هل مكان المرأة حقا في المطبخ؟


هل النساء أفضل بطبيعتهن في الطهي من الرجال؟ أنا أعترض على هذا وأعتقد بأن صديقي الحميم يشاطرني الرأي

كيتي كريسب

أما زلنا مهووسين بربط النساء ربطاً وثيقاً بالمطابخ؟ قد أتوقع ذلك من إعلان لـ “أشهى فطيرة على الإطلاق” يعود لأربعينيات القرن الماضي، إذ تظهر ربة منزل مبتسمة ترتدي ثياباً بنقشة نقاط بولكا وأحمر شفاه، وتقف فوق وجبة عشاء يتصاعد منها البخار حضرتها لزوجها المتعب الذي أنهكه العمل، في إشارة إلى أن المرأة المثالية لا تعدو كونها صانعة طعام وأطفال.

لكنني لا أتوقع ذلك من أشخاص مثل “الفتى الذهبي” الشيف جايمي أوليفر الذي قال في مهرجان “تشيلتنهام” للأدب “عندما أكون طاهياً جيداً أفكر كما تفكر النساء”.

أحقاً تقول؟ هل النساء أفضل بطبيعة الحال في الطهي من الرجال؟ أنا أعترض على هذا وأعتقد بأن صديقي الحميم يشاطرني الرأي.

ربما صدر هذا التعليق عن حسن نية، وربما يحاول أوليفر ومن أدلوا بتعليقات مماثلة لتعليقه في الواقع أن يحسن الموقف العام إزاء الطهاة المحترفات اللواتي لا يحظين للمفارقة الساخرة (إذا أخذنا في عين الاعتبار الارتباط الأزلي بين المرأة والمطبخ) بمستوى كاف من التمثيل في هذا القطاع.

لكن مهلكم قليلاً، يجب ألا نضطر إلى القول إن النساء مختلفات عن بعضهن ويتمتعن بمجموعة منوعة وهائلة من نقاط القوة والضعف الشخصية، ولا يملكن خلية دماغ مشتركة بينهن على شكل مطبخ تجعل نكهة الأطباق التي نطهوها أكثر أمومة.

المشكلة مع هذا النوع من الآراء، مهما كانت “عفوية” أو حسنة النية، تكمن في أنها تفرض ضغوطاً إضافية على النساء، فإضافة إلى كوننا “طاهيات أفضل وأكثر طبيعية”، يقال لنا كثيراً إنه من المفترض بنا أن نعتني بالجميع بفضل “صفاتنا الأنثوية الحنونة”.

هذه الآراء تجعل الرجال يبدون أقرب إلى والدة بريدجت جونز [مذكرات بريدجت جونز فيلم بريطاني كوميدي أنتج العام 2001] (وإلى كل رجل يعمل في مكتب حمل النساء في فريقه مسؤولية تنظيم المناسبات الاجتماعية وتحضير الكعك “لأنكن بارعات في هذا المجال”).

اعترف أوليفر بأنه عانى مما سماه متهكماً “إساءة استخدام السقالات” [الانتقادات المسيئة] من عمال على الطرقات أزعجتهم براعته الظاهرية في إثبات أن الرجال قادرون على الطهي بدورهم، ولذلك لا بد أنه يعلم.

ومع ذلك فليس هذا الموقف بجديد من الطهاة، فكثيرون بينهم كانوا يحبون جداً تنميط النساء في السابق.

أتذكرون حين قال ماركو بيار وايت (المغرور صاحب الشعر الأجعد الذي يدس الضفادع في كل شيء) عام 2019 إن الرجال “ليسوا انفعاليين (مثل النساء) ولا يأخذون الأمور شخصياً” في مطبخ محترف؟ وهو ما لا يفسر ولا يبرر طبعاً وجود طاهية واحدة بين كل خمسة طهاة محترفين في عام 2016، لكنني ظننت أن مكاننا هو المطبخ. كم هذا مُربك!

إن قضاء 30 ثانية ليس إلا في مشاهدة بيار وايت وهو يطهو على التلفاز، يظهر بالفعل أن الرجال وغرورهم، فقد يكونون انفعاليين بعض الشيء في المطبخ كذلك. بعض اللقطات مناسبة تماماً لعرضها ضمن برنامج “الحياة السرية للأطفال بعمر الأربع سنوات”The Secret Life Of Four Year Olds .

أتذكرون أيضاً عندما اجتاحت هيستون بلومنتال موجة مفاجئة من الرغبة بعمل الخير عام 2019، فقال إنه “واظب على توظيف طاهيات، ولكن تاريخياً وفي نهاية المطاف تبدأ ساعة الجسد البيولوجية بالعمل. إنه التطور [البشري] كما أن العمل في وظيفة بدوام من التاسعة إلى الخامسة أمر مختلف كلياً عن العمل كطاهية لديها أطفال”.

أفترض إذاً إن قالت لنا حركة التطور [البشري] بأن النساء يجب ألا يعملن، وإن على النساء ألا يعملن. أليس كذلك؟ ففي النهاية تتوقف أجسادنا عن العمل وتجعلنا عاجزات عن العمل بعد الإنجاب، وهو ما سيحدث لنا حتماً في الأخير.

يا ليتنا قادرات على حمل ملعقة من جديد (ولكننا للأسف أنجبنا طفلاً).

هذا الكلام صادر عن رجل تزوج سيدة تصغره بـ 20 عاماً (ربما على سبيل التأكد من أن ساعتها البيولوجية تبقى فيها كثير من الوقت).

كما عبر بلومنتال عن قلقه من أن النساء عاجزات عن “حمل الأشياء الثقيلة” في المطبخ، وهذا ما يلغي القدور من المعادلة كلياً.

لم أعتقد بأن صنع حلوى “الكريم بروليه” creme brulee كانت إحدى الجولات في برنامج أقوى رجال العالم، ثم تابع بقوله إنه يظن بأن “الوضع أحسن بكثير اليوم مما كان عليه منذ 15 عاماً”.

لدي فكرة، لو التزم الرجال أمثال هؤلاء الصمت في شأن قدرات النساء طوال 15 عاماً، فربما يمكن أن تتحسن الأمور فعلياً بالنسبة إلى النساء؟

ومع ذلك لا ينقطع دفق التعبير هذا، كمن وضع غطاء غير مناسب فوق القدر. اسمعوا هذا، بعد أيام قليلة من تعبير أوليفر عن أفكاره الثاقبة أخيراً، قال الشيف البريطاني الشهير على شاشات التلفزة جون تورود عبر مدونة تايبل مانرز الصوتية (بودكاست) Table Manners، “إن طعام النساء ألذ مذاقاً لأن فيه قدراً أكبر من الحب والأمومة”. فلتعذروني ريثما أذهب وأستلقي على أرض المخزن.

هل حقاً هذا ما وصلنا إليه في عام 2022؟ أن نتوقع كل عدة سنوات (أو أسابيع حتى) سماع موجة من الآراء غير المدروسة من ديناصورات المشاهير الذكور حول دور المرأة في المطبخ؟ لا نحتاج لهذه الآراء.

هذه ليست “مجرد دعابة”، بل هي رأي مؤذ، كما أنه من الغريب أن الرجال لا يزال لديهم كثير ليقولونه عن النساء والمطابخ، وإن كان “مكان المرأة” بهذا الشكل الواضح فلماذا لا يتوقفون أبداً عن الجعجعة في شأن هذا الموضوع ويدعوننا نعمل؟

© The Independent