هناك ظاهرة غريبة تحدث الآن في أوساط الدعاة من يمين الخارطة السياسية: ردود غاضبة وخوف من محاولات تحسين العلاقات السياسية مع إحدى الشريكات الاستراتيجية المهمة جداً لإسرائيل، وهي الأردن.
منذ أن نشر براك ربيد في الأسبوع الماضي (“واللاه”) عن اللقاء السري بين رئيس الحكومة نفتالي بينيت، والملك عبد الله في قصر عمان، تملكت البارانويا عدداً منهم. فهم يخافون من أن تحسين العلاقات الباردة، التي تدهورت إلى الدرك الأسفل في عهد نتنياهو، سيكلف إسرائيل ثمناً باهظاً، مثل فرض عملية سياسية مع الفلسطينيين (لا سمح الله، وكأن ما لم يستطع بايدن التفاخر بفعله، سينجح الأردن في فعله)؛ وتصفية التحالف مع دول الخليج أمام إيران (وهذا أمر ممكن وواجب)؛ والتنازل عن الجيوب (نتنياهو تنازل عما هو ليس لنا في الأصل)؛ وحتى حيازة هستيرية لبضعة أكواب مكعبة من المياه (تبين أن المياه في أرض إسرائيل مقدسة مثل الأرض نفسها). على سبيل المثال، في “قابل الصحافة”، قال نداف هعتسني بأن الأردن دولة “تتصرف مثل دولة معادية”. وفي صحيفة “إسرائيل اليوم” وصفت كارولين غليك اللقاء بـ “إهانة”.
يسود في جهاز الأمن الآن إجماع حول أهمية التعاون الأمني – الاستخباري مع الأردن. وهيئة الأمن القومي لم تقلل من أهمية المملكة في الدفاع عن الحدود الأطول للدولة، حتى في عهد نتنياهو. بالعكس، لم توقف تأكيدها بأن تلك العلاقة التي من وراء الكواليس وبين أذرع الأمن ومجال الطيران والطاقة، هي علاقة وثيقة. وكانت هيئة الأمن القومي أشارت، في تقديرها الاستراتيجي السنوي، إلى أن تعزيز العلاقة مع دول الطوق هو أحد الأهداف الرئيسية. انشغلت حكومة نتنياهو أيضاً بالدفع قدماً بمشروع تشغيل العمال الأردنيين في الفنادق في إيلات والبحر الميت كضمادة صغيرة للفشل في البرامج المدنية مثل “قناة البحرين” و”بوابة الأردن”.
لم تكن المشكلة هي التنكر لأهمية العلاقات مع الأردن والحاجة المبدئية إلى إعادة ترميمها، بل في ليّ الأذرع الذي لا يتوقف في كل ما يتعلق بتدخله وموقفه من القضية الفلسطينية وموضوع الحرم. هذا إلى جانب إهمال إجرامي للصعيد المدني في العلاقات، في ظل شلل وزارة الخارجية في فترة الحكومة السابقة وسلسلة إخفاقات دبلوماسية معينة بإشراف نتنياهو، مثل قضية احتضان رجل الحراسة. ومعلوم أن خطة الضم أيضاً وإدارة الإدارة الأمريكية لصفقة القرن واتفاقات إبراهيم، ساهمت في الشرخ مع المملكة بشكل كبير.
يلوح اليمين دائماً بالتطرف الذي حدث في انتقاد العائلة المالكة وفي الرأي العام الأردني لسياسة إسرائيل. هذا صحيح. تقف بين الأردن وإسرائيل مسألة الاحتلال دائماً. الجريمة الأكبر للأردنيين هي أنهم، مثل إسرائيليين كثيرين، يتحمسون للدفع قدماً بحل الدولتين من أجل رفاه المنطقة. تاريخياً، نبع هذا التأييد من الرغبة في القضاء على نظرية “الخيار الأردني”، القائلة إن الضفة الشرقية هي الوطن القومي للفلسطينيين. لذلك، لا شك بأن إشارات يئير نتنياهو الهستيرية عبر تويتر لم تساعد هذه العلاقات.