بعد اعتذار الرئيس المكلّف سعد الحريري الذي تلته ليلة عاصفة من الاحتجاجات الشعبية أوصلت الدولار إلى 23 ألف ليرة، تجددت بعد ظهر أمس الاحتجاجات وتمّ قطع العديد من الطرقات في الشمال وبيروت والناعمة، وحصل توتّر عند مدخل جبل محسن في طرابلس مع وحدات من الجيش اللبناني التي حاولت فتح طريق، فحصل تدافع بينها وبين المحتجين تخلّله إطلاق عيارات نارية ورصاص مطاطي، ما أدى الى وقوع 10 إصابات بين الشبّان المحتجين في مقابل إصابة 5 عسكريين ومصوّر قناة” الجزيرة” في الشمال خالد الجبشيتي بعد إلقاء قنبلة باتجاههم، وإصابة 10عسكريين آخرين بالحجارة، وعملت فرق الصليب الأحمر على نقل الجرحى وإسعافهم، وتخلّل التوتر تحطيم نصب للجيش، وسط تحذيرات دولية وأممية ومن قائد الجيش اللبناني من خطورة الأوضاع وانزلاقها إلى المجهول، فقد أكد قائد الجيش العماد جوزف عون خلال جولة على المواقع العسكرية في منطقة البقاع “أننا لن نسمح بزعزعة الأمن ولا عودة إلى الماضي”. وحذّر قائد الجيش من أن الوضع في البلاد يزداد سوءا والأمور آيلة إلى التصعيد.
في غضون ذلك، لم يتم أي تواصل بين قصر بعبدا ومقر الرئاسة الثانية في عين التينة بعد خطوة اعتذار الحريري للتوافق على موعد الاستشارات النيابية الملزمة. وبدا أن رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كان داعماً لاستمرارية الحريري في تكليفه، ينتظر أن يبادر رئيس الجمهورية ميشال عون إلى الخطوة الدستورية المطلوبة لتحديد موعد الاستشارات، وعلى الأرجح بعد عيد الأضحى.
ويبدو أن الاسمين الأكثر تداولاً هما رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي والنائب فيصل كرامي، لكن بورصة الأسماء ما زالت تداولاتها “غامضة ولم تنضج بعد” بحسب محللين.
وأكّد رئيس الجمهورية اللبنانية، العماد ميشال عون، الجمعة، أن بلاده ستتجاوز الظروف الصعبة التي تمر بها حاليا، واعداً ببذل الجهود للخروج من الأزمات التي يعاني منها اللبنانيون. وقال الرئيس عون ” لا شيء يجب أن يحبط اللبنانيين رغم قساوة ما يتعرضون له”، واعداً ببذل “كل الجهود للخروج من الأزمات المتلاحقة التي يعانون منها”.
وفي المواقف العربية والدولية من الأزمة الحكومية، أعلنت الجامعة العربية أن أمينها العام أحمد أبو الغيط، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، توافقا خلال لقاء في نيويورك على أن الوضع في لبنان يتجه من “سيئ إلى أسوأ”.
وأكد الناطق باسم الخارجية الفرنسية أن “فرنسا أحيطت علماً بقرار سعد الحريري بالتخلّي عن تشكيل الحكومة، وهذا التطور يؤكد ان الأداء السياسي الذي يعتمده القادة اللبنانيون أعاق البلاد لأشهر، وجعلها تغرق في أزمة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة”. وقال “هناك الآن ضرورة ملحة للخروج من هذا المأزق المنظم وغير المقبول، وإمكانية تشكيل حكومة في لبنان في أقرب وقت ممكن”.
وأضاف “يجب أن تكون هذه الحكومة قادرة على إطلاق الإصلاحات ذات الأولوية التي يتطلبها الوضع. كما يجب أيضا البدء في التحضير للانتخابات النيابية المقبلة في عام 2022، والتي يجب أن تتم بطريقة شفافة وحيادية، ووفقا للجدول الزمني المحدد”.
وختم: “كذلك تدعو فرنسا لتلبية احتياجات اللبنانيين الذين تتدهور أوضاعهم يوماً بعد يوم، والى تنظّم مؤتمر دولي جديد لدعم الشعب اللبناني في 4 آب/أغسطس بمبادرة من رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون، وبدعم من الأمم المتحدة”.
على خط موازٍ، أعربت الخارجية الأمريكية عن قلقها “من استقالة سعد الحريري كرئيس وزراء مكلف”. وكان وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن رأى أن “اعتذار الحريري عن عدم تشكيل حكومة تطور آخر مؤسف لشعب لبنان ومخيب للآمال”.