ظاهر العمر الزيداني هل هو او رئيس لدولة فلسطين

ظاهر العمر الزيداني

(1106- 1189هـ)

(1695- 1775م)

ينسب ظاهر بن عمر، الملقب بظاهر العمر، إلى بني زيدان، وهم من عرب فلسطين الذين لعبوا دوراً مهما في تاريخها خلال القرن الثامن عشر. ويقال انهم وفدوا من الحجاز في تاريخ سابق، واستقروا في شمال فلسطين.

ولد ظاهر العمر في صفد*، وكان والده وجده وأعمامه حكاماً في صفد وعكا*. ولكن لم تتوفر معلومات كثيرة عن فنونه، على الرغم من ذيوع شهرته. وتتحدث المصادر عن إمارة قوية أقامها ظاهر العمر في شمال فلسطين، أصبحت على امتداد ربع قرن مصدر إزعاج دائم للولاة العثمانيون في دمشق.

اقتصر حكم الشيخ ظاهر العمر، أول الأمر، على مدينة صفد الحصينة الواقعة وسط الجبال إلى الشمال الغربي من طبرية*. وفي عام 1150هـ/ 1737م كان يعد المدة ويعمل على تحصين مدينة طبرية التي ضمها إلى إمارته، وذلك في سبيل مواجهة والي دمشق. وفي عام 1165هـ/ 1752م بنى سور عكا الجديد. وكان قد ضم عكا إلى إمارته. فأصبحت هذه المدينة حصنه الحصين، وملاذه عند المحن.

وعمد الشيخ ظاهر العمر إلى تعزيز مركزه بالتحالف مع القبائل العربية، وتكليف أبنائه إدارة أجزاء من إمارته. ومن ناحية أخرى فسح في المجال للتجار الأوروبيين كي يفتحوا وكالات تجارية في عكا. كما أنه شارك البدو العرب والقراصنة المالطيين غنائمهم. وروى أن الزراعة* انعشت في عهده وأن الأمن والاستقرار حلاً في ربوع فلسطين.

امتنع الشيخ ظاهر العمر عن تأدية الضرائب*، “الميري” إلى الولاة العثمانيين، وخاص بسبب ذلك معارك طاحنة. فكان ذلك آخر عن نمو سلطته وتصاعد نفوذه. كما أنه أحرز انتصارات كثيرة على القوات العثمانية. ويقول أحد المؤرخين إنه في سنة 1183هـ/ 1769 – 1870م “تظاهرت أمور الشيخ ظاهر العمر” بتحالفه مع علي بك الكبير* المملوكي حاكم مصر، واجتمعنا على عصيان الدولة العثمانية، ومهاجمة والي الشام عثمان باشا الصادق الكرجي، فهزماه.

وقد تعززت العلاقات بين الشيخ ظاهر العمر وعلي بك الكبير بعد المساعدات الأخيرة التي قدمها علي بك. ولكن انقلاب محمد بك أبي الذهب* على سبيله علي بك، واضطرار الأخير إلى اللجوء إلى الشيح ظاهر حول علي بك إلى عبء ثقيل على الشيخ ظاهر العمر. وبالرغم من ذلك كله تلقى الشيخ ظاهر حليفه المغضوب عليه بالحفاوة والتكريم. وتشير بعض المصادر إلى أن الرجلين بعثا برسالة إلى حكومة روسيا القيصرية يحرضانها على حرب الدولة العثمانية، ويطلبان منها مساندة أسطولها لهما. وقد وصلت بالفعل سفن روسية ورست في عكا عام 1185هـ/ 1772م. وطلب الشيخ ظاهر العمر من قائدها تأييد حليفه الأمير يوسف الشهابي على متسلم بيروت أحمد الجزار*، فاضطر الجزار إلى مكانة الشيخ ظاهر العمر والتماس الأمان منه، والوساطة بينه وبين الأمر يوسف الشهابي، فكان له ما أراد.

وهكذا أصبح الشيخ ظاهر العمر سيد فلسطين بلا منازع. وقد دان له الأمراء، وخطب وده الحكام. ويذكر أن والي الشام الجديد. عثمان باشا المصري، أرسل إلى الباب العالي كتاباً يطلب فيه الصفح عن ظاهر العمر، والإنعام عليه بإيالة صيدا على أساس “المالكانة”، أي الالتزام مدى الحياة، فيقوم الشيخ ظاهر العمر يدفع مائة كيس نقداً ( الكيس 500 قرش عثماني) عوضاً عن البقايا التي ما زالت في ذمة إيالة صيدا، وأربعمائة وخمسين كيساً في كل عام عن حصة الدولة في “الميري” ويقوم بتأدية خدمة “الجردة” كالمعتاد. وقد وافقت الدولة العثمانية على الصفح عن الشيخ ظاهر العمر، وأصدر الباب العالي “فرماناً” خاصاً بذلك، ولكنه لم يشر إلى توليته على إيالة صيدا.

على أن الأمور لم تستقم للشيخ ظاهر العمر حتى النهاية، فالظروف والتطورات اللاحقة كانت كفيلة بتصفية الشيخ ظاهر وإمارته. وإذا كانت الدولة العثمانية قد أصدرت فرمانها المشار إليه سابقاً انصياعها للأمر الواقع فإنها كانت تحدوها رغبة قوية لتصفية إمارة الشيخ ظاهر العمر. وقد واتتها الفرصة عندما أرسل حاكم مصر المملوكي محمد بك أبو الذهب إلى الباب العالي يستأذنه في اجتياح فلسطين للقضاء على الشيخ ظاهر العمر المتمرد سابقاً ولاحقاً، والمتطاول على مقام السلطنة، وللتجاسر على خطب ود “أعداء الدين والدولة، حكام روسيا”.

وبالرغم من أن حملة محمد بك أبي الذهب لم تؤت ثمارها كاملة، إذ أدركت المنية أبا الذهب قبل أن ينجز عمله على وجه الأكمل، فقد ثبت للدولة العثمانية أن قوة الشيخ ظاهر قد تضاءلت، وأن عليها أن تسحقه تماماً. وهكذا أصدرت أوامرها إلى أمبر البحر العثماني حسن باشا الجزائري لإتمام ما بدأه أبو الذهب. وقد نجح حسن باشا في تطهير يافا* وعكا وصيدا من أتباع الشيخ ظاهر، كما قامت قوات الدولة العثمانية بملاحقة الشيخ ظاهر وأتباعه في السير الفلسطيني. وفي غضون ذلك انقلب على الشيخ ظاهر أتباعه، فاغتاله أحدهم.

الموسوعة الفلسطينية

المراجع:

–         محمد خليل المرادي: سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر، القاهرة 1301هـ.

–         حيدر الشهابي: الغرر والحسان في أخبار أبناء الزمان، بيروت 1969.

–         أحمد البدري الحلاق: حوادث دمشق اليومية 1154 – 1175هـ/ 1741 – 1786م، القاهرة 1959.

–         عبد الرحمن الجبرتي: تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار، القاهرة 1964.

–         محمد كرد علي: خطط الشام، دمشق 1925.

–         حبيب السيوفي: سورية ولبنان في القرن الثامن عشر (عرض لرحلة فولني)، صيدا 1948.