نشرت مجلة “إيكونوميست” في عددها الأخير تحت عنوان “البحث عن المتاعب: سجن تابع يكشف عن الصدع في المملكة”.
وقالت المجلة إن الملك عبد الله الثاني يحب الزمن القديم، وسيعود في 19 تموز/ يوليو إلى البيت الأبيض، كأول زعيم عربي يلتقي الرئيس الجديد. وقد رحل فريق المعادين له، دونالد ترامب ورفيقه بنيامين نتنياهو.
فقد رمى الرئيس جوزيف بايدن بصفقة ترامب التي أطلق عليها “صفقة القرن” لتسوية النزاع العربي- الإسرائيلي وهمشت الأردن وملكها. وجعل رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد نفتالي بينيت عمّان أول عاصمة يزورها بعد انتخابه. وبدون دعم من ترامب، تراجعت السعودية عن محاولاتها لكي تحل محل الأردن كوصية على الأماكن المقدسة في القدس.
وفي هذا الجو من إعادة الترتيب الجيوسياسي الذي يصب في مصلحة الأردن، فقد قرر الملك وعقيلته رانيا أخذ رحلة قصيرة لمدة ثلاثة أسابيع حول أمريكا. لكن الأردن نفسه يغلي، فالقبائل البدوية التي تعتبر تاريخيا حجر الدعم للملكية، باتت تتحدى الملك الذي يحكم منذ 22 عاما. وقال مسؤول سابق: “لم أر معارضة من قبل. وهي تتسرب إلى قلب النظام نفسه”.
وفي 12 تموز/ يوليو، أصدرت محكمة أمن الدولة حكما على مقربيْن سابقين للملك، وهما باسم عوض الله والشريف حسن بن زيد بالسجن لمدة 15 عاما بتهمة التآمر ضده. وكانت المحكمة سريعة وسرية وبدون شهود رئيسيين. ولم يتم توجيه تهم لأي ضابط في الجيش، مما أثار الشكوك حول مزاعم الادعاء بأن الانقلاب كان مرتبا. ولم يستطع المحامون عن المتهمين دعوة أي من الشهود مثل الشخصية الرئيسية في الدراما وهو الأمير حمزة بن الحسين، الأخ غير الشقيق للملك؛ لأنه تحت الإقامة الجبرية.
وترى المجلة أن القضية فاقمت من التوتر بدلا من توحيد الأردن خلف الملك. ومنح عدد من رجال العشائر الذي يخشون خسارتهم التفوق لصالح الأردنيين من أصل فلسطيني ولاءهم للأمير. وقام أحد نوابهم في البرلمان بقيادة احتجاج حاملا سيفه، حيث سجن لاحقا لتهديده بإطلاق النار على الملك.
وتقول المجلة إن المحتجين أثنوا على لغة الأمير حمزة الفصحى وعلاقاته العميقة بالقبائل وملامح وجهه التي تشبه والده الملك حسين. وفي الوقت نفسه تهكموا على نشأة الملك عبد الله الغربية، وعلاقاته بالزواج مع الغالبية الفلسطينية في الأردن. ويقولون إنه تابع لأمريكا ويهتفون بالإنكليزية “حتى يفهم”.
وفي الماضي كان الملك يشتري القبائل من خلال منحها وظائف في قوى الأمن، لكن المتاعب الاقتصادية تزيد من الغضب. فقد أثّر كوفيد- 19 على مصادر الدخل المهمة وهي السياحة والتحويلات من العاملين في الخارج. وخفّضت دول الخليج من الدعم والاستثمار. ومن المتوقع أن يزيد الديْن هذا العام بنسبة 118% من الناتج المحلي الإجمالي. وتعاني نسبة ثلثي الشباب الأردني من البطالة.
ولا يتحدث الملك مع شعبه إلا نادرا نظرا لعدم وجود رؤية للتعافي، وتقدم أمريكا للأردن سنويا 1.5 مليار دولار، ما يجعله ثاني أكبر مستقبل للدعم الأمريكي. وبدأت إسرائيل رحلات جوية مباشرة إلى الخليج ولم تعد بحاجة للأردن كنقطة انطلاق للعالم العربي وما بعده.
وقبل زيارته إلى واشنطن، أعلن الملك عن تعيين لجنة مليئة بالموالين له لكي تدرس الإصلاح السياسي. ولكن الملك يفضل إسكات المعارضة لا الاستماع إليها، كما أغلق نقابات العمال، وحدّ من الحريات المدنية.
وفي هذا العام، خفّض “فريدم هاوس” في واشنطن مرتبة الأردن من “حر جزئيا” إلى “ليس حرا”، وربما منح لقاء الملك مع بايدن فرصة، لكنه لن يحل متاعب وآلام بلده.