الإعلام العربي الجديد.. (3)

المصدر:

فيصل محمد الشمري

الامارات اليوم

«قلبي اطمأن».. برنامج إنساني عُرض للمرة الأولى في 13 مايو 2018، وحقّق أعلى نسب مشاهدةٍ وتفاعل، وبدأ عرضه في قناة الشارقة، ثم انتقل إلى قناة أبوظبي، ومنها إلى قنوات أخرى، كما حقّقت قناته على «يوتيوب» YouTube أعلى نسب مشاهدة لمحتوى عربي.

فالـ«غيث» الإماراتي منظومة وفريق عمل إنساني، سعت إلى مساعدة المستحقين، إذ يتم عرض حالاتٍ اجتماعية واقعية، تتم مساعدتها في بلدانٍ مختلفة، ويُقدم البرنامج 30 حالة إنسانية في رمضان من كل عام، في وقت تم فيه عرض أربعة مواسم حتى الآن.

تعمد مُقدمو البرنامج إخفاء شخصية «غيث» للتركيز على عمل الخير. وقد حقق البرنامج 9.4/10 على موقع «IMDB»، و97% من مستخدمي «غوغل» أعجبوا بالبرنامج، فالمحتوى الإنساني، والرسالة النبيلة السامية طاغية، فلا إسفاف ولا بذاءة بغرض الشهرة كما يفعل البعض، وهي الرسالة الأنبل التي نتمنى أن يعمل عليها المؤثرون كافة.

وقد حققت قناة الـ«يوتيوب» نسب مشاهدة زادت على 30 مليون مشاهدة لأول ثماني حلقات للعام الجاري، وبلغ عدد المتابعين 3.5 ملايين متابع في 2020-05-26، كما أن هذا النموذج الإماراتي النبيل حقق في 27 إبريل 2020 المرتبة الثالثة في «Google search»، مع ما يزيد على 10 عمليات بحث، وما يقارب 571 ألفاً و748 انطباعاً على «تويتر».

قصة هذا النجاح الإماراتي الإيجابية ليست الوحيدة، فهناك خالد العامري وزوجته سلامة محمد، وهما صانعا محتوى إماراتيان، فخالد لديه 1.8 مليون متابع على «إنستغرام»، و احتفل أخيراً بمليون متابع على «يوتيوب»، ولدى زوجته 1.2 مليون متابع على «إنستغرام»، وبدأت خطة لصناعة مواد التجميل، ويناقشان موضوعات متنوعة بإطار ترفيهي هادف من الأسرة إلى حماية الطفل، ويتضمن عملهما الاحترافي دعاية مهنية بأسلوب حديث ومتجدد.

قد يتساءل البعض عن أهمية التركيز على صناعة المؤثرين ودورهم، لذلك طرحنا بعض النماذج السلبية والإيجابية كبداية، أما أثرهم المجتمعي فلايزال يحتاج إلى دراسات اجتماعية، فتقليدهم أصبح نمطاً سلوكياً شائعاً.

وعلى الصعيد المالي، فإن تقديرات سوق إعلانات المؤثرين يقدر بـ13.8 مليار دولار متضاعف عن تقديراته في عام 2019. وأشارت الأرقام إلى أنه لم يزد على 1.7 مليار دولار عام 2016، فماذا حدث وأدى إلى هذا الأثر والقيمة المتزايدة لهذه السوق والصناعة الحديثة؟

إن توقعات الإنفاق على التسويق عبر المؤثرين في الولايات المتحدة في عام 2021 إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 3.7 مليارات دولار، كون المؤثرين أثبتوا قدرتهم على تعزيز ظهور العلامة التجارية، وزيادة المشاركة، والتأثير في قرارات الشراء لملايين المستخدمين، ولهذا، فإن من المتوقع أن يزداد الإنفاق القائم على تعاون المؤثرين، وأن يكتسب المزيد من السرعة والضخامة في المستقبل.

ووفقاً لاستطلاع حديث، فقد بقي «إنستغرام» المنصة الأكثر شعبية للتسويق المؤثر في جميع أنحاء العالم. وفي عام 2020، تجاوز حجم سوق المؤثرين العالميين على «إنستغرام» الملياري دولار للمرة الأولى. كذلك تزداد شعبية المنصات القائمة على الفيديو مثل «TikTok» بين المسوقين، ففي عام 2020 ارتفع عدد المؤثرين من نحو 35.5 ألف مؤثر إلى أكثر من 106 آلاف.

إن الجهود الحكومية الحثيثة لتبني مفاهيم متطورة للتسويق، سبقت القطاع الخاص لدينا، ودلالة ذلك جائزة الاتصال الحكومي، وجائزة أفضل جهة في مجال تقديم الخدمة، ضمن جوائز الجيل الرابع للتميز المؤسسي 2.0، وكذلك ممكنات الحكومة الذكية التي تقيسها «TDRA»، والتي تتضمن قياس استخدام قنوات التواصل الاجتماعي للتوعية والتعريف بالخدمات، كما أن العمل على استخدام المؤثرين والتعاون معهم لأهداف نبيلة، بدأته جهات متميزة مثل وزارة الداخلية، ممثلة في مركز وزارة الداخلية لحماية الطفل، الذي تشرّفت بتأسيسه عام 2010، وتضمنت أعماله تعاوناً مع نجوم لامعة لأغراض إنسانية، وبشكل تطوعي نبيل، مثل النجم حسين الجسمي، والفنانة أنغام، وشاعر الوطن علي الخوار، حين أطلقوا أول أوبريت غنائي عربي عام 2012 عن مخاطر الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت. وقد حقق أثراً غير مسبوق في التوعية، فاجأني شخصياً، رغم كوني صاحب الفكرة، وكذلك الفنان طارق العلي والإعلامي مصطفى الآغا في التسويق لـ«تطبيق حمايتي»، وكذلك التصويت لجوائز القمة العالمية لمجتمع المعلومات والمعرفة، وكل تلك الجهود قاموا بها بدافع ذاتي نبيل دون مقابل.

إن هذه الممارسات والنماذج المنيرة تطغى على أمثلة سلبية رثة عدة، وتضع مسؤولية أخلاقية على المعلنين في اختيار النماذج الإيجابية المشرفة فقط للإعلان، وتضع تحديات أمام الجهات المنظمة للإعلانات، لاعتماد المؤثرين المستحقين للعمل الإعلاني، كما أن سمة «المؤثر» ليست سمة عادية، بل تضع مسؤولية كبيرة على عاتق المعنيين، وتتطلب تطوير ميثاق ملزم لهم حول المحتوى الذي يصنعونه.

مستشار إداري وتحول رقمي وخبير تميّز مؤسسي معتمد