محادثات بين الصين وأرفع مسؤولة في إدارة الرئيس جو بايدن، في أجواء مشحونة، مع دعوة بكين واشنطن إلى الكفّ عن “شيطنتها”، فيما صرّح مسؤولون أمريكيون كبار بأنّ المبعوثة ويندي شيرمان كانت خلال الزيارة “حازمة” بشأن قضايا بينها أعمال قرصنة يُرجّح انطلاقها من الصين، فضلاً عن القمع في هونغ كونغ.
وتُعدّ زيارة نائبة وزير الخارجيّة الأمريكي ويندي شيرمان إلى مدينة تيانجين في شمال الصين أوّل لقاء مهمّ بين أكبر قوّتين اقتصاديّتين في العالم منذ محادثات أنكوراج بين وزيري خارجيّة البلدين والتي كانت شهدت سجالات حادّة.
والتقت شيرمان في مدينة تيانجين وزير الخارجيّة الصيني وانغ يي. ولم تتمّ دعوة الصحافة إلى هذا الاجتماع الذي نُظّم خارج العاصمة الصينيّة بداعي إجراءات مكافحة كوفيد-19.
ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة عن الوزير الصيني دعوته إلى تجاوز الخلافات وتحذيره من أنّ محاولات كبح تحديث الصين “محكوم عليها بالفشل”.
وقال الوزير “نأمل في أن يتّخذ الجانب الأميركي مقاربة موضوعيّة وعادلة تجاه الصين، وأن يتخلّى عن الغطرسة والتحيّز، وأن (…) يعود إلى سياسة عقلانيّة وعمليّة”، حسب ما نقلت عنه الوكالة.
من جهتها، قالت المتحدّثة باسم البيت الأبيض جين ساكي في واشنطن “نعتبر أنّ من المهم أن نقول للمسؤولين الصينيّين على انفراد وبشكل مباشر، ما نقوله في العلَن”.
وأضافت أنّ الولايات المتحدة تعتبر أنّ التعاون مع الصين ممكن في قضايا مثل تغيّر المناخ والملفّ النووي لإيران وكوريا الشماليّة، وكذلك الأزمات في أفغانستان وبورما.
وتهدف زيارة شيرمان التي بدأت الأحد إلى حماية العلاقات، في ظلّ تدهورها على خلفيّة مسائل عدّة بينها الأمن الإلكتروني والتفوّق التكنولوجي إلى جانب حقوق الإنسان في هونغ كونغ وشينجيانغ.
لكنّ الأجواء انعكست منذ بداية اليوم في بيان نشرته بكين.
وقال نائب وزير الخارجيّة الصيني شيه فنغ للموفدة الأميركيّة، بحسب نصّ نشرته الخارجيّة الصينيّة صباح الاثنين “ربّما تأمل الولايات المتحدة في أن تتمكّن عبر شيطنة الصين بطريقة ما… من تحميل الصين مسؤوليّة المشاكل الهيكليّة التي تعاني منها”.
وتابع وفق ما نقل عنه البيان “نحضّ الولايات المتحدة على تغيير عقليّتها المضلّلة وسياستها الخطيرة”، مشيراً إلى أنّ واشنطن تتعامل مع الصين على أنّها “عدو وهمي”.
ولفت إلى أنّ الشعب الصيني يرى في خطاب الولايات المتحدة “العدائي محاولة تكاد لا تكون مستترة لاحتواء الصين وكبحها”، في تصريحات تذكّر بالسجال الحاد الذي دار بين وزيري الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والصيني يانغ جيشي في ألاسكا في آذار/مارس.
وكتبت شيرمان الاثنين على تويتر أنّها تحدّثت مع وزير الخارجيّة وانغ يي عن “التزام الولايات المتحدة المنافسة السليمة وحماية حقوق الإنسان والقيم الديموقراطيّة”.
وقالت وزارة الخارجيّة الأميركيّة إنّ شيرمان أثارت مخاوف إزاء انتهاكات الصين حقوق الإنسان في هونغ كونغ وشينجيانغ والتيبت.
وقال مسؤولون أميركيّون “كانت نائبة وزير الخارجية حازمة جدّاً في جعل الصينيّين يفهمون معلومات تستند إلى وقائع بحوزتنا تأييداً لما كنا نتحدث عنه، سواء تعلق الأمر بحقوق الإنسان أو بانتهاك التعهدات التي قطعتها الصين مثل درجة عالية من الحكم الذاتي في هونغ كونغ” خلال محادثات صريحة لكن “مهنية” مع المسؤولين في بكين.
وأضافوا “تمت مناقشة سبل من أجل تحديد شروط الإدارة المسؤولة للعلاقات الأميركية الصينية”.
وتابعوا “نحن نبحث عن طرق بناءة للمضي قدما في بعض هذه القضايا… لا أعتقد أننا كنا نتوقع أي اختراقات كبيرة”.
كما تطرق الجانب الأميركي إلى مسألة حرية الإعلام والإجراءات العسكرية الصينية في مضيق تايوان وإعلان أحقّيتها بمنطقة بحر الصين الجنوبي، بحسب البيان.
ونشرت بكين قائمة مطالب للولايات المتحدة تشمل رفع العقوبات المفروضة على المسؤولين الصينيين والقيود على التأشيرات التي تستهدف الطلبة الصينيين، إضافة إلى التوقف عن “كبح” الشركات الصينية، وفق ما أفاد الناطق باسم الخارجية الصينية جاو ليجيان الصحافيين في وقت لاحق.
كما شدّد المتحدّث على وجوب وضع حدّ للدعوات إلى التحقيق مجدّداً في منشأ فيروس كورونا، داعياً واشنطن إلى “التوقف عن تخطّي الخطوط الحمر”.
وتعد الزيارة تحضيريّة للقاء محتمل في نهاية المطاف بين بايدن والرئيس الصيني شي جينبينغ، في وقت تتدهور العلاقات الأميركية الصينية في ظل وجود مؤشرات قليلة على أي تحسّن.
عشيّة وصول شيرمان إلى الصين الأحد، تعهّد وزير الخارجية الصيني وانغ يي “تلقين الولايات المتحدة درساً” في كيفية التعامل مع الدول الأخرى بشكل منصف”، وهو ما أذن ببداية صعبة للمحادثات.
ونقل بيان للخارجية عنه قوله السبت إنّ “الصين لن تقبل بأيّ تفوّق تمنحه دولة لنفسها”.
وكان وزير الخارجية السابق الذي أصبح المبعوث الأمريكي بشأن المناخ جون كيري، المسؤول الرفيع الوحيد في إدارة بايدن الذي زار الصين.
وتعهّد الطرفان خلال زيارته التعاون بشأن مسألة تغير المناخ، رغم خلافاتهما العديدة.
وحافظ بايدن على موقف بلاده المتشدد حيال الصين الذي تبناه سلفه دونالد ترامب في وقت سعت واشنطن لتشكيل جبهة موحدة تضم دولا ديموقراطية حليفة في مواجهة بكين.
وتبادلت الصين والولايات المتحدة الأسبوع الماضي فرض عقوبات على خلفية قمع بكين الحريات في هونغ كونغ، في آخر موجة عقوبات متبادلة بين البلدين استهدفت شخصيات بينها وزير التجارة الأميركية الأسبق ويلبر روس.
وأصدرت واشنطن الأسبوع الماضي تحذيراً إلى الشركات التجاريّة في هونغ كونغ على خلفيّة ما اعتبرت أنّه تراجع للحكم الذاتي في المدينة.