عمليات تدمير ممنهجة تستهدف أبراج الطاقة الكهربائية في العراق

يتواصل استهداف أبراج الطاقة الكهربائية في العراق في عمليات منظمة يبدو أنها تستهدف هذا القطاع. وبينما تحاول الحكومة العراقية حصر الاتهام في تنظيم داعش، يرى متابعون أن القائمة قد تشمل إيران ومشغلي المولدات الخاصة وعموم المنظومة العراقية المتربحة من أزمة انقطاع الكهرباء المزمنة.

وفي أحدث هجوم على أبرج الطاقة، أعلنت السلطات العراقية، الإثنين، تدمير 3 أبراج لنقل الطاقة الكهربائية في محافظة نينوى، شمالي البلاد، إثر استهدافها بعبوات ناسفة من قبل مجهولين.

وأفاد بيان لوزارة الكهرباء بأن الهجوم أسفر عن “انقطاع خط كهرباء القيارة – سد الموصل غربي محافظة نينوى جراء سقوط 3 أبراج بفعل تفجيرها بعبوات ناسفة”.

وأضاف أن “منظومة نقل الطاقة الكهربائية الشمالية في محافظات نينوى وكركوك وصلاح الدين، تعرضت إلى هجمات متكررة خلال الأسبوع الماضي، ما تسبب بسقوط 20 برجا وتوقف عدة خطوط، وضعف في تجهيز واستقرار الطاقة الكهربائية”.

وكان هجوم مماثل، تسبب بانقطاع خط للكهرباء في محافظة نينوى أيضا، الأحد، إثر تفجير أحد الأبراج بعبوات ناسفة.

وخلال الأسابيع الماضية، شهد العراق هجمات متصاعدة تستهدف أبراج نقل الكهرباء ومحطات التوليد، في بلد ينتج بين 19 و21 ألف ميغاوات من الطاقة الكهربائية، بينما يحتاج أكثر من 30 ألفا، وفق مسؤولين في القطاع.

وتتهم السلطات مسلحي داعش بالوقوف وراء معظم الهجمات التي تأتي بالتزامن مع تزايد الطلب على الطاقة بفعل ارتفاع الحرارة ووصولها إلى 50 درجة مئوية في بعض المناطق. وتبنى داعش عشرات الهجمات على شبكة الكهرباء في العراق وهدد البنية التحتية الحيوية الأخرى وقالت قوات الأمن العراقية إنها أحبطت عدة محاولات أخرى.

 لكن هناك من يرى أن جهات أخرى لها فائدة من استهداف أبراج الطاقة في العراق، في مثل هذا التوقيت شديد الحساسية ومن تعطيل أي خطوة من شأنها أن تكون منفرجا لأزمة قطاع يعاني من مشاكل فنية ومالية كثيرة والحكومة لم تعد قادرة على حلها.

ويعاني العراق أزمة نقص الكهرباء منذ عقود جراء الحروب المتعاقبة وعدم استقرار الأوضاع الأمنية في البلاد، فضلا عن استشراء الفساد. وتكرر هذه الأزمة كل صيف. وتدفع في كل مرة العراقيين للخروج إلى الشوارع احتجاجا.

استنزف العراق حوالي 80 مليار دولار على تحسين القطاع لكن لم يلمس العراقيون أي تقدم أو تحسن. وبينما يعتبر الفساد أحد أبرز أسباب تعطل إيجاب حلول لأزمة الكهرباء في العراق، يلفت متابعون ومسؤولون سياسيون إلى أن يدا إيرانية لها مصلحة في استمرار هذه الأزمة، خاصة وأن البدائل بمكن أن تؤدي إلى تقليص العراق من نسبة الغاز التي ستوردها من إيران لتوفير الطاقة، أو حتى الاستغناء عنه.

ويكلف استيراد الغاز والطاقة الكهربائية من إيران العراق سنويا نحو 4 مليارات. كما تعاني إيران بدورها من أزمة في قطاع الكهرباء  وانقطاع متكرر أدى إلى خروج الإيرانيين إلى الشوارع احتجاجا، كما في العراق. وتشير إلى أن انقطاع التيار الكهربائي سيستمر، وهذا سيلقي بظلالها على تزويد العراق بالكهرباء والغاز لتوليد الطاقة.

يضاف إلى انقطاع التيار الكهربائي عن إيران الصعوبة التي يواجهها العراق في دفع مستحقات بمليارات الدولارات لطهران. وفي ديسمبر الماضي، خفضت إيران كميات الغاز المصدرة إلى العراق بنسبة 40 بالمئة، جراء عدم تسديد بغداد للديون المستحقة.

وأعلن العراق خلال يونيو الماضي، تسديد 400 مليون دولار لإيران، ديونا مستحقة لشراء الغاز والطاقة الكهربائية. فيما تقول إيران إن حجم الديون المالية الواجب أن يسددها الجانب العراقي يبلغ 5 مليارات دولار.

 ومن المشاريع التي يمكن أن تكسر هذه التبعية وتمنح العراق متنفسا يساعد على إيجاد حل لأزمة الكهرباء المستعصية مشروع الربط الخليجي.

كان العراق قد وقع في سبتمبر 2019، مع “هيئة الربط الخليجي”، التابعة لمجلس التعاون الخليجي، اتفاقية لإنشاء خطين لنقل الطاقة الكهربائية – الضغط الفائق. ورافق إبرام عقد الربط الكهربائي، جملة من خطوات التعاون المشترك.

وكان وزير المالية العراقي، علي علاوي، قد أعلن مؤخراً عن مفاوضات تجريها الحكومة العراقية مع البنك الدولي للحصول على قرض بقيمة  ثلاثة إلى أربعة  مليارات دولار لتمويل مشاريع في العراق، بضمنها مشروع الربط الكهربائي مع دول التعاون الخليجي.

وأوضح أنه من المفترض أن ينجز هذا الخط في مرحلته الأولى في صيف عام 2022 بطاقة  500 ميغاواط مخصصة لمحافظة البصرة، وأن هناك جدية للطرفين لإنجاز هذا المشروع الحيوي.

وقال العبادي أن إجمالي طول خط الربط الكهربائي العراقي الخليجي يبلغ 300 كيلو متر، لافتا إلى أن هذا الخط الإستراتيجي سيتكفل بربط محطة الزور الكويتية بمنطقة الفاو العراقية.

مهما كانت الجهة التي تستهدف أبراج الطاقة في العراق، فإن الخبراء يرون أن الجميع متورط كل بأسلوبه سواء هجمات إرهابية أو فساد أو ضغط لإبقاء الوضع على حاله، وهو أمر يتطلب وفق الزميل البارز في معهد الطاقة العراقي هاري إستيبانيان “تعديل قانون الكهرباء الحالي وتشريع قوانين جديدة للسماح بمشاركة أكبر للقطاع الخاص في تطوير القطاع لتلبية الطلب المستقبلي على الطاقة”