قال ملك الأردن عبد الله الثاني الأحد، إن دول المنطقة لديها “قلق مبرر وشرعي” من أنشطة إيران، مشيراً إلى أن بلاده تعرضت لهجمات بطائرات مسيّرة تحمل بصمات طهران، وحذّر من موجة لجوء جديدة إلى بلاده، بسبب الأزمة في لبنان التي باتت على شفا “كارثة إنسانية”.
وأضاف الملك عبد الله في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الأميركية: “لدينا في منطقتنا مخاوف مشروعة كما أعتقد، ونود معالجتها مع الإيرانيين”.
ورداً على سؤال بشأن البرنامج النووي الإيراني، وإذا كان يفضل عودة إيران إليه أو بقائها خارجه، قال ملك الأردن: “كلنا نعلم تاريخ وثقافة الشعب الإيراني، لقد أضافوا الكثير للعالم. ونعلم أن الشعب الإيراني يعاني على الصعيد الداخلي، الأردن تسعى على الدوام للحوار والمضي قدماً، بدلاً من خلق مزيداً من التحديات”.
وتابع: “قلت إن لدينا مخاوف مشروعة في الجزء الذي نعيش فيه من العالم في العديد من الملفات التي نأمل أن يتمكن الأميركيون من مناقشتها مع الإيرانيين”.
وواصل: “البرنامج النووي الإيراني يؤثر على إسرائيل، كما يؤثر على الخليج، وتكنولوجيا القذائف الباليستية تحسنّت بشكل كبير، وشاهدنا هذا للأسف ضد القواعد الأميركية في العراق، وشاهدنا تعرّض السعودية لقذائف من اليمن، وكذلك إسرائيل من سوريا ولبنان إلى حد ما، وما يخطئ إسرائيل يسقط أحياناً في الأردن”.
الأردن في مرمى المسيّرات
الملك عبد الله أردف في حديثه لـ”سي إن إن”: “لذلك لدينا بالفعل هذا القلق، أضف إلى ذلك تزايد الهجمات الإلكترونية على العديد من بلادنا، والاشتباكات التي زادت على حدودنا، في الوقت الذي كنّا نواجه فيه داعش”.
وكشف ملك الأردن عن تعرض بلاده لهجمات بطائرات مسيّرة، قائلاً: “للأسف الأردن تعرضت لهجمات بطائرات مسيرة تحمل بصمات إيران، وهذا أمر لا بد أن نتصدى له، وكان هذا خلال العام الماضي ولكنه تصاعد”.
وتابع: “نعلم أن المحادثات في فيينا توقفت قليلاً، حتى تستقر الحكومة الجديدة في إيران، وأنا لديّ إحساس أن الموقف الأميركي والموقف الإيراني، متباعدان إلى حد ما”.
وأضاف: “لكن كما قلت في البداية لدينا مخاوف مشروعة، نود معالجتها، وأن نجري محادثات ونجسر هذه الخلافات”.
وأوضح الملك عبد الله الثاني: “مجدداً إذا نظرت إلى منطقتنا فستجد أن الإمارات تشارك في حوار مع إيران لخفض التوترات، وشهدنا الشيء نفسه مع الكويت، وسلطان عمان، الذي كان لديه دوماً علاقات مع طهران ويحاول جسر الخلافات بين الخليج العربي وإيران، وهناك محادثات جارية بين السعوديين والإيرانيين”.
وأعرب ملك الأردن عن أمله في أن تقود تلك المحادثات، إلى “وضع أفضل يمكنّنا من تهدئة المنطقة، لأننا نواجه الكثير من التحديات”.
أزمة اللاجئين
ورداً على سؤال بشأن اللاجئين الذين يستضيفهم الأردن والبالغ عددهم 1.3 مليون لاجئ سوري، قال الملك عبد الله الثاني، إن الرد السريع هو أن “اللاجئين لن يعودوا إلى سوريا في أي وقت قريب”.
وأضاف: “لا أعتقد أن الناس يدركون التأثير الهائل، بالطبع لدينا حروب إقليمية، وركود اقتصادي عالمي، لدينا داعش وكوفيد-19، لكن أزمة اللاجئين تلحق الضرر ببلادنا بالفعل، وشعبنا يعاني، معدلات البطالة مرتفعة، وهذا يعزى جزئياً لجائحة كورونا وعودة الأمور لطبيعتها ببطء”.
وتابع ملك الأردن: “توجد مخاوف مشروعة في الأردن، الحياة أصبحت بالغة الصعوبة، والمجتمع الدولي ساعد، ولكني أعتقد أنه في أفضل عام، حصلنا على 40% أو 50% مما نحتاجه، والباقي يأتي من ميزانيتنا”.
وأوضح: “السوريون وبخلاف أي مكان آخر، ينضمون إلى أنظمتنا التعليمية والصحية، وأكثر من 200 ألف سوري لديهم تصاريح عمل وهم جزء من مجتمعنا، وهذا يقودنا إلى التحديّات التي تحدثنا فيها خلال مناقشاتنا مع الولايات المتحدة والأوروبيين”.
وتطرق الملك عبد الله في مقابلته إلى أزمة لبنان، قائلاً: “يجب ألا ننسى المأساة التي تحدث في لبنان، خاصة أن ما يحدث في لبنان مرتبط بما يحدث في سوريا، ومع الأزمة التي يشهدها لبنان، فنحن على شفا كارثة إنسانية هناك، إن لم تكن قد حدثت بالفعل، ومع الصعوبات التي يواجهها الشعب السوري، قد نكون في الأردن أمام موجة جديدة من اللاجئين لا قدّر الله”.
تفاهم مع إسرائيل
وحول العلاقة مع إسرائيل، قال ملك الأردن، إن هناك تفاهماً أفضل مع إسرائيل الآن، كاشفاً أنه التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، وأضاف أن سياسة الأردن محصورة بالملك ولا علاقة لأفراد العائلة الحاكمة بها.
وتابع في مقابلته مع “سي إن إن” أن “الصراع الأخير بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني كان بمثابة صحوة عن عواقب عدم التقدم إلى الأمام”. ووصف الحرب الأخيرة مع قطاع غزة، بأنها “جرس إنذار للجميع”، مُعتبراً أن الحديث عن قوة إسرائيل وتقدمها الاقتصادي والتكنولوجي “واجهة هشة للغاية”، حسب ما جاء في المقابلة.
وأضاف: “أعتقد أن هذه الحرب الأخيرة مع غزة كانت مختلفة. منذ عام 1948، هذه هي المرة الأولى التي أشعر فيها بحرب أهلية في إسرائيل، أعتقد أن الديناميكيات الداخلية التي رأيناها داخل البلدات والمدن الإسرائيلية كانت بمثابة جرس إنذار لنا جميعاً”.
وأشار الملك عبد الله إلى أنه التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت ووزير الدفاع بيني غانتس، مضيفاً: “خرجت من تلك الاجتماعات وأنا أشعر بالتشجيع الشديد، وأعتقد أننا رأينا في الأسبوعين الماضيين، ليس فقط تفاهماً أفضل بين إسرائيل والأردن، ولكن الأصوات القادمة من كل من إسرائيل وفلسطين، أننا بحاجة إلى المضي قدماً”، حسب ما ذكرت “سي إن إن”.
وعن ردّه على حديث دوري غولد المستشار المؤثر لرئيس الوزراء نتنياهو، حول أن “الأردن بحاجة إلى البدء في التفكير في نفسه على أنه دولة فلسطينية”، قال الملك عبد الله: “حسناً، مرة أخرى، هذا النوع من الكلام الفارغ ليس جديداً، الأردن هو الأردن. لدينا مجتمع مختلط من خلفيات عرقية ودينية مختلفة، لكنها بلدنا. الفلسطينيون لا يريدون التواجد في الأردن. يريدون أراضيهم”.
“السياسة محصورة بالملك”
وقال الملك عبد الله الثاني إن “أسلوب الملك المؤسس تجسّد في محاولة توحيد الشعوب والتوفيق بينهم، وهو ما ورثه أبي عنه، وما ورثته أنا عن والدي، وما يرثه ابني عني”، مضيفاً: “من السهل استغلال مظالم الناس لتحقيق أجندات شخصية، لكن هل أنت صادق وأنت تحاول أن تقوم بذلك؟”.
وتابع: “الأردن لا يزال الأردن. رغم جميع الصدمات وهذا يعكس صمود الأردنيين”، متابعاً: “إذا كنت أحد أفراد العائلة المالكة، فلديك امتيازات، وهناك محددات، والسياسة محصورة بالملك”.
وأوضح الملك عبد الله: “عادة ما ننظر إلى الأزمات بشكل منعزل من دون فهم المسيرة التي خاضها بلد مثل الأردن”.
وحول زيارته الأخيرة للولايات المتحدة، قال ملك الأردن: “أعرف الرئيس بايدن منذ كنت شاباً أزور الكونغرس برفقة والدي”، مضيفاً: “مباحثاتي مع جميع الرؤساء الأميركيين دائماً مثمرة ومبنية على الاحترام المتبادل والتفاهم”.