خطة التحفيز الاقتصادي هل تمتلك ترف الوقت!

د. أسمهان ماجد الطاهر

في الوقت الذي ينشغل فيه العالم بوضع خطط تحفيز اقتصادي للتكيف مع تداعيات جائحة كورونا وآثارها الممتدة فإننا أصبحنا في الأردن أكثر حاجة للإسراع بترجمة خطة التحفيز الاقتصادي لبرنامج عملي قابل للتطبيق والقياس لأننا لم نعد نمتلك ترف الوقت إزاء التحديات الاقتصادية الجمة التي نجمت عن الإجراءات التي رافقت وباء كورونا من إغلاق للمعابر الجوية والبرية والبحرية، والتي ألقت بظلالها على

منظومة الاقتصاد الوطني الكلي وتأثر بها المواطن بشكل مباشر كما هو الحال بالنسبة لخزينة الدولة والمالية العامة.‏‎وتشكل خطة التحفيز الاقتصادي التي تم عرضها أمام جلالة الملك في اجتماع مجلس السياسات الاقتصادية وأقرها مجلس الوزراء خطة تنموية شاملة إذا ما أحسن التعاطي مع مخرجاتها وعدم الإبطاء بتنفيذ توصياتها فدول العالم اضطرت أن تنفق تريليونات الدولارات على حزم التحفيز لإنقاذ اقتصادها ومعيشة المواطنين في مواجهة الوباء.ويشير مفهوم حزم التحفيز الاقتصادي إلى الاستجابات الاقتصادية السريعة التي تتخذها الحكومات في جميع أنحاء العالم للحد من التأثير البشري والاقتصادي لوباء COVID- 19

.وقد تباينت الاستجابات التي قدمتها الحكومات الوطنية المختلفة للوباء، فقد شملت هذه الإجراءات استجابة السياسة النقدية التي تتخذها البلدان في دعم السيولة للبنوك. والسياسات المالية التي تقدم مخصصات للأسر وكيانات الأعمال، وتكاليف التسريح المؤقت للعمال، وزيادة مساعدات السلامة الاجتماعية، وتقديم الموارد لنظام الرعاية الصحية في البلدان.

في الأردن كبقية دول العالم قامت الحكومة بالعمل على اتخاذ مجموعة من الإجراءات بهدف التخفيف من النتائج الاقتصادية للجائحة.لقد تم تطوير الخطة الاقتصادية التحفيزية لزيادة منعة الاقتصاد الوطني ولتعزيز قدرته على الصمود، ولتقليل من تأثير المخاطر الخارجية على أدائه.

نأمل أن ينجح التنفيذ الفعلي للخطة بتقديم حزم تحفيزية لكل مفاصل الاقتصاد التي تأثرت في الجائحة، من التحويلات النقدية للأسر ذات الدخل المنخفض، ودعم الإيجارات للشركات الصغيرة والمتوسطة، والمزيد من التمويل لخدمات الصحة، وتقديم الدعم المباشر للأعمال التجارية الصغيرة، وسداد مدفوعات المرض للمواطنين، ودعم صناديق الأمان الاجتماعي وتحصينها لمساعدة الضعفاء.

كما نأمل أن تنجح في تنفيذ البرامج التي توفر فرصا استثمارية تنموية حقيقية في قطاع الطاقة، وخاصة الصخر الزيتي، والطاقة المتجددة والبنية التحتية والمياه والسياحة وغيرها.

إن الاقتصاد الأردني يعتمد على التنافسية والمنافسة وتوسيع قاعدة التصدير من خدمات ومنتجات وفي ظل اتفاقية تبسيط قواعد المنشأ، الموقعة بين الأردن والاتحاد الأوروبي، والتي ستساعد بدورها عدد كبير من المنتجات الأردنية للاستفادة من الإعفاءات الجمركية بموجب اتفاقية الشراكة الأردنية الأوروبية، وبالتالي زيادة الصادرات الأردنية إلى السوق الأوروبية، ونطمح أن تزيد فرص العمل للأردنيين بشكل غير مباشر نتيجة لزيادة حجم الاستثمارات الجديدة والصادرات.

بطبيعة الحال يجب الأخذ بعين الاعتبار بأنه لا يوجد حافز اقتصادي واحد قادر على كبح الآثار المدمرة للوباء وأن هناك حاجة إلى تدابير جماعية عديدة.وبالتالي، لا بد من استمرار تطوير خطة التحفيز الاقتصادي من خلال إعادة التدقيق في جميع التدابير المالية والنقدية، التي تضمن استجابات السياسة الاقتصادية التي تتخذها الحكومة. مع ضرورة عمل دراسات اقتصادية حديثة توضح الاختلافات بين البلدان في الاستراتيجيات والسياسات.

بالإضافة إلى ذلك لا بد من استمرار عملية جمع البيانات ومعالجتها وعمل الدراسات المقارنة لقياس المستوى الذي تتشكل فيه الاستجابات الاقتصادية للبلدان ذات الأوضاع الاقتصادية المشابهة من خلال حصر الميزات القطرية المتوفرة.

إن تركيز الحكومة على مؤشر جديد لقياس استجابات السياسات الاقتصادية لوباء COVID- 19، هو ما سيضمن نجاح خطة الاقتصاد التحفيزية.ولضمان نجاح الجهود الحكومية لا بد من استمرار عمل الأبحاث والدراسات المتعلقة في تطوير عملية تخطيط البرامج والسياسات الاقتصادية ومراقبة أداء السياسة النقدية والمالية التي يتم تنفيذها لمكافحة الانكماش الاقتصادي.

وبناء على نتائج الدراسات المستقبلية يتم تقديم تقارير توصي بالمزيد من الحزم أو تقليصها اعتمادًا على الاحتياجات المحددة لكل مرحلة قادمة في أوقات محددة، قد تكون كل ثلاث أشهر فترة مناسبة.مع ضرورة التنبيه إلى حقيقية أنه من الصعب وضع السيناريوهات كاملة ولفترة زمنية طويلة في ظل ظروف سريعة التغير، خاصة أن التنبؤ بمسار الوباء محاط بعدم التأكد.

إن الاستمرار بجمع البيانات الإحصائية وعمل الأبحاث والدراسات هو ما يضمن معرفة المتغيرات ويساعد على معرفة قدرة خطة التحفيز الاقتصادي المقدمة للتخفيف من الآثار السلبية لوباء.بمجرد تطوير المؤشر الاقتصادي ومعرفة أكبر عدد أكبر من العوامل سيكون من السهل على الحكومة مستقبلا أن تعرف المؤشر الذي يجب استخدامه للحد من آثار الأوبئة من خلال توفير حزم تحفيز اقتصادي كافية بالشكل المطلوب وفي الوقت المناسب. حمى الله الأردن‏

a. altaher @ youthjo. com