تناولت صحيفة “الغارديان” في افتتاحيتها فضيحة “بيغاسوس” التي ظلت تنشر طوال الأسبوع تفاصيل عن اختراق دول اشترت النظام الذي أنتجته شركة إسرائيلية للتجسس على المواطنين والمعارضين وقمعهم في الداخل والخارج.
وقالت إن برنامج التجسس “بيغاسوس” هو تصدير للرقابة الذاتية وأن هناك حاجة لقواعد تحكم عمل أسلحة القمع الشامل هذه.
وقالت إن العام الماضي شهد أكبر معدل على النفقات العسكرية منذ عام 1988، حيث وصل حجم النفقات إلى تريليوني دولار ونصف هذه النفقات من الولايات المتحدة وحلفائها. وتعتبر الميزانيات الدفاعية أرصدة قومية لا أحد يطلع عليها.
ونشأت شبكة من القواعد حول عمليات تصدير الأسلحة وطرق استخدامها. فلا دولة تريد أن تتحول أسلحتها الفتاكة ضدها. إلا أن هناك حوالي 500 شركة خاصة لا تزال تعمل بدون تنظيم، وتبيع برامج تخترق الخصوصية للأنظمة القمعية للتجسس والتحرش على نقادها.
وتصرفات معادية للديمقراطية كهذه، كانت كافية لأن توقف كل المبيعات، لكنها تواصلت. وتقول الصناعة إن هذه الأنظمة التي تبيعها هي من أجل قتال الجريمة والإرهاب، لكن ماذا سيحدث عندما تقرر الحكومات استخدام هذه القدرات ليس ضد مواطنيها بل الغرب الديمقراطي؟
تقول الصحيفة: “ربما حصلنا على جواب لهذا السؤال”. وأشارت إلى تحالف من الصحف حول العالم بمن فيها “الغارديان” وأمنستي إنترناشونال والمنظمة غير الربحية في باريس “فوربدن ستوريز” الذي نشر هذا الأسبوع قائمة أرقام هواتف التي تم تحديدها بأنها تعود إلى زبائن شركة “أن أس أو” الإسرائيلية.
وكشف التحليل الجنائي أن نفس زبائن الشركة استخدموا برنامج التجسس “بيغاسوس” لاختراق الهواتف الذكية للصحافيين والمعارضين والناشطين. وظهرت على هاتف وزير فرنسي آثارا رقمية لنشاطات تتعلق ببرنامج التجسس الذي صنعته الشركة الإسرائيلية. وفتحت باريس تحقيقا في الأمر. وظهرت هذه الأرقام في قائمة من 50 ألف رقم، وعليها أرقام 10 رؤساء وزراء وثلاث رؤساء، بمن فيهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وملك المغرب.
ويشبته في قيام الحكومة الهندية التي يعتقد أنها زبون لشركة “أن أس أو” في التجسس على أرقام حكومة الدالاي لاما في المنفى. واختارت دولة خليجية حليفة لبريطانيا، هي الإمارات، القريبة من إسرائيل، مئات الأرقام التي تعود لمواطنين بريطانيين. وتقول الغارديان: “بأصدقاء كهؤلاء، يتساءل الواحد ما هو المطلوب من الأعداء؟”.
وقال الوزير البريطاني، لورد ترو، إن بلاده قامت بـ”التعبير عن قلقنا عدة مرات للحكومة الإسرائيلية حول عمليات أن أس أو”.
وتقول الشركة إنها لا تشرف على عملية تشغيل النظام التجسسي، فهي تبيع وليس لديها منفذ على بيانات أهداف زبائنها، ولا تستطيع الشركة مراقبة استخدامه. وهذه حجة واهية يقصد منها الدفاع عن النفس باسم أسرار التجارة. لكن برامج التجسس كالتي تصنعها “أن أس أو” تسهل عملية اختراق الحقوق الأساسية. ولم يعد مستساغا في الديمقراطيات الغربية الشكوى من تصدير الصين وروسيا أدوات الديكتاتورية الرقمية في وقت يقوم فيه حلفاؤها باستخدام نفس الوسائل لتحقيق نفس الهدف.
وباتت قوة الدولة مرتبطة ببرمجيات الكمبيوتر، ويجب على إسرائيل والحالة هذه التحكم بقطاع برامج التجسس التي تسمح للأنظمة الديكتاتورية بتصدير الأنظمة التي تمارس الرقابة على الذات. وهناك حاجة لقواعد دولية لضبط عملية انتشار أسلحة القمع الشاملة، ومن مصلحة الديمقراطيات للحد من انتشار هذه التكنولوجيا. وفي الوقت الحالي لا توجد آليات حكومية أو خاصة، باستثناء رفع دعاوى قضائية لمنع أو إصلاح الإنتهاكات الخطيرة لحرية التعبير والتجمع والخصوصية التي تعززها أدوات مثل تلك التي تنتجها “أن أس أو”. ويجب أن يتغير كل هذا.