الانتخابات العراقية بين جبهة المقاطعة والمشاركة

اعلان حزب المرحلة المقرب من مصطفى الكاظمي الانسحاب من الانتخابات في شهر نيسان/أبريل الماضي وإعلان الاخير عدم ترشحه ومقاطعة الصدريين والشيوعي العراقي وجبهة الحوار وائتلاف الوطنية للانتخابات المبكرة المقرر إجراؤها في شهر تشرين الأول/اكتوبر القادم، وسع جبهة الرفض وقلص حظوظ نجاحها، وفتح الباب واسعا لانسحابات اخرى.

والسؤال الذي يطرح نفسه: ماذا بعد العزوف عن المشاركة في الانتخابات؟ وما هي الحلول البديلة… هل هي تأجيل الانتخابات الى موعد اخر ام الاتجاه الى المعارضة؟ وما خطط ورؤى المقاطعين؟

يبدو ان انسحاب الكاظمي المبكر من الانتخابات كان حركة تكتيكية ذكية بعد ان أدرك عدم توفر الظروف الموضوعية لإجرائها وما إعلانات الحكومة المتكررة بالتصميم على موعد الانتخابات الا ذر للرماد في العيون لان المفوضية هي صاحبة القرار في ذلك… فليس من المعقول انسحاب الكاظمي والتضحية بالمنصب وهو يعلم بان من يغادر هذا المنصب لن يعود اليه ولنا في الجعفري والمالكي والعبادي أمثلة حية على ذلك.

اما الصدريون والشيوعي العراقي وبقية القوى، فان الخشية من تكرار تجربة ونتائج 2018 كان الدافع الاساسي وراء إعلانات المقاطعة والانسحاب يضاف الى ذلك الخشية من عزوف الناخبين عن المشاركة لاسباب عديدة منها: تكرار نفس الواجهات الانتخابية اولا؛ فقدان الثقة بالمنظومة السياسية ثانيا؛ والظروف التي يمر بها العراق من ازمات صحية واقتصادية وخدمية وفوضى السلاح ثالثا؛.

إذن، خيار نجاح الانتخابات او توفر الشروط الموضوعية لإجرائها فقد عند هذه القوى مما دفعها الى الانسحاب وستتبعها قوى جديدة خوفا من فشل الانتخابات، بينما تصر قوى اخرى مثل الفتح والقانون وتقدم والنصر والحكمة على اجراء الانتخابات باعتبارها استحقاقا ومطلبا شعبيا.

واليوم اصبح لدينا جبهتين: جبهة مشاركة في الانتخابات ومصرة عليها وجبهة رفض تريد الذهاب الى المعارضة بديلا عن المشاركة، وفي الامر خطورة كبيرة لان المعارضة في الأنظمة الديمقراطية تنبثق بعد الانتخابات وداخل قبة البرلمان لا قبل الانتخابات، ومتى ما نزلت المعارضة الى الشارع ونجحت في تحشيده (وهذا ما سيحدث بشكل أكيد بعد الانتخابات لان الشارع محتقن اصلا)، فان الاستحقاق الانتخابي سيعود من جديد الى الواجهة، فما الجدوى من اجراء انتخابات مبكرة في ظل انقسام القوى السياسية؟ وهل نحن بحاجة الى ازمات جديدة؟!