في الوقت الذي تشتد فيه أنظار الإسرائيليين، من أمنيين وسياسيين وعسكريين، نحو نتائج زيارة رئيس حكومتهم، نفتالي بينيت، إلى واشنطن وما إذا كان سيعود بتحقيق نجاحات واتفاقات تدعم إسرائيل، أمنياً وسياسياً وعسكرياً، تعالت الأصوات في تل أبيب التي تتحدث عن احتمالات ضربة قريبة ضد أهداف نووية إيرانية.
وفي وقت أطلق وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، تهديداته تجاه إيران أمام 60 سفيراً أجنبياً في إسرائيل، توعد خلالها بتكرار قصف مواقع نووية إيرانية، أعلن الجيش الإسرائيلي عن خطة جديدة للتدريب على طائرات حربية مستحدثة لضرب مواقع نووية في إيران واستباق إمكانية الوصول إلى قنبلة نووية، في ظل ما اعتبره الإسرائيليون تضييع الوقت والتباطؤ في المحادثات حول الاتفاق النووي.
وما بين التهديد والتدريب، يسعى رئيس الحكومة الإسرائيلية في أول زيارة دبلوماسية له إلى واشنطن لإحراز اتفاقات ونتائج ملموسة خلال لقاءاته مع الرئيس الأميركي جو بايدن وكبار المسؤولين في الإدارة الأميركية. والتوقعات في إسرائيل أن يعلن بينيت خلال هذه اللقاءات الموقف الإسرائيلي بأن “تل أبيب تحتفظ بحقها بالتحرك ضد إيران إذا شعرت بتهديد
وجاء تزامن التصريحات والتهديدات من قبل غانتس، وبينيت والجيش الإسرائيلي في آن واحد، إذ أكد خلالها كل منهم احتمال توجيه ضربات ضد إيران، ما يضع المؤسسة العسكرية برمتها في حال استعداد وتأهب لأي طارئ ممكن، وفي أولى خطوات هذه الاستعدادات، شكل رئيس الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي طاقماً برئاسة رئيس الوحدة الاستراتيجية في الجيش لإعداد خطة تضمن تحقيق الهدف من أية ضربة إسرائيلية ضد مواقع النووي الإيراني.
ويرى كوخافي أن إيران ستستغل التباطؤ في المحادثات حول الاتفاق النووي الجديد، الذي قد يستمر لسنتين إضافيتين، وهي فترة تكون إيران قد استكملت جهودها للحصول على قنبلة نووية، وبحسب كوخافي، فإن الزيادة في ميزانية الأمن الإسرائيلية، هي أموال مخصصة، أولاً وقبل كل شيء للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني، وتابع أن “التقدم في البرنامج النووي الإيراني، دفع الجيش الإسرائيلي إلى تسريع خططه العملياتية، وخُصصت ميزانية الأمن، التي تمت الموافقة عليها أخيراً، لهذا الغرض”، وشدد على أن جيشه “يعمل بشكل منهجي وبكل ما توفرت له من طرق لتقليص نفوذ إيران في الشرق الأوسط”.
في الأثناء، أخرج سلاح الطيران معدات حربية وطائرات مستحدثة سيتدرب عليها لمحاكاة سيناريو توجيه ضربات بعيدة المدى، إلى جانب التدريب على إمكانات الهبوط وكيفية مواجهة المعدات القتالية الإيرانية المتطورة خصوصاً المضادة للطائرات، هذا إلى جانب تفعيل جهاز الاستخبارات لجمع معلومات حول النشاط النووي الإيراني في الفترة الأخيرة.
وتأتي هذه الخطوات في وقت أعلن جهاز الأمن الإسرائيلي أنه رصد تباطؤاً في وتيرة النشاط النووي الإيراني للتقدم نحو قنبلة نووية، وفي تقدير الإسرائيليين، فإن هذا ناتج عن خطة تكتيكية إيرانية، في ظل استئناف المحادثات بينها وبين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حول الاتفاق النووي، لكن هذا -قال مسؤول في جهاز الأمن- لا يعني عدم قدرة إيران على التقدم في مشروعها النووي.
ولم يخف مسؤولون في جهاز الأمن قلقهم من رفع إيران مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 60 في المئة، علماً أن صناعة سلاح نووي تتطلب تخصيباً بمستوى 90 في المئة، ونُقل عن مسؤول أمني قوله إن “إيران موجودة في النقطة الأكثر تقدماً في برنامجها النووي، من حيث التخصيب، إذ إن وتيرة التخصيب مذهلة ومقلقة منذ عام 2018
ليس صدفة أن يختار وزير الأمن بيني غانتس عقد اجتماع مع 60 سفيراً أجنبياً في إسرائيل، في حين تنشغل تل أبيب بملف غزة وتصعيد الوضع الأمني في الجنوب، ومن جهة ثانية، عودة انتشار كورونا والخلافات الداخلية حول إعلان إغلاق رابع من جديد. فهذا اللقاء يأتي، كما تراه جهات إسرائيلية، تمهيداً لضربات إسرائيلية ضد أهداف نووية إيرانية، إذ أراد غانتس تجنيد المجتمع الدولي إلى جانب موقف إسرائيل في كل ما يتعلق بالتعامل مع الملف الإيراني.
غانتس لم يعلن مباشرة أن إسرائيل قررت توجيه ضربة ضد إيران، لكنه قال إنه “لا يستبعد أن توجه تل أبيب مثل هذه الضربة”، مبرراً القيام بمثل هذه الخطوة بالادعاء أن “إيران موجودة على بُعد مسافة قصيرة من تجميع المواد المطلوبة لقنبلة نووية. ولا نعلم إذا كان النظام الإيراني مستعداً للتوصل إلى اتفاق والعودة إلى طاولة المفاوضات”.
ودعا غانتس العالم إلى تبني خطة “ب” ووقف تقدم إيران منذ الآن، “إذ إن الهدف هو الوصول إلى اتفاق أطول وأقوى وأوسع”، بحسب غانتس الذي حذر قائلاً إن “وصول إيران إلى عتبة النووي يضعنا على عتبة سباق تسلح نووي إقليمي وربما عالمي أيضاً، حيث كانت العدوانية الإيرانية كلها، حتى الآن، من دون هذه القدرة، وإذا أصبحت لديها القدرة للانطلاق نحو النووي، فإنها ستصعد عدوانيتها
، عندما انسحبت إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، من الاتفاق النووي