سعد الياس
بعد التشكيلة الأولى من 18 وزيراً التي قدّمها الرئيس المكلّف سعد الحريري إلى رئيس الجمهورية ميشال عون في 9 كانون الأول/ ديسمبر 2020، وأخذت جدلاً واسعاً حول أسمائها وحقائبها بين قصر بعبدا وبيت الوسط، وبعد مرور حوالى 8 أشهر على تلك التشكيلة، عاد الرئيس المكلّف ليقدّم إلى عون تشكيلة موسّعة من 24 وزيراً، تأخذ بعين الاعتبار المبادرة الفرنسية لجهة تسمية وزراء أخصائيين، وتأخذ بعين الاعتبار مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري لجهة زيادة العدد إلى 24.
وبعد اللقاء المقتضب الذي دام حوالى نصف ساعة مع رئيس الجمهورية، وهو الأول بعد قطيعة طويلة تخللها حرب بيانات وتراشق اعلامي، خرج الرئيس الحريري متجهّماً ليعلن” قدّمت إلى رئيس الجمهورية حكومة من 24 وزيراً من الأخصائيين حسب المبادرة الفرنسية ومبادرة الرئيس نبيه بري”. وقال “بالنسبة إلي فإن هذه الحكومة بإمكانها النهوض بالبلد والبدء بالعمل جدياً لوقف الانهيار، وتمنيت جواباً من فخامة الرئيس غداً لنبني على الشيء مقتضاه. لقد مرّت تسعة أشهر على محاولات تشكيل الحكومة، والآن حان وقت الحقيقة وبإذن الله سنعرف غداً”.
من ناحيته، لم يعلن الرئيس عون رفضه التشكيلة على الفور كما فعل سابقاً، بهدف عدم إحراج الحريري ودفعه إلى الاعتذار وتحمّل مسؤولية هذا الإجراء.
وأوضح مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية في بيان” أن الرئيس عون تسلّم من رئيس الحكومة المكلّف تشكيلة حكومية تتضمن أسماء جديدة وتوزيعاً جديداً للحقائب والطوائف مختلفاً عما كان الاتفاق عليها سابقاً، وأبلغ الرئيس عون الرئيس المكلّف أن التشكيلة المقترحة بالأسماء الواردة فيها وبالتوزيع الجديد للحقائب ستكون موضع بحث ودراسة وتشاور ليُبنى على الشيء مقتضاه”.
ولدى سؤال رئيس الجمهورية من قبل الإعلاميين عن المهلة التي أعطاه إياها الحريري للرد على التشكيلة أجاب “بيأمر”. إلا أن مصادر بعبدا لفتت الى أن حصر الحريري رئيس الجمهورية بمهلة للرد أمر غير مألوف، فيما مصادر “المستقبل” رأت أنه “لا جدوى من الانتظار أكثر من 24 ساعة لأننا بحاجة إلى حكومة مهمة الآن”.
وما لم يقله البيان الرئاسي عن التشكيلة ذكرته أوساط التيار الوطني الحر التي كشفت” أن التشكيلة تتضمن تغييرات وأسماء لا يعرفها رئيس الجمهورية، خصوصاً أنها قُدّمت من دون سِير ذاتية وافية”.
وأشارت الأوساط إلى أن” الحريري سمّى الوزيرين المسيحيين في تشكيلته الجديدة، وأعطى الخارجية لماروني والدفاع لأورثوذكسي واحتفظ بالداخلية لسنّي بعدما سبق وأعطاها لأورثوذكسي نزولاً عند رغبة عون”. وأفيد أن الوزيرين المسيحيين الجديدين هما جو صدّي وفادي سماحة.
وسبقت زيارة الحريري الى بعبدا زيارة خاطفة قام بها الى مصر، حيث التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تزامناً مع جولة في بيروت لموفد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، السفير باتريك دوريل، واتصالات روسية برئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، في إطار ممارسة الضغوط عربياً ودولياً لتجنّب تداعيات اي اعتذار قد يقدم عليه الرئيس المكلّف والذي من شأنه تعقيد الأمور وإطالة عمر الأزمة.
وبدا أن لقاء الحريري ـ السيسي فرمل خطوة الاعتذار لبعض الوقت، بانتظار الموقف الذي سيتخذه الرئيس عون من موضوع التشكيلة، ليعلن الرئيس المكلّف موقفه في إطلالة على قناة “الجديد” مساء الخميس، وهو الاعتذار، علماً أن القاهرة طالبته بعدم الاعتذار، وأبلغته أن مصر “ستعمل على وضع خرطة طريق لحل الأزمة وستدعو دولاً عربية عدة لاجتماعات تنسيقية حول لبنان”.
وكشفت مصادر لقناة “الحدث” أن “القاهرة ستسعى الى إنشاء مجموعة اقتصادية دولية لدعم لبنان، وأن وفداً مصرياً رفيع المستوى سيزور بيروت قريباً لدعم تشكيل الحكومة”.
على خط موازٍ، كان موفد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، السفير باتريك دوريل، يجول على عدد من القادة اللبنانيين، وفي طليعتهم رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، أما اللقاء الأبرز فكان مع رئيس” كتلة الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد.