بعدما كاد العالم أن ينساه.. لماذا عاد “كورونا” مرة أخرى وبقوة؟ 4 أسباب تفسر ذلك

أعربت منظمة الصحة العالمية، عن قلقها من ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا والوفيات، آخذة في الارتفاع حول العالم من جديد، مما يضغط على الأنظمة الصحية، بينما ترتفع الإصابات بما يُعرف بـ”جدري القرود” أيضاً مع أكثر من 10 آلاف حالة تم الإبلاغ عنها في أكثر من 60 دولة حتى الآن. فلماذا عاد فيروس كورونا مجدداً بهذه القوة؟

1- متحورات جديدة من “كورونا” تنتشر بسرعة كبيرة

يقول تيدروس غيبريسوس، رئيس منظمة الصحة العالمية، إن الاتجاه المتزايد لوفيات COVID-19 – يضع مزيداً من الضغط على النظم الصحية والعاملين الصحيين المرهقين، مشيراً إلى أن لجنة الطوارئ بشأن COVID-19 اجتمعت الأسبوع الماضي، وخلصت إلى أن الفيروس لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقاً دولياً”، وأشار إلى أنه في أعلى مستوى تأهب لمنظمة الصحة العالمية.

وبحسب تيدروس، فإن اللجنة أعربت عن قلقها من أن المتغيرات الفرعية من omicron، مثل BA.4 و BA.5، تستمر في دفع موجات من الإصابات وحالات الوفاة في جميع أنحاء العالم.

وأعرب خبراء الصحة حول العالم عن قلقهم مع تزايد إبلاغهم عن قدرة متحور أوميكرون بي إيه 5، متحور فيروس كورونا الأكثر انتشاراً في الوقت الحالي في الولايات المتحدة وخارجها، على تكرار إصابة الأشخاص بالعدوى خلال أسابيع من إصابتهم السابقة بالفيروس، بحسب صحيفة The Independent البريطانية.

كورونا حاسة الشم الصين
فرق طبية تجري فحوصات لكورونا في العاصمة الصينية بكين مع انتشار متحورات جديدة- Getty Images

إذ قال أندرو روبرتسون، كبير مسؤولي الصحة في غرب أستراليا، لموقع News.com.au إنه رغم الاعتقاد الشائع سابقاً بأن الأشخاص يكتسبون مستوى معيناً من الحماية ضد العدوى في حالة حصولهم على اللقاح، أو يكتسبون مناعة طبيعية عند تعرضهم للعدوى منذ فترة وجيزة، لم يعد هذا هو الوضع مع سلالة المتحور الجديد.

ووفقاً للصحيفة البريطانية، فإن المتحورين الجديدين  بي إيه 4 وبي إيه 5  أثبتا قدرتهما على إصابة الأفراد الذين كانت لديهم مناعة قوية ضد عدوى كوفيد-19 سابقاً، وهو ما دفع بعض الخبراء إلى اعتبار هذه السلالة الأخيرة هي الأكثر قدرة على الانتقال حتى الآن.

اللقاحات لا تؤثر على المتحورَين الجديدَين

الأسبوع الماضي، نشرت مجلة Science دراسة أكدت على الحقيقة المثيرة للقلق، وهي تكرار إصابة العديد من الأشخاص بالعدوى، وذكرت أن المتحورَين الجديدَين لديهما القدرة على تفادي الحماية التي اكتسبها الأشخاص من أي عدوى سابقة أو لقاحات.

في الدراسة أوضح داني ألتمان، أستاذ المناعة، كيف تابعوا أفراداً حصلوا على ثلاث جرعات من اللقاح وآخرين تعرضوا لعدوى قوية خلال الموجات السابقة لمتحور أوميكرون. وكتب ألتمان، في صحيفة The Guardian: “أتاح لنا ذلك التحقق مما إذا كان متحور أوميكرون يعزز المناعة ضد عدوى كوفيد بشكل طبيعي، كما يتمنى الجميع، لكن تبين أنه ليس كذلك”.

وتابع دكتور ألتمان: “كانت استجابة معظم الأشخاص للأجسام المضادة لمتحور أوميكرون، حتى من تلقوا ثلاث جرعات من اللقاح، أقل 20 مرة من الاستجابة التي سُجلت ضد سلاسة ووهان الأولى، ما يعني أن عدوى أوميكرون لا تسهم في تعزيز المناعة ضد أي عدوى مستقبلية بمتحور أوميكرون”.

كما يؤكد بحث دكتور ألتمان ما توصلت إليه العديد من الدراسات المنشورة خلال الأسابيع الأخيرة، وتحذِّر من قدرة المتحور الجديد على تفادي المناعة الطبيعية المكتسبة من العدوى السابقة ومن اللقاحات.

لكن في الوقت نفسه، لا يعني ذلك عدم استخدام اللقاحات أو اعتبارها مضيعة للوقت والجهد، حيث تخفف اللقاحات -في أسوأ الأحوال- من أعراض الإصابة بالمتحورات الجديدة بشكل كبير.

تراجع الإجراءات الاحترازية من الفيروس

في الوقت نفسه، فإن تراجع العديد من الدول حول العالم عن الإجراءات الاحترازية عبر رفع جميع القيود والإغلاقات، وحتى إقرار عدم إلزامية لبس الكمامات حتى في المستشفيات، يؤدي إلى هذا الانتشار الكبير من الإصابات، خصيصاً مع ازدحام المطارات بالمسافرين وحركة السفر النشطة خلال فصل الصيف.

كما تقول منظمة الصحة العالمية، إن مراقبة الفيروس من قبل الحكومات انخفضت بشكل كبير، بما في ذلك الاختبارات الدورية للفيروس، مما يجعل من الصعب بشكل متزايد تقييم تأثير المتغيرات على انتقال المرض وخصائص المرض وفعالية الإجراءات المضادة والاحترازية.

العديد من الدول حول العالم ألغت إلزامية الكمامات، تعبيرية/ shutterstock

عدم المساواة في توزيع اللقاحات

في الوقت ذاته، تقول صحيفة Guardian البريطانية، إن الهدف الدولي لتطعيم 70٪ من سكان العالم ضد كوفيد بحلول منتصف عام 2022 قد غاب مؤخراً، لأن البلدان الفقيرة كانت في “الجزء الخلفي من قائمة الانتظار” عندما تم طرح اللقاحات.

وتُظهر أحدث الأرقام من منصة Our World in Data تفاوتات هائلة في معدلات التطعيم حول العالم، حيث تم تلقيح واحد فقط من كل سبعة أشخاص في البلدان منخفضة الدخل. بالمقارنة، تم تطعيم ما يقرب من ثلاثة من كل أربعة أشخاص في الدول ذات الدخل المرتفع لمدة عام تقريباً.

ووفقاً لأرقام Our World in Data، اعتباراً من 10 يوليو/تموز، تم تلقيح 15.8٪ فقط من الأشخاص في البلدان منخفضة الدخل، مقارنة بـ55٪ في البلدان ذات الدخل المتوسط ​​الأدنى، و73.5٪ في البلدان المرتفعة الدخل.

ويدعو نشطاء ومنظمات إلى دفع متجدد لزيادة تناول اللقاح على مستوى العالم لإبطاء انتشار الفيروس ومنع المتغيرات المستقبلية. وتأتي دعوتهم في الوقت الذي قالت فيه منظمة الصحة العالمية هذا الأسبوع إن إصابات “كورونا” تضاعفت ثلاث مرات، وتضاعفت حالات العلاج في المستشفيات في الأسابيع الستة الماضية، حول العالم.

ونظراً لأن اللقاحات الأولى تم طرحها في جميع أنحاء العالم في عام 2020، كان على البلدان منخفضة الدخل الانتظار شهوراً طويلة لتلقي الجرعات من خلال نظام مشاركة لقاح Covax، أو من مانحين آخرين، حيث اشترت الدول الغنية نصيب الأسد من اللقاحات المتاحة.

عندما وصلت اللقاحات، كانت الجرعات في بعض الأحيان قريبة من تاريخ انتهاء صلاحيتها، أو غير كافية لتلبية متطلبات المراكز الصحية. وتقول مازة سيوم، من تحالف “الجنوب العالمي للقاحات”: “إن هذا ترك الناس محبطين ومترددين في العودة إلى مراكز التطعيم”.

وأضافت لصحيفة الغارديان أن الوباء، والقضايا الاقتصادية المصاحبة له، تجعل الأمر صعباً عندما تطلب من الناس تلك البيئة لاستغلال قدر كبير من الوقت من جني الأموال للوقوف في طابور للحصول على لقاح.

عربي بوست