المزارع العمودية سبيل اكتفاء المدن

المصدر:

البيان – دبي- وائل نعيم

هل فكرت يوماً كيف تغيّر مكان المزرعة من خلال اعتماد المزارع الممتدة رأسياً، والزراعة في الأماكن المغلقة، التي تتيح للمدن أن تطعم نفسها بنفسها، دون الحاجة إلى نقل الغذاء عبر المسافات وتبديد الموارد في سبيل ذلك، حيث يمكن إنشاء مزارع في محيط الشخص المحلي كحديقة المنزل، وكذلك الحال بالنسبة إلى الشرفات، وحتى عتبات النوافذ. يستعرض جناح الاستدامة «تيرا» في إكسبو 2020 دبي نموذجاً للمزارع الرأسية، والتي يمكنها توفير الغذاء لمليارات إضافية من البشر في المستقبل بدون أي فقدان للتنوع الحيوي أو التوسع في المساحات المزروعة.

تلبية الاحتياجات

وتعتبر الزراعة الرأسية أو العمودية وسيلة تسهم في تلبية حاجات الشعوب التي باتت تتجه بشكل كبير نحو السكن في المدن، في وقت تشير فيه توقعات الأمم المتحدة في هذا الشأن إلى أن 86% من سكان الدول النامية سيقطنون المدن عام 2050، وهذا بدوره سيزيد من الضغط على الموارد، وتأتي هنا الزراعة الرأسية لتسهم في تلبية هذه الموارد، إذ تعمل على توفير الغذاء حتى في مختلف الظروف الجوية. وبحسب الأمم المتحدة يعاني نحو 800 مليون شخص في جميع أنحاء العالم من الجوع. وسيبقى نحو 650 مليون شخص من سكان العالم يعانون من نقص التغذية بحلول عام 2030.

زيادة الإنتاج

وتعتبر الزراعة الرأسية ممارسة إنتاج الطعام على الأسطح المائلة رأسيا، بدلاً من زراعة الخضروات وغيرها من الأطعمة على مستوى واحد، كما هو الحال في الحقول أو بيوت الدفيئة، وتنتج هذه الطريقة أغذية في طبقات مكدسة رأسياً مدمجة بشكل شائع في هياكل معينة مثل ناطحة سحاب أو حاوية شحن أو مستودع مُعاد استخدامه، والهدف الأساسي لهذا النوع من الزراعة هو زيادة إنتاج المحاصيل في مساحات محدودة، وهذا أمر مهم للغاية في ظل تزايد الطلب على الغذاء بسبب تزايد عدد السكان، إلى جانب تناقص الأراضي الصالحة للزراعة باستمرار، والذي يعتبر أحد أكبر التحديات التي تواجهنا، ويعتقد الكثيرون أن الزراعة العمودية يمكن أن تكون الحل لهذا التحدي.

إيجابيات

لا تقتصر عملية الزراعة العمودية على زيادة الإنتاج في منطقة زراعة صغيرة، بل تتعدى ذلك لتكون أحد حلول الاستعداد للمستقبل لمواجهة تحدي نقص الأغذية، فبحلول عام 2050، من المتوقع أن يعيش حوالي 80 % من سكان العالم في المناطق الحضرية، وهذا بدوره سيؤدي إلى تزايد عدد السكان وزيادة الطلب على الغذاء، ويلعب الاستخدام الفعال للزراعة الرأسية دوراً مهماً في الاستعداد لمثل هذا التحدي، وبما أن الزراعة الرأسية تعزز إنتاج المزيد من المحاصيل من نفس مساحة منطقة النمو، وتسهم زراعة فدان واحد من المساحة الداخلية بتوفير إنتاج يعادل ما لا يقل عن 4-6 فدانات من الزراعة في الهواء الطلق، و يمكن أن ينتج عن مبنى مكون من 30 طابقاً مساحته 5 فدانات ما يعادل 2400 فدان من الزراعة الأفقية التقليدية، كما يمكن إنتاج المحاصيل على مدار السنة في بيئة داخلية، والتي يتم التحكم فيها بالكامل من خلال تقنيات الزراعة الرأسية، ومن إيجابيات الزراعة الرأسية أنها تتيح إنتاج محاصيل تحتوي على 70 إلى 95 % من المياه أقل مما يلزم الزراعة العادية.

صديقة للبيئة

وتتميز للزراعة العمودية الداخلية بأنها صديقة للبيئة، وتقلل إلى حد كبير من المخاطر المهنية المرتبطة بالزراعة التقليدية، إذ لا يتعرض المزارعون للمخاطر المتعلقة بمعدات الزراعة الثقيلة والأمراض بسبب المواد الكيميائية السامة وما إلى ذلك، لأنها لا تستخدم أبداً مع الحيوانات والأشجار في المناطق الداخلية، لذلك فهي جيدة للتنوع البيولوجي.

وبحسب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة أصبحت الزراعة العمودية لا تقتصر على البلدان المتقدمة، ففي كمبالا، يكدس السكان المحليون صناديق خشبية حول غرفة تسميد مركزية.