خطة اقتصادية تحفيزية

د. أسمهان ماجد الطاهر

وباء كورونا والإجراءات التي رافقته من إغلاق للحدود، ومتطلبات البقاء في المنزل، ومختلف عمليات الإغلاق قد أثرت بشكل مباشر على الحياة الاجتماعية والاقتصادية للناس، وجعلت الوضع الاقتصادي في حالة انكماش مما زاد معدل الفقر والبطالة.

لقد تضررت الأعمال الاقتصادية نتيجة الإغلاق الكامل فترة، وإغلاق المصانع، كل ذلك من المؤكد أدى إلى زيادة حدة منحنى تراجع الاقتصاد الكلي،الأمر الذي ترتب عليه عواقب عديدة في جانب العرض والطلب.ولتقليل من الآثار الاقتصادية السلبية لوباء COVID- 19، اضطرت البلدان أن تنفق تريليونات الدولارات على حزم التحفيز لإنقاذ اقتصادها ومعيشة المواطنين.ويشير مفهوم حزم التحفيز الاقتصادي إلى الاستجابات الاقتصادية السريعة التي تتخذها الحكومات في جميع أنحاء العالم للحد من التأثير البشري والاقتصادي لوباء COVID- 19

.وقد ضمت حزم التحفيز في كل أنحاء العالم اتخاذ التدابير المالية والنقدية التي تستهدف الأسر والرعاية الصحية والصناعات التحويلية والخدمات.

وقد تباينت الاستجابات التي قدمتها الحكومات الوطنية المختلفة للوباء،.لقد شملت هذه الإجراءات استجابة السياسة النقدية التي تتخذها البلدان في دعم السيولة للبنوك. والسياسات المالية التي تقدم مخصصات للأسر وكيانات الأعمال، وتكاليف التسريح المؤقت للعمال، وزيادة مساعدات السلامة الاجتماعية، وتقديم الموارد لنظام الرعاية الصحية في البلدان.في الأردن كبقية دول العالم قامت الحكومة بالعمل على اتخاذ مجموعة من الإجراءات بهدف التخفيف من النتائج الاقتصادية للجائحة.لقد تم تطوير خطة اقتصادية تحفيزية في الأيام القليلة الماضية لزيادة منعة الاقتصاد الوطني ولتعزيز قدرته على الصمود، ولتقليل من تأثير المخاطر الخارجية على أدائه، بمشاركة عدد من الشخصيات البارزة في مجال المال والأعمال والمؤسسات الأكاديمية والبحثية.

نأمل أن ينجح التنفيذ الفعلي للخطة بتقديم حزم تحفيزية لكل مفاصل الاقتصاد التي تأثرت في الجائحة، من التحويلات النقدية للأسر ذات الدخل المنخفض، ودعم الإيجارات للشركات الصغيرة والمتوسطة، والمزيد من التمويل لخدمات الصحة، وتقديم الدعم المباشر للأعمال التجارية الصغيرة، وسداد مدفوعات المرض للمواطنين، ودعم صناديق الأمان الاجتماعي وتحصينها لمساعدة الضعفاء.

كما نأمل أن تنجح في تنفيذ البرامج التي توفر فرصا استثمارية تنموية حقيقية في قطاع الطاقة، وخاصة الصخر الزيتي، والطاقة المتجددة والبنية التحتية والمياه والسياحة وغيرها.

إن الاقتصاد الأردني يعتمد على التنافسية والمنافسة وتوسيع قاعدة التصدير من خدمات ومنتجات وفي ظل اتفاقية تبسيط قواعد المنشأ، الموقعة بين الأردن والاتحاد الأوروبي، والتي ستساعد بدورها عدد كبير من المنتجات الأردنية للاستفادة من الإعفاءات الجمركية بموجب اتفاقية الشراكة الأردنية الأوروبية، وبالتالي زيادة الصادرات الأردنية إلى السوق الأوروبية، ونطمح أن تزيد فرص العمل للأردنيين بشكل غير مباشر نتيجة لزيادة حجم الاستثمارات الجديدة والصادرات.

بطبيعة الحال يجب الأخذ بعين الاعتبار بأنه لا يوجد حافز اقتصادي واحد قادر على كبح الآثار المدمرة للوباء وأن هناك حاجة إلى تدابير جماعية عديدة.وبالتالي، لا بد من استمرار تطوير خطة التحفيز الاقتصادي من خلال إعادة التدقيق في جميع التدابير المالية والنقدية، التي تضمن استجابات السياسة الاقتصادية التي تتخذها الحكومة.مع ضرورة عمل دراسات اقتصادية حديثة توضح الاختلافات بين البلدان في الاستراتيجيات والسياسات.بالإضافة إلى ذلك لا بد من استمرار عملية جمع البيانات ومعالجتها وعمل الدراسات المقارنة لقياس المستوى الذي تتشكل فيه الاستجابات الاقتصادية للبلدان ذات الأوضاع الاقتصادية المشابهة من خلال حصر الميزات القطرية المتوفرة.

إن تركيز الحكومة على مؤشر جديد لقياس استجابات السياسات الاقتصادية لوباء COVID- 19، هو ما سيضمن نجاح خطة الاقتصاد التحفيزية.ولضمان النجاح في الجهود الحكومة لا بد من استمرار عمل الأبحاث والدراسات المتعلقة في تطوير عملية تخطيط البرامج والسياسات الاقتصادية ومراقبة أداء السياسة النقدية والمالية التي يتم تنفيذها لمكافحة الانكماش الاقتصادي.

وبناء على نتائج الدراسات المستقبلية يتم تقديم تقارير توصي بالمزيد من الحزم أو تقليصها اعتمادًا على الاحتياجات المحددة لكل مرحلة قادمة في أوقات محددة، قد تكون كل ثلاث أشهر فترة مناسبة.مع ضرورة التنبيه إلى حقيقية أنه من الصعب وضع السيناريوهات كاملة ولفترة زمنية طويلة في ظل ظروف سريعة التغير، خاصة أن التنبؤ بمسار الوباء محاط بعدم التأكد.إن الاستمرار بجمع البيانات الإحصائية وعمل الأبحاث والدراسات هو ما يضمن معرفة المتغيرات ويساعد على معرفة قدرة خطة التحفيز الاقتصادي المقدمة للتخفيف من الآثار السلبية لوباء.بمجرد تطوير المؤشر الاقتصادي ومعرفة أكبر عدد أكبر من العوامل سيكون من السهل على الحكومة مستقبلا أن تعرف المؤشر الذي يجب استخدامه للحد من آثار الأوبئة من خلال توفير حزم تحفيز اقتصادي كافية بالشكل المطلوب وفي الوقت المناسب. حمى الله الأردن