الطاقة المملوكة للدولة بالشراكة مع القطاع الخاص.

ثمار اجتماعية للنمو الاقتصادي

اعتمدت تركيا في بناء اقتصادها على التخطيط والجهد، ولم تعتمد مثلًا على النفط أو الغاز أو غيرها من الموارد التي لا تحتاج إلى تصنيع أو مجهود.

لكنها أصبحت مركزًا استراتيجيًا جاذبًا للاستثمارات لسببين: وفرة وانخفاض تكلفة الأيدي العاملة بالمقارنة مع الاتحاد الأوروبي وأمريكا وكندا وغيرها.

وتوفر الامدادات الحكومية من غطاء لوجستي وبنية تحتية تجذب المستثمرين.

وكان القطاع الخاص التركي حاضرا في مشهد الصعود التاريخي للاقتصاد.

اهتمت الحكومة باستثمارات القطاع الخاص، وعملت على حل مشاكله وكان من أبرز نتائج هذه السياسة خلال المدة من 2002-2008:

1- ارتفاع حجم الاستثمارات الأجنبية بنحو أربعة أضعاف ونصف.

2- ارتفاع حجم الإنتاج في كافة القطاعات الاقتصادية ضعفين.

3- ارتفاع معدلات استخدام رؤوس الأموال من (75%)-(80%).

4- ارتفاع معدلات استثمار القطاع الخاص في المدة المذكورة بنسبة (300%)، أما استثمارات القطاع الحكومي فقد ارتفعت بنسبة (100%).

5- ارتفاع نسبة الاستهلاك في نفس المدة لتصل (39%) في القطاع الخاص و(22%) في القطاع الحكومي.

المواطنون يجنون ثمار النمو الاقتصادي

كل خطوة على الطريق الصحيح يشعر بها المواطن.

في عشرين عاما ارتفعت الرواتب والأجور بنسبة 300%، أي ثلاثة أمثال.

ارتفع أجر الموظف المبتدئ من 340 ليرة، إلى نحو ألف ليرة تركية، وانخفضت نسبة البطالة من 38% إلى 2%.

وفي مجال الإسكان الاجتماعي تم بناء مليون و 170 ألف منزل في السنوات العشرين الماضية

أكبر مشروع إسكان اجتماعي في تاريخ الجمهورية سينفذ باستثمارات 362 مليار ليرة هذا العام، حيث يتم بناء 250 ألف منزل دفعة واحدة لأول مرة وسيتم طرح 100 ألف قطعة أرض للبنية التحتية للبيع للمواطنين الأتراك محدودي الدخل.

الصحة والتحول الكبير منذ 2003

وضعت حكومات حزب العدالة والتنمية لوائح مهمة للغاية في مجال الصحة، والتي تعد واحدة من المشاكل المزمنة في تركيا. 

مع زيادة القوة الشرائية بالتوازي مع التحسن في المؤشرات الاقتصادية، تم الشروع في دراسات لتوسيع قدرات المؤسسات الصحية المؤهلة والوصول إليها على نطاق أوسع من السكان. 

كما أدت الزيادة في معايير الخدمات الصحية في نطاق عضوية الاتحاد الأوروبي إلى زيادة الإنفاق الصحي. مع إطلاق برنامج التحول الصحي في عام 2003، دخل النظام الصحي في عملية تغيير. 

حظيت المستشفيات بالاستقلال الإداري والمالي، وتم تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في مجال الصحة. 

زادت حصة نفقات الصحة العامة في الميزانية منذ عام 2002 كما يظهر في الشكل البياني. 

 حصة نفقات الصحة العامة في الموازنة حسب السنوات (%)

من ناحية أخرى تم إجراء تحسينات في نظام الضمان الاجتماعي في نطاق التأمين ضد البطالة، وكذلك التمييز بين أولئك الخاضعين وغير الخاضعين للضمان الاجتماعي GSS. 

التعليم والإصلاحات الشاملة منذ 2012

منذ عام 2002، تم اتخاذ خطوات مهمة لحل المشكلات الكمية والنوعية لنظام التعليم، والتي كانت واحدة من المجالات الإشكالية في تركيا قبل أزمة عام 2001. 

عملت الحكومة على زيادة معدلات الالتحاق بالمدارس على جميع المستويات، وتغيير المناهج الدراسية واستعادة التعليم المهني. وتم الشروع في عملية إصلاح جادة على البنية التحتية التكنولوجية والمادية للمدارس، وعدد المعلمين، وحجم الفصول، ونسب المعلمين والطلاب. أدت عملية الإصلاح هذه إلى زيادة الحصة المخصصة للتعليم في الميزانية. بالإضافة إلى ذلك، تم اتخاذ خطوات لزيادة معدل الالتحاق بالمدارس في المناطق التي تعاني من قصور اجتماعي واقتصادي.

تم إجراء أكثر الإصلاحات شمولاً في مجال التعليم في عام 2012. وكان من أهم هذه الإصلاحات إلغاء الرسوم في التعليم الابتدائي للجامعات وزيادة التعليم الإلزامي إلى 12 سنة.

وزادت حصة ميزانية التعليم في ميزانية الحكومة المركزية من 10.1% في 2002 إلى 14.6% في 2011.

ارتفع معدل الالتحاق بالمدارس من 5.4%، إلى نحو 30% في 2011.

زاد عدد الطلاب 4.9 مرات في 11 سنة. 

تم افتتاح أكثر من 125 جامعة في تركيا خلال سنوات حكم العدالة والتنمية.

في مدرسة “عاكف أينان” للأئمة والخطباء بمنطقة باشاق شهير في إسطنبول ربيع 2018، كان الرئيس أردوغان يعدد إنجازات حكوماته في مجال التعليم، حين صارح الحاضرين بأن الطريق مازال طويلا، وأن “الإنجازات التي نحققها مهمة، لكنني أعتقد أننا لم نصل بعد إلى المستوى الذي نريده في التعليم والثقافة، وعليه سنُحدِث خلال الفترة القادمة تطورات ستكون بمثابة ثورة في مجال التعليم”.

مشاعل النور التي تضيء دروب المستقبل

منذ فاز في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2002، خاض حزب العدالة والتنمية 14 استحقاقًا انتخابيًا منها 6 انتخابات عامة وانتخابات رئاسية واحدة و4 انتخابات محلية و3 استفتاءات عامة.

ونجح الحزب بالفوز في جميعها. 

ما زال حزب العدالة والتنمية الحزب الأكبر في تركيا، فأقل نسبة يحصلها الحزب في استطلاعات الرأي لا تقل في أسوأها عن 30% من أصوات الناخبين، وما زال الرئيس أردوغان المرشح الأبرز والأهم في الانتخابات الرئاسية المقبلة صيف 2023.

وقبل شهور كان أردوغان يشيد بالإنجازات التي حققتها تركيا في كافة المجالات أثناء حكومات حزب العدالة والتنمية المتعاقبة خلال 19 عاما، حين قال إن حكومات حزبه ساهمت في رفع متوسط نسبة النمو السنوية من أقل من 1% إلى 5.1%.

ورفعت حجم الاستثمارات على أساس سنوي من 8.4 مليارات دولار إلى 167 مليار دولار.

وأضاف: زدنا دخلنا القومي الذي كان 238 مليار دولار، إلى 960 مليار دولار، وعلى الرغم من أنه شهد انخفاضا في السنوات الأخيرة، فإننا سنزيده إلى أكثر من تريليون دولار في أقرب وقت ممكن.

ثم أضاف الرئيس التركي أن “إنجازات الأمس هي مشاعل النور التي تنير دروب الغد. نحن ننظر إلى الأهداف بعيدة المدى ونعمل بحب وكجسد واحد لتحقيقها”.

المصدر : عربي بوست