هل ستكون “صفقة المياه” بين الأردن وإسرائيل نقطة انطلاق إقليمية؟

إن طلب الأردن شراء 50 مليون متر مكعب من مياه الشرب كل سنة على مدى السنوات الخمسة القادمة من إسرائيل، هو فرصة لا يجب تفويتها لترميم علاقات إسرائيل – الأردن ولتغيير الواقع الإقليمي.

أمام الأردن، الذي يعد في قمة الدول الأكثر جفافاً، حلان لتعويض  نقص المياه: تحلية مياه البحر الأحمر أو تحلية مياه البحر الأبيض المتوسط. والحل الجنوبي يستدعي إقامة ناقل مياه على مسافة 300 كيلومتر مع قدرة استيعاب 300 مليون متر مكعب، بينما نقل الكمية ذاتها من البحر المتوسط إلى مراكز السكان في الأردن قد يتم بنصف الكلفة.

اختار الأردن، قليل المياه والوسائل، الإمكانية الأولى والأغلى، لأنها لا تنطوي على تعلق بعيد المدى بإسرائيل. ولكن للجسر بين الوضع الحالي حتى الانتهاء من بناء الناقل الأردني الكامل في 2027 طلب شراء 50 مليون متر مكعب كل سنة من إسرائيل، لفترة خمس سنوات.

كان بينيت، الذي التقى الملك عبد الله في القصر بعمان سراً قبل نحو أسبوعين، بعد سنوات من القطيعة بين الحكومتين، قد أطلع الملك على استعداده لإقرار صفقة بيع المياه. وإذا ما اتفقت الحكومتان على الشروط، فستورد إسرائيل نحو ربع استهلاك المياه للأردن في تلك السنوات الخمس، وتثبت له وللأسرة الدولة بأن ليس في نيتها استغلال ذلك لجباية أثمان سياسية. وإن الرد الإيجابي على الطلب الأردني سيسمح باستئناف الاتصالات على المستوى السياسي الأعلى، والتي انقطعت تماماً في السنوات الأخيرة، وليس بذنب الأردن فقط. وستتيح بحثاً متجدداً وحيوياً في حل استراتيجي لمسائل المياه والطاقة والمناخ في المثلث الأردني – الفلسطيني – الإسرائيلي.

الحل المنطقي والاقتصادي الصحيح هو تحلية المياه في أقرب مكان ممكن من المراكز السكانية الكبرى في الأردن، وبثمن الطاقة الأدنى. إن وجود مياه محلاة على شاطئ البحر المتوسط، في ظل استغلال الغاز الطبيعي في العقدين القريبين وانتقال تدريجي للطاقة الشمسية لاحقاً، هو الحل الذي يحقق هدف الأسرة الدولية في تقليص انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون. وبسبب الأرض الصحراوية الكبرى في الأردن، وقلة السحب، وكلفة العمل المتدنية نسبياً لإسرائيل، فإن للأردن ميزة في إنتاج الكهرباء الشمسية، مما يسمح بتجارة تبادل بينه وبين إسرائيل مقابل مياه الشرب. يمكن ربط الشبكات وأنابيب النقل بين الدولتين بيهودا والسامرة، ثم المساعدة في علاقات إسرائيل والفلسطينيين في هذه الجوانب.

إن توافقاً إسرائيلياً – أردنياً – فلسطينياً على المخطط الشامل، سينال على نحو شبه مؤكد الدعم السياسي والمالي من الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي ومؤسسات اقتصادية دولية كالبنك الدولي. ومشاركتهم هذه ستوفر ضمانة للأردن وإسرائيل في تنفيذ كل أجزاء الاتفاق، إذ إنه لن تكون للدولتين مصلحة في الاصطدام مع هذه الجهات ثقيلة الوزن على عدم الالتزام بالتعهدات.

وعليه، سيدي رئيس الوزراء نفتالي بينيت، فلتتفضل رجاء بمواصلة الاتصالات المتحققة مع الملك الأردني ورد عليه بالإيجاب. يمكنك أيضاً أن تعرض عليه لجنة وزارة مشتركة لفحص الجوانب المدنية لكل إجمالي الطاقة والمياه، إذا ما وافق الفلسطينيون على أن يضموا أيضاً وزير المياه لديهم إلى المباحثات. نوصي بأن يعطى الجواب للملك قبل أن يلتقي الرئيس الأمريكي بايدن بعد نحو أسبوع. إذ هكذا ستفوز بالجهتين – عمان وواشنطن على حد سواء.