الإدارة المحلية واللامركزية فرص وتحديات

د. أسمهان ماجد الطاهر

في إطار التطور أرت الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الجارية في الأردن تم إصدار قانون البلديات والذي وسع كثيرا من نطاق اللامركزية الإدارية في نطاق تكوين وعمل المجالس البلدية والمحلية.

يتضمن ذلك عمل برامج تركز على الحكم المحلي واللامركزية. إن تصميم برامج الإدارة المحلية في الأردن كان يهدف إلى المساعدة في تطوير القدرات الوطنية من خلال صياغة السياسات وتقديم الخدمات وإدارة الموارد، وزيادة مشاركة المواطنين وتمكين المجتمع؛ وتقليل أشكال الإقصاء التي تمنع النساء والفقراء من المشاركة الكاملة في التنمية المحلية.ولم يكن أدراك مفهوم التحول نحو اللامركزية سهل التناول كقطعة حلوى جاهزة.

لقد بدا التوجه نحو اللامركزية في الأردن، على شكل برامج إصلاح مؤسسي.والسؤال القوي الذي يجب طرحه هل نضجت فكرة اللامركزية في الإدارة المحلية في الأردن وحققت إنجازات أو نتائج إيجابية يبنى عليها!لمناقشة ذلك لا بُدّ من الإشارة إلى أن اللامركزية في الأردن مؤخرا كانت جزءً من عملية أوسع للإصلاح السياسي الذي قادتها اللجنة الملكية بهدف الوصول إلى النضوج في القوانين السياسية.

برأيي الشخصي يحتاج نظام اللامركزية في الأردن لمزيد من النضج في الأنظمة القانونية التي تساعد على الشفافية والمساءلة، كما يحتاج إلى الدعم الفعال والمتساوي للخدمات العامة، وحماية حقوق الإنسان، على أن يقترن ذلك بالاعتراف المتزايد بقيمة جهود التنمية اللامركزية محليًا في الحد من الفقر كأولوية.

إن أهم تحدي يواجهنا في الأردن هو الاختلافات بين السياسة الموضوعة والممارسات الفعلية، فالنموذج الإداري بالطبع يبدو لَامَرْكَزِيًّا على الورق، بينما في الواقع يظل يعمل بشكل مركزي، وعلي الرغم من إنشاء هياكل حكومية محلية، لكنها تفتقر إلى المشاركة المحلية الحقيقية.ومن منظور علمي بحت يمكن أن يعزى ذلك إلى القدرات السياسية والتقنية والمؤسسية والإدارية والمالية وغيرها من القدرات التي تؤثر على اللامركزية تتفاوت في المناطق المحلية، كما وقد تتعارض مع مصالح وقدرات مجموعات في المجتمع المدني والقطاع الخاص، مما يحتاج إلى معالجة شمولية في القوانين وطبيعة التشارك.

لا بُدّ من تطوير وتحديث نظام اللامركزية بطرق ومختلفة من خلال إعادة النظر بالقوانين مع إدراك تام للتفاوت والاختلاف بين المناطق والمحافظات عند تشكيل المجالس المحلية والبلدية، ولا بدّ من وجود وعي كافي للأهمية الاستقلال في القضايا المالية، ومراعاة الاختلافات بالبرامج المطروحة في المناطق الريفية والحضرية.

في الأردن نحتاج إلى إعادة تشخيص للوضع في المحافظات والمناطق وفق المتغيرات السريعة والظروف وبالذات بعد الأضرار الناجمة عن كوفيد19، بهدف وضع المشاريع المناسبة ومراقبتها، وتطوير القدرات بكل منطقة وفق ظروفها المتاحة حاليا.

إضافة لذلك تطوير ونضوج اللامركزية بالأردن يحتاج إلى حوكمة محلية، وتحديد واضح للقدرات والتهديدات المحلية الملحة، مما يحتم إعادة النظر في التخطيط الحضري والقروي، وتحسين التشاركية وأنظمة الاستجابة للطوارئ، إضافة إلى تقوية المشاركة المجتمعية.

إن تقليل معدل الفقر، والتغلب على محدودية الموارد والحضور السياسي، هي أهداف أساسية يجب العمل عليها من أجل الانتقال من مرحلة التعافي من الأزمات إلى الوقاية منها ثم السيطرة من خلال برامج تقودهاالمجالس البلدية والمحلية.تحدي فريد واحتياجات متنوعة تحتاج إلى سياسات وبرامج لامركزية واضحة، على أن يتم تقويتها مع المؤسسات المحلية، لتعزيز التحول الديموقراطي نحو اللامركزية.مقال قد يتبع بالمزيد بنفس الإطار. حمى الله الأردن

a.altaher@youthjo.com