بقلم: د. زيد احمد المحيسن
احتلت الولايات المتحدة الأمريكية أفغانستان في السابع من تشرين الأول عام 2001 في إطار عملية عسكرية كبيرة أطلقت عليها اسم عملية الحرية الباقية، وحاولت خلال فترة الاحتلال لأفغانستان تصنيع قيادات سياسية وعسكرية وانفقت ما يقارب (2ترليون) دولار أمريكي لبناء نواة جيش وطني لأفغانستان، لكن ثبت فيما بعد أن أمريكا كانت تبني قصوراً في الهواء.. جيش فاقد للعقيدة والإرادة القتالية، بالرغم من العتاد والسلاح الحديث الذي زود به هذا الجيش.
خلال احتلالها لأفغانستان لم تستفيد امريكا من الدرس الروسي، حيث أدركت القيادة الروسية بعد عشر سنوات من الاحتلال لأفغانستان أنه لا طائل لها في مواجهة حركة طالبان، الخطأ الكبير أن أمريكا بقيت في أفغانستان ضعف المدة الروسية، أي ما يقارب عشرين عاماً، لكن أنفقت أكثر من (2ترليون) دولار وهي تحاول تصنيع زعامات وقيادات ابتداءً من حامد كرازاي إلى شرف غني أحمد زي الذي غادر البلاد هارباً على طريقة الرئيس التونسي زين العابدين تحت جنح الظلام إلى الخارج، تاركاً البلاد والعباد في مهب الريح.
أمريكا لم تستطيع تحقيق الاستقرار لأفغانستان، وحرمت البلاد من قيام تنمية حقيقة داخلية للبلاد، فلا بنى تحتية أعيد بنائها بعد أن دمرتها الهجمات الأمريكية ولا صحة ولا مدارس ولا تعليم، مما زاد الغليان الشعبي ضد الاحتلال الأمريكي، وشكل عاملا مساعدا على النضال ضد الوجود الأمريكي في أفغانستان، فقد توفرت لطالبان إرادة القتال ورؤية واضحة المعالم إلى ضرورة تحرير أفغانستان من الاحتلال الأمريكي، وكذلك طرد القيادات الأفغانية التي صنعتها أمريكا من المشهد السياسي وممن جاؤوا على ظهور الدبابات الأمريكية.
نحن في العالم العربي علينا أن نستفيد من التجربة الأفغانية في مواجهة الاحتلال وأزلامه في المنطقة العربية، فالرؤية لدى الشعوب العربية واضحة المعالم بأن هؤلاء القادة العرب هم صنائع الاستعمار ومن مخلفاته، وأن تحرير الأوطان يبدأ في خلق حالة وعي جماهيري مفادها أن دحر احتلال الأوطان لا يمكن أن يتحقق دون الكثير من التضحيات والإرادة الصادقة في القتال، إن الحل الأمثل هو بأيدي الجماهير العربية عبر الإصرار على نضالها بأشكالها كافة، من أجل أن يتحقق النصر ويزول الاحتلال بغير رجعة.