أصبح “الترموس” الذي يستخدمه الرياضيون الصينيون لشرب الماء الدافئ موضوعا ساخنا بين مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.
إن الرياضيين الصينيين كانوا يشربون الماء الساخن خلال المسابقات وفازوا بميداليات حلت بها بلدهم وصيفا في قائمة الميداليات، مما جعل من الترموس مرادفا للقوة ولحسن الحظ.
في المطارات ومحطات السكك الحديدية والقطارات فائقة السرعة في الصين، يمكنك أن ترى ماكينات الماء المغلي في كل مكان، سواء في السفر أو في العمل اليومي، فإن الترموس يعد إحدى معدات الحياة الأساسية للشعب الصيني. لماذا يحب الصينيون إذن شرب الماء الساخن كثيرا حتى أن الأبطال الأولمبيين ليسوا استثناء؟
اكتشف علماء الآثار في قاع معدات فخارية يعود تاريخها إلى آلاف الأعوام آثارا للنار والدخان، كما يمكن رؤية آثار بقايا الماء داخل الفخار، مما يشير إلى أن الصينيين بدؤوا بشرب الماء الدافئ منذ العصور القديمة. لكن تسخين الماء يتطلب كمية معينة من الوقود، لذلك كانت العائلات الغنية فقط هي التي يمكنها شرب الماء الساخن من وقت لآخر، أما العائلات الفقيرة فلا يمكنها إلا شرب الماء البارد.
في بداية القرن العشرين، مع دخول علم الأحياء والجراثيم للطب الغربي إلى الصين، أصبح لشرب الماء الساخن أساس علمي، إذ إنه عندما يتم غلي الماء فإن معظم الجراثيم الموجودة فيه تموت، وبالمقارنة مع شرب الماء غير المغلي، فإن الماء الساخن يكون أكثر فائدة لصحة الإنسان.
وعلى هذا الأساس، دعت الحكومة الصينية في ذلك الوقت الناس أيضًا إلى شرب الماء الساخن، حيث عممت منشور “الماء الذي لا يُغلى لا يجب شربه”، من أجل الحد من حدوث أمراض الجهاز الهضمي، بحسب صحيفة “الشعب” الصينية.
في ذلك الوقت، لم تكن الإمكانات الاقتصادية الصينية تسمح لها ببناء نظام صحي خاص بالمياه الصالحة للشراب مثل الغرب، لذلك حثت الحكومة الناس إلى غلي الماء وشربه وهو إجراء اقتصادي وسهل التشغيل للوقاية من الأوبئة.
وقد تجذر شرب الماء الساخن في صفوف الشعب إلى غاية سنة 1949. وبعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية، تم إطلاق حملة صحية وطنية تهدف إلى الوقاية من أهم الأمراض المعدية، إذ إنه بالإضافة إلى القيام بأعمال التنظيف، فقد دعت الحكومة عامة الناس لشرب الماء المغلي والدافئ وتجنب شرب الماء البارد والامتناع عن تناول الأطعمة الباردة.
وقد أدى ذلك إلى تحسن كبير في صحة المواطنين، حيث تم احتواء العديد من الأمراض مثل الملاريا والكوليرا وغيرهما.
في خمسينيات القرن الماضي، تم إدخال مبادرة شرب الماء الساخن إلى رياض الأطفال، حيث كان يجب على المعلمين ضمان تقديم الماء الساخن للأطفال ثلاث مرات في اليوم لمساعدتهم على تطوير هذه العادة في سن مبكرة. وبمرور الزمن، أصبح شرب الماء الساخن عادة مهمة في الحياة اليومية للشعب الصيني وتم تناقله من جيل إلى جيل وأصبح أسلوب حياة فريدا من نوعه بالنسبة لكافة الصينيين.
قال فانغ زيلونغ، نائب مدير مركز أبحاث التغذية الرياضية التابع للإدارة العامة للرياضة في الصين، بأنه يجب على المرء تجنب شرب الماء البارد قبل التمرين أو أثناءه أو بعده، كما أن درجة حرارة الماء المثلى يمكن أن تكون بين 37 و39 درجة مئوية، وذلك لتجنب إثارة حساسية الأمعاء.