واقع السجون في العراق سيء ومرعب واكثر من مأساوي، ولا يمكن اصلاح هذا الواقع في ظل المنظومة القضائية والادارية والاجراءات الحكومية العاجزة عن توفير الحماية والعدل لشخص او عائلة في العراق. فكيف لهم اصلاح السجون وفيها عشرات الآلاف من المحكومين والموقوفين، الذين عجزت كل اجهزة الدولة ان تنصفهم في الظروف الاعتيادية، فكيف يمكن ذلك؟ والواقع العراقي ينخر فيه الفساد بكل انواعه واشكاله وجائحة كورونا وزيادة اعداد الوفيات وتحذيرات من موجات جديدة للفيروس أكثر خطورة والوضع الوبائي الخطير الذي يهدد النظام الصحي بالانهيار.
أعداد الموقوفين والمحكومين في مواقف الاحتجاز وسجون دائرة الاصلاح في العراق يبلغ أكثر من 76 الف شخص، منهم 49 ألف محكوم، وثلاثة آلاف امرأة وألفا حدث، والسجون اوضاعها سيئة اذا لم تكن مأساوية، وتتطلب خطة سريعة للاصلاح، والحل العاجل والحاسم في هذا الامر هو في اصدار قانون العفو العام والشامل. لكن هذا الامر متعذر في الوقت الحاضر بسبب قرب الانتخابات المبكرة والصراعات والخلافات الموجودة داخل مجلس النواب.
لذلك فأن العفو الخاص هو الحل الاسرع والافضل في الظروف الحالية، وهذا ما تم الاعلان عنه في توجيه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بمتابعة تسريع إجراءات العفو الخاص عن الأطفال الأحداث والنساء خلال ترأسه يوم 18 تموز/يوليو الماضي إجتماعاً ضم وزير العدل وعدداً من المسؤولين في الحكومة ورئاسة الجمهورية، تم فيه بحث الأوضاع الحالية للسجون وإجراءات الوزارة في تنفيذ خططها بشأن تطويرها وجعلها أماكن للإصلاح والتأهيل النفسي للنزلاء فيها، وتكون ملبية لمعايير حقوق الإنسان، وتأكيده على “أهمية تفعيل البرامج التأهيلية والإرشادية للمودعين، التي من شأنها المساعدة في الإصلاح وإعادة إدماجهم وتأهيلهم مجتمعياً وتربوياً”.
الاجتماع المذكور مضى عليه اكثر من اسبوعين من دون اي قرارات او اجراءات على ارض الواقع، ولم يتبين بعد ما هي الاجراءات الاصلاحية لضمان عمل السجون ومطابقتها المعايير الدولية، رغم ان ملف السجون والتقصير والاهمال الذي يصل الى حد الجرائم التي يعاقب عليها القانون العراقي في اساءة المعاملة والتعذيب وسوء الاوضاع الصحية والمعيشية والغذائية والاجراءات المتعلقة بالزيارات وحالات الوفاة المسجلة المعلنة وغير المعلنة للمسجونين والمعتقلين.
ان العفو الخاص منصوص عليه في المادة (73/أولاً) من الدستور العراقي لسنة 2005 وهو من صلاحيات رئيس الجمهورية في “اصدار العفو الخاص بتوصية من رئيس مجلس الوزراء، باستثناء ما يتعلق بالحق الخاص، والمحكومين بارتكاب الجرائم الدولية والارهاب والفساد المالي والإداري” اي انه عفو خاص عن مجاميع محددة من المحكومين خاصة في جرائم الجنح والجنايات التي فيها صلح او تنازل من المشتكين.
وهي خطوة جيدة لانه الحل الافضل والأسرع والممكن في هذه الظروف ومطلوب من الحكومة الاسراع في الاجراءات الخاصة باصداره، لان اوضاع السجون هي مروعة ومأساوية ونكرر ونضع أكثر من خط تحت كلمة مأساوية، الى جانب اكتظاظ السجون وضعف بل انعدام الخدمات الاساسية الصحية وانتشار الامراض المعدية كالجرب وتقارير رسمية حكومية تتحدث عن وجود ممارسات تعذيب وسوء معاملة تؤدي الى وفاة العشرات وهي موثقة وتؤثر على التزامات العراق باعتباره عضواً في الامم المتحدة ومُوقع على الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الانسان والمعاهدة الدولية لمنع التعذيب وسوء المعاملة، وكل ذلك يشكل ضرورة انسانية وقانونية وادارية وصحية لاصدار مثل هذا العفو الخاص لان سجون العراق لا يصلحها الا اصدار عفو عام او خاص للسجناء وبأسرع وقت ممكن.