جنون أسعار في سوق العملات المشفرة وسط إقبال على بدائل “بتكوين”


الفائدة المنخفضة وحزم التحفيز المالي فتحت شهية صغار المستثمرين للمخاطرة على الاستثمار الجديد


العملات الرقمية أصبحت أداة للتحوط من التضخم إلى جانب الأسهم و “كاردانو” و”أفلانش” أبرز البدائل

ما تزال معنويات الخوف من فوات الفرص حيَّة ومسيطرة في عالم العملات المشفَّرة، وسط عودة تفوّق الرموز الأقل شهرة، في أعقاب الارتفاعات الأخيرة من قبل رائدات القطاع “بتكوين”، و”إيثيريوم”.

وتضاعفت قيمة عملة “كاردانو” الشهر الجاري، وأصبحت ثالث أكبر أصل مشفَّر، وصعدت أيضاً “بينانس كوين”، وارتفعت قيمة عملة مشفَّرة تدعى “أفالانش” ثلاثة أضعاف في أغسطس، وفي الوقت نفسه، كان أداء أسعار الصور الرقمية للصخور ذات عيون الليزر، والصور الكرتونية للحيوانات الظريفة، قوياً بجنون، وفي بعض الأحيان تضاعفت قيمتها في غضون أيام.

لا يوجد الكثير من الإجماع بين المحللين والمستثمرين بشأن ما يقود جنون الأسعار، ويفترض بعضهم أنَّ المضاربين ينتقلون من العملات الأساسية إلى الفرعية الجديدة، والأكثر إثارة، مثلما يفعلون في العادة بعد الارتفاعات الكبيرة، ويرى آخرون عالماً يفيض بالنقدية في بيئة فائدة فائقة الانخفاض، مما يدفع المستثمرين نحو الأصول الأكثر غرابة على الإطلاق.

اقرأ أيضاً: من جنود “دوج” لجماعة “بتكوين”.. دليل ميداني للشغوفين بالعملات المشفرة

قال يوني آسيا، المؤسس والمدير التنفيذي لبورصة العملات المشفَّرة على الإنترنت “إيتورو” (eToro): “لا يوجد شكٌّ في أنَّ هناك الكثير من الإثارة في عالم العملات المشفَّرة.. يمكنك بالتأكيد رؤية ذلك في أرقام القطاع، سواء كنت تنظر إلى الأرقام الإجمالية أم إلى نمو الشركات”، مضيفاً: “لقد رأينا الكثير من الحماسة في السوق”.

لحظة نادرة

ويصف “آسيا” الأمر بـ”لحظة شراء لا تشهد سوى مرة كل جيل”، ويستشهد بالتقاء العديد من الأحداث، بما في ذلك أسعار الفائدة شديدة الانخفاض حول العالم، وكذلك المحفِّزات المالية الضخمة التي أسفرت عن إرسال شيكات إلى الكثير من الأشخاص خلال الوباء.

ذهبت بعض من تلك الأموال نحو العملات المشفَّرة، والأصول المرتبطة بها، مثل أسهم شركات التعدين المشفَّر، واستثمر حوالي 15% من الأمريكيين الذين تلقوا أول شيكين من أموال التحفيز جزءاً منها أو جميعها، واستثمر حوالي نصف هذه المجموعة بشكل خاص في العملات المشفَّرة، وفقاً لدراسة مسحية على أكثر من 1000 بالغ أمريكي أجرتها مؤسسة “هاريس بول” (Harris Poll) لصالح “ياهو فاينانس”.

وفي الوقت نفسه، صعد التضخم مع إعادة فتح الاقتصادات، مما يخدم تحذيرات بعض الموالين للعملات المشفَّرة من اختمار “تضخم مفرط”، ويوضِّح “آسيا” أنَّه عند وضع كل هذه العناصر بعضها مع بعض؛ فإنَّها “تقود الكثير من الناس إلى النظر لأنواع مختلفة من الاستثمارات”.

أظهرت دراسة استقصائية حديثة أجرتها “إيتورو” أنَّ ما يقرب من 25% من 6 آلاف مستثمر خضعوا للاستطلاع، يمتلكون عملات مشفَّرة، وهو رقم يرتفع إلى ما يناهز 50% بين المجموعة الأصغر سناً، وخلُصت الشركة أيضاً إلى أنَّ المستثمر العادي على وشك زيادة مخصَّصاته للعملات المشفَّرة في الأشهر المقبلة، وأنَّ الاهتمام ببدائل “بتكوين”، و”إيثريوم”، وما يعرف بالعملات المشفَّرة البديلة “كبير”.

في الوقت ذاته، ارتفعت عمليات تحميل تطبيقات تداول العملات المشفَّرة، وجاءت “كوين بيس جلوبال” في المركز الحادي عشر بين تطبيقات التمويل التي يتمُّ تحميلها من متجر تطبيقات “أبل” على “أيفون”، وفقاً لشركة “آب آني” (App Annie) مقدِّمة بيانات وتحليلات الهواتف، وكانت في المركز الثالث والعشرين بين فئتها في أغسطس الماضي، وحقَّقت البورصات المشفَّرة “كراكن” (Kraken)، و”فوياجر” (Voyager)، و”كريبتو دوت كوم” (Crypto.com) تقدُّماً في المراكز أيضاً.

أموال هائلة

وقال مايكل أورورك، كبير استراتيجيي السوق في “جونز تريدينغ”(JonesTrading): “في ظل وجود كل هذه الأموال بالجوار، لا ينبغي أن نندهش من دفع الأشخاص كميات هائلة من الأموال مقابل الصخور الأليفة المشفَّرة، والأصول الرقمية الأخرى ذات الأعداد اللانهائية، التي يمكن إيجادها بسهولة”.

أشار إلى أنَّ الأجيال الأصغر سناً تهيمن على المجال، وكل ما يعرفونه هو احتياطي فيدرالي ذو موقف متساهل إلى الأبد تقريباً، وإذا أضفنا ذلك على الحكومة الجامدة، فلا عجب أنَّ الكثيرين انجذبوا تجاه مجال العملات المشفَّرة، على حدِّ قوله.

منذ يوليو، ارتفعت أصول منتجات الاستثمار المشفَّر تحت الإدارة بأكثر من 57% إلى حوالي 55 مليار دولار، وازداد متوسط أحجام التداول الإجمالية اليومية بأكثر من 46% إلى 544 مليون دولار، في أكبر صعود على أساس شهري منذ مايو، وفقاً لمتعقِّبة البيانات “كريبتو كومبير” (CryptoCompare).

تركَّز الكثير من الانتباه على العملات المشفَّرة البديلة، مثل: “كاردانو”، و”أفلانش”، وعملة الميم الأساسية “دوج كوين”، وفي الوقت نفسه، كسب مؤشر يتتبَّع بعض أكبر بروتوكولات وتطبيقات التمويل اللامركزي، وهو مؤشر “بلومبرغ غالاكسي ديفاي” – حوالي 45% منذ بداية يوليو.

وقال سام بانكمان-فرايد، المدير التنفيذي لبورصة العملات المشفَّرة “إف تي إكس” (FTX): “كانت هناك معنويات إيجابية إلى حدٍّ كبير مؤخَّراً تجاه العملات المشفَّرة، وساعدت الرموز المشفَّرة غير القابلة للاستبدال في قيادة الانتعاش، ويصبح انهيار مايو مشهداً في المرآة الخلفية بشكل متزايد”.

هناك أيضاً أنواع أخرى من “بلوكتشين” تتطلَّع لمنافسة “إيثريوم”، إذ قال آفي فيلمان، مدير محفظة مشترك في “بلاك تاور كابيتال” (BlockTower Capital)، إنَّه نظراً لاستكمال تحديث شبكة “إيثريوم”؛ يوجِّه المضاربون انتباههم تجاه منصات “بلوكتشين” المنافسة، ورموزها المشفَّرة.

أرقام قياسية

تزامناً مع ذلك، يبدو أنَّ أسواق الأسهم الأمريكية تسجِّل أرقاماً قياسية يومياً، في حين يستمر الجنون في أسهم الميم أيضاً، وقال جيسون أوربان، الرئيس المشترك لشركة “غلاكسي ديجيتال تريدينغ” (Galaxy Digital Trading)، إنَّه عندما يكون السوق في مثل هذه الحالة المزاجية المستعدة للمخاطرة، لا يمكن للعملات المشفَّرة إلا أن تستفيد.

في السنوات الأربع المنتهية في 2019، كان الارتباط بين “بتكوين”، والعائدات اليومية لمؤشر “ستاندرد آند بورز 500″ ضعيفاً بشكل عام، وفقاً لـ”وي ليانغ” من شركة “دي بي إس” (DBS) في سنغافورة، لكنَّه قال، إنَّه بدءاً من العام الماضي، تغيَّر ذلك، وأثناء الوباء، هبطت “بتكوين”، والأسهم الأمريكية، وتعافت معاً.

وقال “أوربان” : “مؤخَّراً، ترى أناساً قلقين من التضخم، فضلاً عن أشخاص قلقين من معروض الأموال، ونتيجةً لذلك، كثيراً ماقال الناس – عبر التاريخ – إنَّ شراء الأسهم بمثابة أداة تحوُّط ضد التضخم”، وأضاف أنَّ العملات المشفَّرة أصبحت كذلك أيضاً.