الدولار الأمريكي يتجه لدخول عالم العملات الرقمية قريباً

يدخل الدولار عصر التشفير، وتوشك الحكومة الأمريكية على إعطاء أوضح إشارة حتى الآن حول كيفية حدوث ذلك.

ستأتي التوجيهات الإرشادية من خلال ثلاثة تقارير قيد الإعداد تتعلَّق بالجهود العامة والخاصة لرقمنة العملة الاحتياطية العالمية. أما التقرير الأول؛ فهو بحث سيصدر عن الاحتياطي الفيدرالي الشهر الجاري عن نظام المدفوعات الأمريكي الذي من المتوقَّع أن يوفِّر توجيهاً بشأن ما إذا كان ينبغي على الدولة إصدار ما يسمى بالعملة الرقمية للبنك المركزي.

بعد فترة وجيزة، سينشر الاحتياطي الفيدرالي في بوسطن بحثاً طال انتظاره، ورمزاً لحاسوب مفتوح المصدر حول التكنولوجيا التي يمكن أن تدعم الدولار الرقمي.

وأخيراً، من المقرر أن يصدر فريق عمل الرئيس المعني بالأسواق المالية توصيات سياسية حول كيفية تنظيم “العملات المستقرة”، التي هي في الواقع دولارات رقمية أنشأتها الشركات الخاصة.

خارطة طريق


ستوفِّر هذه التقارير الثلاثة معاً خارطة طريق للمجتمع المالي الأوسع حول رؤية الاحتياطي الفيدرالي، وحكومة بايدن لمستقبل الدولار الرقمي، ومدى تبنيهما لعملة رقمية، وأسوار الحماية التي قد يرونها ضرورية لحماية الأفراد والمستثمرين فيما أصبح الآن يعدُّ مجالاً غير منظَّم إلى حدٍّ كبير من السوق.

وما كان يُنظر إليه في السابق على أنَّه مشروع بعيد، اكتسب إحساساً متزايداً بالإلحاح بعد أن ارتفعت قيمة الأصول الرقمية إلى حوالي 2 تريليون دولار، ومع مضي دول أخرى، مثل الصين، قدماً بسرعة في خططها الخاصة بعملاتها الرقمية السيادية.

قال جوش ليبسكي، مدير مركز “جيو إيكونوميكس” التابع للمجلس الأطلسي، عن الدولار الرقمي الذي قد يصدره الاحتياطي الفيدرالي: “لقد تحوَّل هذا من “فكرة مثيرة للاهتمام ” قبل بضع سنوات، إلى”الحاجة إلى مشروع تجريبي”.

تباين الآراء
ومن المتوقَّع أن يركِّز بحث الاحتياطي الفيدرالي على نظام المدفوعات الأمريكي، بالإضافة إلى الآفاق المحتملة لعملة رقمية صادرة عنه.

وعلى مدى الأشهر العديدة الماضية؛ انقسم المسؤولون في البنوك المركزية الأمريكية حول ما إذا كان إطلاق دولار رقمي خطوة حكيمة، ووصف نائب رئيس الفيدرالي لشؤون الإشراف، راندال كوارلز، فوائده بأنَّها “غير واضحة”، فضلاً عن أنَّ مخاطره “كبيرة وملموسة”.

يقول مؤيدو إنشاء عملات رقمية تابعة للبنوك المركزية، إنَّها قادرة على تسريع المدفوعات، وخفض التكاليف، وزيادة الوصول إلى النظام المالي لمَن لا يتعامل مع البنوك.

ومع ذلك؛ هناك مخاطر أيضاً، وأصدرت مجموعة من البنوك المركزية العالمية، بما في ذلك الاحتياطي الفيدرالي، وبنك إنجلترا، والبنك المركزي الأوروبي، تقريراً، الأسبوع الماضي، يحذِّر من أنَّ عملات البنوك المركزية الرقمية قد تؤدي إلى تفاقم مشكلة التكالب على سحب الودائع من البنوك من خلال تسهيل تصفية الأموال من قِبل المودعين أثناء أزمة.

العملات الرقمية للبنوك المركزية ستُحدث ثورة في السياسة النقدية

تشريع من الكونغرس
وقد يستغرق الإصدار النهائي لعملة رقمية مدعومة من بنك مركزي سنوات، وقد يفضِّل الفيدرالي أن يمرر الكونغرس تشريعاً يصرح بإصدارها، بحسب ما قال رئيس الفيدرالي، جيروم باول.

قال ليبسكي من المجلس الأطلسي، إنَّ البحث الثاني، الصادر عن الفيدرالي في بوسطن، يمكن أن يبدأ في وضع معايير تكنولوجية ستكون مهمة، ليس لطرح عملة رقمية أمريكية فقط؛ ولكن للعملات الأخرى التي يتمُّ تطويرها بالفعل في جميع أنحاء العالم.

وأضاف ليبسكي أنَّ التكامل مع نظام المدفوعات الأمريكي أمر بالغ الأهمية لاقتصادات معظم الدول، مما يعني أنَّ أي توجيه يقدِّمه الفيدرالي حول ما يجب فعله بشأن مقايضات الخصوصية والسمات الأخرى قد تؤدي في النهاية إلى تشكيل الجهود الخارجية.

ملياردير أمريكي: هوس العملات المشفرة “دعوة جهادية” ضد الدولار

دولار رقمي خاص
و برغم أنَّ العملة الرقمية الرسمية للولايات المتحدة – إذا تحقَّقت بالفعل – ستستغرق سنوات حتى تظهر، فقد أطلقت مجموعة من الشركات الخاصة، بما في ذلك “تيثر إنترناشيونال”، و”سيركل إنترنت فاينانشال”، إصداراتها الخاصة، وبلغت قيمة رموزها المتداولة حالياً أكثر من 120 مليار دولار.

وهذا الاتجاه سيتناوله البحث الثالث، الذي سيصدر عن فريق عمل الرئيس المعني بالأسواق المالية، وهم مجموعة من قادة الوكالات الأمريكية، بما في ذلك الفيدرالي، ووزارة الخزانة الأمريكية.

وأعرب المسؤولون الفيدراليون عن قلقهم من أنَّ احتياطيات بعض العملات المستقرة تُستثمر في أصول مثل: سندات الشركات، والأوراق المالية ذات الصلة، التي يمكن أن تواجه ضغوطاً شديدة إذا فقد المستثمرون الثقة، وحاولوا تسييل عملاتهم المستقرة في وقت واحد.

وشبَّه باول ورئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات، غاري غينسلر، العملات المستقرة بصناديق أسواق المال، التي تسعى أيضاً إلى الحفاظ على قيمة دولار واحد، لكنَّها فشلت أحياناً في أوقات الأزمات.

قواعد للعملات المستقرة
ومن المتوقَّع أن يوصي التقرير بلوائح تشبه القواعد المصرفية لمقدِّمي العملات المستقرة، وأن يمرر الكونغرس مشروع قانون لإنشاء نوع جديد ومحدود من المواثيق للسماح للبنوك المشفَّرة بإدارة العملات المستقرة كودائع، كما قال مسؤول كبير مشترك في إعداد التقرير.

ومن شأن هذا التنظيم أن يحدَّ مما يمكن أن يفعله مقدِّمو العملات المستقرة باحتياطياتهم، ويقلِّص أرباحهم تحت مسمى الحماية الأكبر للمستثمر، وتخطط بعض شركات العملات المستقرة في الولايات المتحدة، مثل شركة “سيركل”، و”باكسوس تراست” إما نحو السعي لامتلاك نوع ما من الميثاق المصرفي، أو أنَّ لديها واحداً بالفعل.

وفي المقابل، اختارت “تيثر” – مُصدرة أكبر عملة مستقرة مدعومة بالدولار الأمريكي – حتى الآن محاولة تجنُّب اللوائح الأمريكية، وإغلاق منصتها أمام معظم العملاء الأمريكيين.

وأحاط المسؤولون في وزارة الخزانة موظفي الكونغرس بعملهم الأسبوع الماضي، وقالوا، إنَّهم يستهدفون إصدار تقريرهم في الأسابيع المقبلة، وفقاً لشخص مطَّلع على الإحاطة.

وقال “باركليز” في تقرير بحثي صدر في سبتمبر يحلل الحجة لإصدار عملة رقمية أمريكية، إنَّ الفيدرالي ستكون لديه “ميزة تنافسية هائلة” على الرموز المستقرة الخاصة إذا أطلق الدولار الرقمي الخاص به.

وقال تقرير “باركليز”: “إلى جانب التنظيمات؛ ستزاحم عملة الفيدرالي الرقمية الإصدارات الخاصة من العملات المشفَّرة”.