خليل النظامي يكتب : موروث اردني ضائع ..

سمعت والدتي تنشد
“سيارة الجيش بواقة بارض الخلا بنشرت فيه،،
بنزين ما صيدها بنزين ،، شوفيرها وأخلف النية”..

ببيتان من الشعر افتتحت والدتي – اطال الله بعمرها وامدها بالصحة – حفلة السمر العائلية في احد مزارعنا في جبال منطقة سوف بمحافظة جرش.

وبينما اردد واغني معها بالاشعار تسلل فضول غريب الى ذهني، وتوقفت عن الغناء، وبدأت اسأل والدتي من أين اتت هذه الاشعار، ومن قائلها,,؟

ووالدتي من النسوة “العتيقات” اللواتي امضين عمرهن على البساطة والحياة الكريمة والعفيفة، اللواتي لم تسنح لهن الفرصة لتلقي العلم بسبب ظروف الحياة القاسية وعنائها في ذلك الوقت.

فقالت لي: لا اعلم من قائلها ولكن اعلم اننا كنا نغنيها في احداث معينه فعلى سبيل المثال :
“يا حيّا الله بالزرقا واللي على ظهرها ،،
تسوى قرايا حوران واللي أسس حجرها”
والزرقاء هنا كان يقصد بها سيارة المغفور له بإذن الله الملك حسين بن طلال عندما كان يخرج منها ليحيي الاردنيين.

وعن قيمة السلاح والمسدس في البيت الاردني كانوا يغنون :
“عالجنب يلوح فردك يا خليل عـ الجنب يلوحي،،
يا بعد روحي سمعني صوته يا بعد روحي،،
هيه بالجيبه فردك يا خليل هيه بالجيبة،،
ما هو للعيبه حمله للشرف ما هو للعيبه،،،

وأيضا:
“خليل مرق من عندي اشقر والشعر ملبس ،، نذر علي لما اتجوز لألبسك مسدس،،”

وأيضا كان هناك اهازيج تغنى على طيارة الملك حسين رحمه الله حيث كانوا يقولون :
“طارت طياره بيضاء خفيفه فيها ابن الملك وابن الشريفه ,,
وبالله يا روحي تنزلي تتغدي سلطة حامض ليمون”,,,

وأيضا كانوا يعبرون عن مدى محبة الملك حسين رحمه الله لهم في بعض اغانيهم حيث قالوا :
“يا يمه بين الوادي والوادي،، يا يمه طالع نعنع يا طيبه،،
ويا يمه صرحلنا الملك حسين كلمن يؤخذ حبيبه”،
وهذا شعر يعبر عن مدى الحرية التي كانت ممنوحه للمواطنين من الملك حسين رحمه الله.

ومن اشعار الحب كانوا يغنون :
“لكتب جرايد وارمي بالحارة على اللي عشرتهم راحت خساره,,
قديش قلتلك يا قلبي سلاهم وأقلع العين اللي لدت تلاهم,,
ياللي رحلتوا ليلة امبارح يلي هواكم بالقلب بالجارح,,
ياللي رحلتوا بيا المطارح مطرح حبيبي لا تقربونه”.

وفي الغزل ايضا :
“يا يمه لو شفتي طول لها مطرق ريحان يا يمه وَيَا حليلها،،
يا يمه لو شفتي خدود لها،، تفاح الشام يا يمه وَيَا حليلها،،،
يا يمه لو شفتي عيون لها،، وسع الفنجان يا يمه وَيَا حليلها،،
يا يمه لو شفتي شعور لها،، ريش النعام يا يمه وَيَا حليلها،،
يا يمه لو شفتي ثم لها،، يا يمه لفت خاتم يا يمه يا حليلها،،

وامتدت حفلة السمر الى الحديث عن قصص ايام حرب السته، وايام احداث ايلول الابيض، وعن وصف اهل الغور، حتى انها ومع تقدمها في العمر – اطال الله بعمرها – لم تنسى اسم ذلك الشهيد الذي روت لي قصته والذي قام بقتل اكثر من 12 جندي اسرائيلي وقتل غدرا بالطعن من الخلف وكان اسمه رحمه الله “محمد احمد عوّاد البيروني”….

انتهت حفلة السمر على هذا النحو….
وما أحزنني وأنا عائد أن هناك موروث كبير عند من هم مثل والدتي وبنفس عمرها من الرجال او النساء، ويجب علينا ان نوثق ما لديهم من هذه الاشعار والقصص والاحداث والروايات فـ هي كلها تعتبر موروث حقيقي لنا يجب ان نعتز ونفتخر به ونسطره في صفحات التاريخ الاردني.