تبرز القضيتان نفسهما على ضفتي المحيط الأطلسي
جون رينتول معلق سياسي @JohnRentoul
تبدو الكلمات التالية كأنها رسالة قادمة من المستقبل “سرعان ما تبددت النشوة التي شعر بها كثيرون منا حين ترسخت مكانة اللقاحات”، لكنها في الحقيقة أقرب إلى أن تكون رسالة آتية من ماضينا، باعتبارها مأخوذة من التدوينة الإلكترونية التي يكتبها أندرو سوليفان أسبوعياً، وأجد أن تلك الرسالة من أفضل الطرق التي تساعد في مواكبة الأحاسيس التي تثيرها السياسة الأميركية داخل هذا البلد العملاق.
تعتبر الولايات المتحدة مسؤولة عن المنحى الذي اتخذه مسار متحور “دلتا”، وتواجه حالياً تحذيرات في شأن ارتفاع نسبة الإصابات على غرار ما حصل عندنا قبل شهر.
لقد دعم سوليفان، وهو محافظ سياسياً، باراك أوباما وذهب إلى المدرسة نفسها مع كير ستارمر رئيس حزب العمال البريطاني، ويضاف إلى ذلك أنه مراقب لامع سواء أكنت تتفق معه أم لا، وكذلك يلفت في أحدث الملاحظات الخاطفة التي قدمها سوليفان مدى تشابه السياسة الأميركية والبريطانية. ومن ناحية، لا تتزامن دوراتنا الوبائية بشكل كبير، ولديهم أيضاً حكومة شكلها حزب اليسار الرئيس في أميركا، ومع ذلك تتطابق أمور كثيرة هنا وهناك، إذ تدور عندهم النقاشات ذاتها التي تتواصل عندنا حول ارتداء الأقنعة وجوازات سفر اللقاح، ويشهد البلدان تقلباً مماثلاً في درجة الرضى لدى الرأي العام عن طريقة تعاطي الحكومة مع موضوع الفيروس.
واستطراداً، تتضاءل شعبية جو بايدن وبوريس جونسون وكلاهما زعيمان جديدان. جاء التراجع في حال بايدن أشبه بانحدار ثابت يمضي أبداً إلى الأسفل، وفي المقابل يسير انهيار شعبية جونسون على نحو متقلب، إذ صعدت في وقت مبكر حين اندلعت الجائحة، ثم هبطت حينما بدا أنه يسيء التعامل معها، قبل أن يدفعها توزيع اللقاح إلى الأعلى في صعود يتلوه حالياً هبوط جديد.
في سياق متصل، تعتبر الهجرة أكبر القضايا غير المتصلة بكورونا، التي تشغل البلدين على ضفتي الأطلسي، وتهيمن القضيتان ذاتهما [الهجرة وكورونا] على السياسة في معظم الدول الأوروبية، ويبدو أن المهاجرين الذين يعبرون القناة الإنجليزية على متن قوارب صغيرة سيواصلون الظهور في العناوين العريضة لوسائل الإعلام في بريطانيا خلال ما تبقى من فصل الصيف، أما في الولايات المتحدة فسيكون المهاجرون ممن يقطعون الحدود مع المكسيك التي لم ينجح دونالد ترمب في إقامة جدار عازل عندها هم الشغل الشاغل.
واعتبر سوليفان “تأكيدات بايدن أن الارتفاع الكبير في أعداد المهاجرين على الحدود الجنوبية ليس سوى أمر موسمي قد فقدت صدقيتها”، تماماً مثلما فشلت محاولة بريتي باتيل الظهور بمظهر صارم في إحداث أي فارق في أرقام المهاجرين الآتين عبر القناة.
وبطبيعة الحال تختلف تداعيات “الإحساس بأن الأمور خارجة عن السيطرة حتى لو كان ذلك نوعاً من الهستيريا بشكل جزئي”، وفق وصف سوليفان، في الولايات المتحدة عنها في بريطانيا، لأن بايدن عرضة لمواجهة الاستبداد على طريقة ترمب الذي قد يعود الى الواجهة من جديد على يد الجمهوريين، بينما يستطيع جونسون أن يُعول على معارضة حزب العمال لعدم المضي في الطريق نفسه.
مع ذلك يلاحظ أن الحزبين الحاكمين في البلدين يتطلعان سلفاً بشيء من القلق إلى مسألة الخلافة [من يخلف جونسون وبايدن]، ويلفت سوليفان إلى أن استطلاعات الرأي تفيد بأن “نسبة عدم الرضا تقارب 50 في المئة” في حال كامالا هاريس، نائب الرئيس وخليفته المحددة. في المقابل، فإن حزب المحافظين في وضع أفضل لجهة توفر رئيس وزراء احتياطي جاهز وينتظر، وتصنفه استطلاعات الرأي في موقع أفضل من هاريس وأيضاً من جونسون نفسه. ويتمثل ذلك الاحتياط في ريشي سوناك، الذي يعتبر معادلاً تقريباً في نظامنا لنائب الرئيس في النظام الأميركي، ويبدو سوناك مستعداً لتسلم مقاليد الأمور حين تخبو “نشوة” اللقاح في نهاية المطاف.
© The Independent