السبب بطبيعة الحال هو مواقف الملك عبد الله الثاني التي “عاكست اتجاهات طاقم ترمب وحكومة بنيامين نتنياهو، في محاولة يصفها الأردن الرسمي بـ”الجاهلة” لفرض “اتفاقات إبراهيم”، والتي يعتبرها الخصاونة، أنها “انتهت، ولم تعد على الطاولة على الأقل بالصيغة التي كانت تقترحها أو تقترفها أطقم ترمب”
يصف الخصاونة تلك المواجهة السياسية الخلفية مع طاقم ترمب وصهره، جاريد كوشنر، بأنها كانت صعبة ومعقدة، لا بل استُهدفت بلاده من قبل ذلك الطاقم تحديداً، سياسياً واقتصادياً ودبلوماسياً، حتى وصل الأمر إلى محاولات لعزل الأردن، بل تحوله إلى هدف وفقاً لإشارة رئيس الوزراء الأردني التي تعني الكثير.
وفي شرح التفاصيل، يمكن القول إن رئيس وزراء الأردن يفسرها بانتظام وبشكل واضح ودون الغرق في الجزئيات.
وقال، “في ذلك الوقت حُوصر الأردن اقتصادياً ومالياً بالتأكيد، ولمست حكومته ذلك من خلال تضرر بعض علاقاتها مع دول عدة في بعض الأحيان، وكانت تعتقد طوال الوقت أن إدارة ترمب باقية وتتمدد، وستعود إلى الواجهة في الانتخابات الرئاسية”.
ويحرص الخصاونة هنا على عدم توجيه اللوم إلى “أي شقيق أو صديق أو حليف”، فالمصالح هي الأساس لجميع الدول، لكن التقدير الأردني اختلف نسبياً عن غيره عندما تعلق الأمر ببناء استراتيجيات سياسية على أساس بقاء أو عودة ترمب.
“كانت مرحلة صعبة واختباراً قاسياً”، يضيف الخصاونة، مشيراً إلى أن “عناصر الخلاف والتجاذب أردنياً كانت فقط مع طاقم ترمب، وليس مع مؤسسات الدولة الأميركية التي تعرف الأردن جيداً وتقدّر خبرته العميقة في ملفات المنطقة”، وليس سراً أن بلاده في تلك المرحلة “صبرت على الأذى”، ولجأت أحياناً إلى تمرير الوقت واحتواء الضغط.
وفي استرجاع للذاكرة، عرض المستشارون التابعون لترمب على الأردن قرارات مكتوبة تضمن الوصاية الهاشمية على القدس، ويبدو أن مَن فكّر بذلك من الأميركيين لم يكن مدركاً لكيفية فهم العقل الأردني للمسألة، فالوصاية الهاشمية ببعدها التاريخي لا تحتاج إلى أوراق، وهي أهم بكثير من أي مذكرات أو ضمانات مكتوبة، ومسألة القدس بالنسبة للقيادة والشعب في الأردن مسألة مبدأ غير خاضع لأي تسييس، بالتالي فإن “الإغراء” المشار إليه لا يبدو مقنعاً، ولا مفيداً، بالنسبة لعقل المؤسسة الأردنية بقدر ما لاحظت المؤسسة في ذلك الوقت بأن صفة الاستعجال والتسرع ترافق طاقم ترمب، وبأن الجهل الحقيقي الملموس في قضايا المنطقة ومواقف الأردن الثابتة كان محفزاً لاجتهادات خاطئة لا يمكنها بحال من الأحوال أن تشكل رافعة لصناعة أو إدامة أي سلام حقيقي، أو حتى أي استقرار في المنطقة برمتها، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بحقوق الشعب الفلسطيني الأساسية، والتي لا يزايد الأردن فيها، ولا يخضعها لأي نقاش، أو حتى عروض دبلوماسية، أو سياسية.