ذبح إمام أثناء الصلاة يثير ضجة سياسية في الجزائر

تراشق بين الإسلاميين والعلمانيين والسلطات تصنف الفاعل “مختلاً عقلياً”

علي ياحي مراسل

عادت المعركة بين الإسلاميين والعلمانيين لتطفو إلى السطح بعد حادثة ذبح إمام مسجد بمنطقة القبائل، وسط الجزائر، وعلى الرغم من أن مواقع التواصل الاجتماعي احتضنت تبادل الانتقادات والاتهامات، فإن الواقعة كشفت عن فتنة نائمة تستدعي اليقظة قبل فوات الأوان.

صدمة عنيفة

وعاشت بلدية مكيرة بمحافظة تيزي وزو صدمة عنيفة بعد ذبح إمام مسجد طارق بن زياد أثناء أدائه صلاة العصر، ولا تزال ارتداداتها متواصلة، ليس بخصوص الفاعل الذي سارعت الجهات المعنية إلى تصنيفه “مختلاً عقلياً”، لكن بسبب ردود الفعل التي تمحورت بين انتقاد الحادثة من طرف الإسلاميين، والتزام الصمت من جهة العلمانيين.

ووفق ما جاء في رواية رواد المسجد وتناقلتها السلطات المعنية، فإن الإمام حمودي بلال، تعرض لعملية الذبح خلال ركوعه في صلاة العصر، من طرف شخص يعاني اضطرابات عقلية، تمكنت مصالح الأمن من القبض عليه، ومباشرة عملية التحقيق حول ظروف وملابسات القضية.

استنكار رسمي

وفي السياق، استنكرت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف الحادثة، ووصفتها بـ”الفعل الشنيع”، مؤكدة أنها تتابع المعتدي قضائياً، وتتضامن مع عائلة الإمام. وقالت إن “أسرة المساجد تتألم على الرغم من مجهودات الوزارة في حماية الإمام من كل الاعتداءات وأشكال العنف التي يتعرض لها”.

من جانبه، استنكر المجلس المستقل للأئمة وموظفي قطاع الشؤون الدينية والأوقاف في الجزائر، مقتل الإمام. وطالب الرئيس عبدالمجيد تبون بالتدخل، لحماية الأئمة من مختلف الاعتداءات والتهديدات، واصفاً الحادثة بـ”الجرم الدخيل” على الأمة الجزائرية.

وأكد المجلس أن القانون الصادر في أبريل (نيسان) 2020، لا يفي بحماية الإمام، مشدداً على إصدار جملة من القوانين والنصوص التنظيمية لتأمين الحماية الواضحة، داعياً البرلمان بغرفتيه، خلال اجتماعه الاثنين المقبل، بتبني مطالب الأئمة عموماً، وما تعلق بحمايتهم على وجه الخصوص، إضافة إلى تنظيم يوم تضامني مع الإمام يحدد تاريخه ومكانه لاحقاً.

جدل واسع

وأثارت الجريمة جدلاً واسعاً، خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، التي عرفت حركية غير معتادة بين الإسلاميين والعلمانيين، استذكرت حادثة تخريب تمثال امرأة بمحافظة سطيف، شرق الجزائر، حيث “انتفض” العلمانيون ودعاة الحداثة، متهمين الإسلاميين بالرجعية والظلامية وأعداء المرأة والفن والثقافة والتقدم، ليس إلا أن الفاعل مُلتحٍ على الرغم من أن السلطات ألبسته رداء “مختل عقلياً”.

في المقابل، يستبعد الناشط السياسي سعيد مرسي، جنون القاتل. وقال إنه “انتقام بتهور”، لأن عامل الترصد والإصرار “يثيران شكوكاً حول العملية، وربما هناك خفايا في الموضوع”، مشدداً على أن الجريمة شنيعة تجاوزت كل الحدود، وقد ذكرتنا بحوادث العشرية السوداء التي من جملة ما استهدفت قتل وذبح بعض الأئمة لحسابات خفية، سواء أكانت سياسية أو انتقامية. وأضاف أن كل شيء ممكن، حتى أولئك المشعوذون باسم الدين مشكوك فيهم بأنهم قاموا بهذا الإجرام.

ويواصل مرسي، أنه من مصلحة النظام “عدم تهويل الحادثة أو إعطائها بعداً آخر قد يثير فتنة، خاصة أن التراشق قائم على قدم وساق”، معبراً عن أمله في أن لا تكون الحادثة ذريعة للاستغلال والفتنة، فما أكثر الحوادث المشابهة نتيجة أمراض خطيرة تنتشر في المجتمع ودون علاج لها أو السلطة غافلة عنها، أوصلتنا إلى حد المواجهات بين الأحياء والعروش وغيرها من السلوكيات الغريبة.

إلصاق التهمة بجهات

من جهة ثانية، يرى الإعلامي المهتم بالشأن السياسي، عيسى باسعيد، أنه ليس من الضروري على العلمانيين التفاعل مع كل شيء وأي شيء، أما مقارنة تخريب تمثال مع ذبح إمام “ففيه شيء من البلاهة”، مشدداً على أن العلمانيين ليسوا الناطق الرسمي باسم الرأي العام أو الشعب، ولا يمكن لأية جهة فرض موقف على جهة أخرى في أي موضوع متى أرادت.

وبخصوص رفض الإسلاميين لصفة مختل عقلياً، واعتبار الحادثة أمراً مدبراً، يقول باسعيد، إنه “على الإسلاميين إثبات ذلك، وعدم توجيه الاتهامات شرقاً وغرباً”.