شيطنة التطعيم وغياب الإجراءات الصحية أديا إلى ارتفاع كبير في أعداد الإصابات
مؤيد الطرفي مراسل عراقي
دخل العراق الموجة الثالثة من فيروس كورونا بمعدل إصابات تجاوز 9000 إصابة يومياً، وهي الأعلى منذ الإعلان عن أول إصابة في البلاد لشخص يحمل الجنسية الإيرانية في فبراير (شباط) 2020، واستقبلت عيادات الأطباء الخاصة، التي تحول قسم كبير منها إلى مواقع متخصصة بعلاج الفيروس والكشف عن حالاته، خلال اليومين الماضيين أعداداً كبيراً من المراجعين المصابين بالفيروس، الذين ينتظرون دورهم لساعات في هذه العيادات التي تخلو من أي مقومات صحية.
كما استقبلت المستشفيات العامة والمراكز الصحية الحكومية أعداداً كبيرة من المصابين. وعادت تحذيرات وزارة الصحة العراقية من تفشي الفيروس بشكل مخيف قد يدخل البلاد في كارثة حقيقية، خصوصاً مع تراجع مستوى الخدمات في المؤسسات الصحية.
الوضع الوبائي خطير
وحذرت وزارة الصحة العراقية من أن الموجة الجديدة، أو ما تطلق عليه اسم “الموجة الثالثة”، أقسى من سابقتها، مشيرةً إلى أن عدد الإصابات “يتصاعد بشكل متسارع”، و”الوضع الوبائي بات خطيراً”. وعزت الارتفاع الكبير في أعداد الإصابات “لعدم اكتراث المواطنين بالإجراءات الوقائية التي أصبح الالتزام بها شبه معدوم، وخاصة ارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي”.
ذهبت مع الريح
وفي العاصمة بغداد وأغلب المدن الأخرى، اختفى بشكل كبير الالتزام بالإرشادات الصحية، وفشلت الأجهزة الأمنية والصحية في تطبيقها، وأصبحت شكلية في الدخول والخروج من بعض المؤسسات الحكومية أو التجارية، حيث تشهد المقاهي والمطاعم ومدن الألعاب ومحال المثلجات والمشروبات، إقبالاً واسعاً، فيما غابت الكمامات عن الزبائن، وانتهى لديهم زمن التباعد الاجتماعي.
كما أن الذهاب إلى مدن كربلاء والنجف والكاظمية وسامراء خلال أوقات الحظر وبأعداد كبيرة، وإقامة مجالس العزاء بحضور عدد كبير من الأشخاص، بات أمراً مألوفاً، فضلاً عن عودة العمل في قاعات المناسبات التي تشهد حفلات زفاف يومية لا تطبق فيها أية شروط صحية، كل هذه التطورات تؤشر إلى انهيار منظومة الوقاية التي حاولت الجهات الصحية العراقية تطبيقها لمنع انتشار فيروس كورونا خلال الأشهر الماضية، فهذه المنظومة من التعليمات يبدو أنها انتهت من ذهنية المواطن وما عاد يفكر بها في حياته اليومية التي عادت إلى ما كانت عليه قبل انتشار الفيروس، كما أن الهجمة الإعلامية الشرسة التي شنت على مواقع التواصل الاجتماعي ضد التلقيح، والادعاء بأنه يمثل خطراً على حياة الإنسان، جعل معدل إقبال العراقيين على أخذ اللقاحات منخفضاً.
وصلنا إلى مرحلة الخطر
وقال عضو لجنة الصحة النيابية، فالح الزيادي، إن “البلاد وصلت إلى وضع خطر في عدد الإصابات بفيروس كورونا مع عزوف المواطنين عن أخذ اللقاحات”. وأضاف الزيادي أن “عدد الإصابات الكلي بلغ 1.5 مليون إصابة، وعدد المرضى تحت العلاج قارب الـ100 ألف شخص، 500 منهم في حالة حرجة”، عازياً أسباب زيادة نسبة الإصابات إلى عدم اعتماد المجتمع الإجراءات الوقائية وعزوف المواطنين عن أخذ اللقاحات على الرغم من توفرها بكميات ونوعيات جيدة، بسبب قلة الوعي وظهور بعض الشخصيات التي تدعو المواطنين إلى عدم أخذ اللقاح، ما يؤشر إلى خلل في التوعية الصحية.
وشدد الزيادي على “ضرورة إجبار المواطنين على أخذ اللقاح لأنه هو السبيل الوحيد لتقليل الإصابات، فضلاً عن ضرورة الالتزام بالإجراءات الصحية، ونشر الوعي الصحي، التي هي مسؤولية الجميع”، داعياً وزارة الصحة إلى “إعادة النظر بالبرامج التلقيحية وتوصيل الخدمة التلقيحية للمواطن من خلال الفرق الجوالة”.
لا حظر تجوال شاملاً
وتابع الزيادي أنه “لا توجه لدى الحكومة لفرض حظر للتجوال، ولجنة الصحة النيابية لا تدعم هذا الرأي لعدم تطبيقه من قبل المواطنين أو الأجهزة الأمنية، إضافة إلى تأثيره على الوضع المعيشي للمواطنين، وإثبات عدم جدواه”، لافتاً إلى أن “أغلب دول العالم تطبق حظر التجوال الصحي”.
وقررت الحكومة العراقية تقليص حظر التجوال لثلاث ساعات، ليكون من الساعة الثانية عشرة ليلاً، وحتى الخامسة فجراً، بعد أن كان يبدأ في الساعة التاسعة ليلاً.
ولفت الزيادي إلى أن انشغال الكوادر الطبية بجائحة كورونا أدى إلى تدهور الوضع الصحي والخدمات الطبية المقدمة للمواطنين في المؤسسات الصحية.
وفي آخر حصيلة لوزارة الصحة، تبين أن عدد الإصابات بلغ 9184 ليفوق المجموع الكلي لعدد الإصابات منذ تشخيص أول اصابة، الـ1.46 مليون مصاب وعدد الوفيات 17444، فيما تجاوز عدد الملقحين المليون شخص من بين عدد سكان العراق البالغ 40 مليوناً.
وفي الأيام الماضية زاد عدد متلقي اللقاح ليصل إلى ما مجموعه 38 ألف شخص يومياً، بعد أن كان بين 10 آلاف و20 ألفاً، ليبلغ عدد الملقحين في العراق 1001180 شخصاً.
الحالات الشديدة محدودة
من ناحية أخرى، أكد مدير قسم تعزيز الصحة بوزارة الصحة العراقية، هيثم العبيدي، أن “حالات الإصابة الشديدة بالفيروس ضئيلة على الرغم من ارتفاع أعداد الإصابات”، مشيراً إلى “ضرورة أن يصل عدد الملقحين إلى ما بين 22 و24 مليوناً لتصل البلاد إلى مناعة مجتمعية”. وأضاف العبيدي أن “غالبية المسحات هي لأناس ملامسين أو عينات عشوائية ولا يعانون جميعهم من حالات شديدة”، مؤكداً “وجود أسرة كافية لاستقبال الحالات الطارئة، ولكن على الرغم من ذلك فإن الوضع مقلق ويحتاج إلى دراسة”.
وأوضح العبيدي أن “الوزارة تراقب الوضع وتقوم بعملها من الناحية العلاجية والتوعوية وتحض الناس على أخذ اللقاح لأنه هو السلاح الأساسي لمجابهة كورونا”، لافتاً إلى أن “هناك فكرة في وزارة الصحة لتسيير فرق جوالة لتلقيح المواطنين في دوائر الدولة والتجمعات”.
سبتمبر يزيد الملقحين
رجح العبيدي أن “يزداد عدد الملقحين لأن القرار الذي أقرته الحكومة، والذي سيطبق في الأول من سبتمبر (أيلول) المقبل، يفرض على الموظف جلب مسحة كل أسبوع أو أن يلقح”، فضلاً عن قرب وصول كميات كبيرة من اللقاحات نهاية الشهر الحالي. وعن أعداد المصابين بكورونا من الأطفال بين العبيدي “لم نشهد حالات بين الأطفال استوجبت دخولهم إلى العناية المركزة، وغالبيتهم يشفون دون أخذ العلاج كون إصابتهم طفيفة”.