الصين تطلق أكبر سوق في العالم لتداول انبعاثات الكربون

بكين ـ أ ف ب: أطلقت الصين، أكبر مصدر لانبعاثات الغازات الكربونية المسببة للاحتباس الحراري، الجمعة «سوق الكربون» الخاص بها الذي يفترض أن يساعدها على تقليل انبعاثاتها ويعد أداة حاسمة لمكافحة تغيرات المناخ.
وإدراكاً منها للمخاطر التي يشكلها الاحتباس الحراري على البيئة والمجتمع، تنوي هذه الدولة الآسيوية العملاقة، التي تعد أكبر مستثمر في الطاقات المتجددة، أن تكون من البلدان الرائدة في العالم في قضية المناخ.
ويفترض أن تكون الصين، التي تعهدت بالوصول إلى ذروة انبعاثاتها من الكربون بحلول 2030، ثم الانتقال إلى «الحياد الكربوني» بحلول 2060، طرفاً رئيساً فاعلاً في قمة المناخ للأمم المتحدة الذي ستعقد في نوفمبر/تشرين الثاني في غلاسكو.
ومن الناحية العملية سيجبر سوق الكربون الصيني الجديد الذي أطلق أمس آلاف الشركات في البلاد على تقليل انبعاثاتها الغازية المسببة للتلوث والاحتباس الحراري، وإلا ستتكبد خسائر اقتصادية.
*لكن كيف يعمل هذا النظام؟ للمرة الأولى تم تحديد سقف للتلوث (الانبعاثات) للشركات. وفي حال لم تتمكن من احترام هذه الحصص، سيترتب عليها شراء «حقوق في التلوث» من الشركات الأخرى ذات الانبعاثات الكربونية المنخفضة.
مع ذلك، ما زالت أسئلة تطرح حول حجم هذا النظام الذي تم تخفيضه مقارنة بالمشروع الأول، وفاعليته من خلال تحديد سعر منخفض لحقوق إطلاق انبعاثات. وتتحدث الصين عن هذا المشروع منذ عقد. لكن التقدم فيه عرقله بانتظام صناعيو الفحم والسياسات العامة التي تعزز نمو سريع على حساب البيئة.
*المشروع الأكبر في العالم: قالت «وكالة الطاقة الدولية» أن النظام الصيني الجديد سيغطي مبدئيا 2225 من المنتجين الصينيين للطاقة الكهربائية الذين يولدون حوالي سُبع انبعاثات الكربون العالمية من احتراق الوقود الأحفوري (الفحم والنفط والغاز).
وهذه الشركات مسؤولة عن ثلاثين في المئة من حوالي 14 مليار طن من غازات الاحتباس الحراري المنبعثة من المصانع الصينية في 2019.
وتفيد تقديرات مصرف «سيتيغروب» الأمريكي أنه سيتم شراء «تصاريح تلوث» بقيمة 800 مليون دولار هذا العام في الصين، ثم 25 مليار دولار بحلول 2030.
ويفترض أن يمثل سوق الكربون الصيني كقيمة تجارية حوالي ثلث قيمة سوق الاتحاد الأوروبي – وهو الأهم حاليا.
وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة أن النظام الجديد لتبادل حصص الانبعاثات في الصين هو فعليا «الأكبر في العالم» في كمية الانبعاثات التي تتم تغطيتها.
وكان يفترض أن يكون النظام الذي وضعته بكين في الأصل أوسع ويشمل سبعة قطاعات بينها الطيران والصناعات البتروكيميائية.
وقال لوري ميليفيرتا، المحلل في مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف، أن الحكومة الصينية «خفضت سقف طموحاتها» إذ أنها تعتبر النمو الاقتصادي أولوية في سياق التعافي من تبعات وباء كوفيد.
ومصدر القلق الآخر للمدافعين عن البيئة السعر المنخفض لحصص التلوث.
وفي الصفقة الأولى صباح الجمعة حدد السعر بـ52.7 يوان (8 دولارات) للطن الواحد من غاز ثاني أوكسيد الكربون.
ويفترض أن يبلغ متوسط الأسعار حوالي 4.6 دولار هذا العام في الصين، أي أقل بكثير من 49.40 دولارا في الاتحاد الأوروبي، حسب تقديرات مصرف «سيتيك سيكيوريتيز» الصيني.
وقالت المنظمة البريطانية «ترانزيشنزيرو» أن توزيع تصاريح تلوث مجانية وفرض غرامات متواضعة لعدم الامتثال للقواعد سيبقي أسعار التلويث منخفضة.
لكن الصين تؤكد أن سوق الكربون ما زال في بداياته. فقد أوضح جانغ تشيليانغ، مصمم النظام الجديد، الأسبوع الماضي إنه سيتم تمديد البرنامج ليشمل منتجي الإسمنت ومُصنِّعي الألومنيوم اعتباراً من العام المقبل.
وقال إأن «الهدف هو تغطية ما يصل إلى عشرة آلاف من مصادر الغازات، مسؤولة عن حوالي خمسة مليارات طن من انبعاثات الكربون الإضافية كل عام».
لكن قد تؤدي عوامل أخرى إلى إبطاء التقدم مثل نقص المعرفة التقنية أو ضغوط مجموعات الضغط الكبرى النافذة في قطاعي الفحم والفولاذ.