الصحافه بين معادلة الحقيقة وفتوى حماية المواطن

بقلم: د. زيد احمد المحيسن

على الصحافة ان تقول كلماتها بحرية وبدون وجل او خوف من احد، وفي نفس الوقت على الحكومة حماية المواطن من الاخبار الكاذبة.. فالاخبار الكاذبة هي سمة لبعض الصحف الصفراء وبعض المواقع الاعلامية الالكترونية، وهي تعمل على تشويش المشهد العام من خلال خلق ضوضاء فكرية وثقافية ومن خلال بث افكار بالية، او الترويج لعلاقات طائفية او عنصرية مقيته و سامة وعادات سيئة تتنافى مع قيم المجتمع واعرافه وتقاليدة المتألف عليها بين الناس منذ عقود، فتدخل الحكومة في الصحافة والاعلام بشكل عام في بعض الاوقات من خلال وضع التشريعات الناظمة يأتي من باب حماية المواطن والمجتمع من اضرار الاخبار الكاذبة، وان كان البعض لايقر مثل هذه الاجراءات وذلك من مبدأ باب الحقوق والحريات العامة بانواعها المختلفة، وانا واحد من هؤلاء الذي لا يؤمن بالقيود ضد الصحافة ومن مبدأ لا سلطة على الصحافة الا الصحافة نفسها ومهنيتها وضمير الصحفي الحي.

فحرية التعبير هي حق أساسي من حقوق الإنسان كما نصت عليها شرعة حقوق الانسان، وتفضي هذه الحرية الى حرية الوصول إلى المعلومات والمتمثل في تمكين الناس مع الاطلاع على مجريات الامور العامه بكل يسر وشفافية، وهذه الاجراءات تساعد الناس على التحكم في مسار حياتهم الخاصة والعامة . ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال الوصول إلى معلومات دقيقة ونزيهة وحيادية، ممثلة لتعدد الآراء والوسائل الاعلامية الناقلة للاخبار والاحداث وللتواصل تواصلا نشطا عموديا وأفقيا مع المجتمع وافراده ز

ومن هنا فان المشاركة الموضوعية و الايجابية والفاعلة للاعلام في الحياة والمشهد العام للمجتمع المحلي والدولي، هي من هياكل الديمقراطية الاساسية والدعائم الناظمة لمفردات العملية الديمقراطية من انتخابات واحزاب ورقابة على مخرجات المشهد العام الحكومي، لهذا فالصحافة الحرة الملتزمة هي الخادمة لمصالح الامة الحيوية وليس لخدمة الاجندات الخاصة والمصالح الراسمالية الشخصية لاصحابها ومن يدور في فلكهم.. من هنا فالمواطن اليوم هو محلي الاقامة ولكنه عالمي التأثير في آن واحد يؤثر ويتأثر بمحيطة الاعلامي العام محليا ودوليا .

من هنا ومن هذا الفهم الشامل لواقع الحال ومجريات الامور فان حماية المواطن من الاكاذيب ضرورة مجتمعية، وفي نفس المقام ضمان وحماية حقوق الاعلامين ووسائل الاعلام من اية ممارسات او تشريعات قانونية جديدة تقيد حرية العمل الاعلامي والصحفي او فرض رسوم جديدة او زيادات على تراخيصها الحالية سواء كانت هذه الوسيلة مقرؤءة او مسموعة او مرئية او الكترونية او مواقع للتواصل الاجتماعي تؤدي في المحصلة الى تقويض عملهم واعاقة ادائهم هو انتهاك صريح للقوانين المحلية والدولية التي وقع الاردن عليها والمفروض من الحكومة الالتزام بها وعدم المساس بها.

من هنا فان اي قرار يصدر لتقيد الصحافة وحريتها بدواعي حماية المواطن والمجتمع يجب ان يخضع للحوار والدرس مع حاضنات الفعل الاعلامي قبل ان يصدر او يصبح نافذا، لان مثل هذه الممارسات تضر اولا بسمعة الوطن خارجيا وداخليا من خلال اثارة اجواء عدم الاستقرار في وقت نحن بحاجة الى الاعلام ليساهم في تعميق الاستقرار واعادة الثقة للمواطن بوطنه ومؤسساته الرسمية حتى ينعم المواطن بالاستقرار النفسي المفضي الى العمل التنموي والذي ينهض بالبلاد والعباد.

ان اية اجراءات جديدة غير مدروسة ضد وسائل الاعلام هي قيود جديدة على حرية الراي والتعبير، وتراجع في مجال الحريات العامة، وضرر اكيد على سمعة الاردن الدولية لدى المنظمات الدولية التي تراقب المشهد الاردني بانتظام، ويعتبر ضمان حرية وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم أولوية. وتعد وسائل الإعلام المستقلة والحرة والتعددية أساسية للحكم الصالح في الديمقراطيات الصغيرة والكبيرة.. وهذا ما ننشدة ونتمناه لبلدنا الاردن .

البريد الإلكتروني: zaid.m1954@hotmail.com