ما هي الأزمات العالمية الثلاث على طاولة مجموعة العشرين؟


اتساع الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة وجائحة كورونا عصفت بالانتعاش الاقتصادي

كفاية أولير صحافية

يُنتظر أن يجتمع وزراء مالية ومحافظو البنوك المركزية لمجموعة العشرين للمرة الثالثة، تحت رئاسة إيطاليا للمجموعة في 9 و 10 يوليو (تموز) الجاري، في مدينة فينيس الإيطالية (البندقية) لمناقشة أزمات عالمية عدة تتصدر اللقاء.

وسيتطرق الوزراء والمحافظون إلى الصلة بين الثورة الرقمية والإنتاجية، ودعم البلدان الأكثر ضعفاً، ومسائل الضرائب الدولية.

وبدءاً من الخميس 8 يوليو إلى الأحد 11 منه، ستجري أحداث جانبية عدة بمناسبة اجتماع فينيس لمجموعة العشرين، وتشمل المؤتمر السنوي للمنتدى العالمي حول الإنتاجية وندوة مجموعة العشرين الضريبية رفيعة المستوى ومؤتمر فينيسيا الدولي حول المناخ.

وعندما يجتمع وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية في أكبر 20 اقتصاداً في العالم، يجب عليهم اغتنام هذه الفرصة الحاسمة لإحراز تقدم في أكبر تحديات تواجه العالم اليوم وعلى رأسها إنهاء جائحة كورونا، وحشد الجهود العالمية لاحتواء تغيّر المناخ وتأمين قوة الانتعاش الاقتصادي في كل مكان على هذا الكوكب.
ويبدو أن الوقت بدأ ينفد في مواجهة هذه التحديات الثلاث، حيث لم يتم الالتزام بخطة لإنهاء الوباء عن طريق تطعيم جميع البالغين في العالم، مثل تلك التي خصص لها صندوق النقد الدولي 50 مليار دولار، فطالما أن الوباء لا يمكن احتواؤه في أي مكان، فإن الطفرات الفيروسية الجديدة والتي يحتمل أن تكون مقاوِمة للقاحات تشكل خطراً في كل مكان.

وعلى الرغم من أن دولاً عدة تشهد انتعاشاً قوياً، لكنها معرَّضة أيضاً لمشكلات اقتصادية في أماكن أخرى، مثل معضلة التراكم الكبير للديون، في حين يُعتبَر خفض الديون ضرورة لحماية الوظائف والشركات أثناء عمليات الإغلاق، إلى جانب أن الجائحة خلفت وراءها أنظمة مالية هشة وميزانيات عمومية مُنهَكة. أما بالنسبة إلى تغيّر المناخ، فلا تزال السياسة تلعب لعبة اللحاق بحجم التحول الكربوني الذي يعترف معظم قادة العالم، لحسن الحظ، أنه مطلوب.

اتساع الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة

وتشير صحيفة “فايننشال تايمز” إلى أن الجائحة جعلت التعاون بين البلدان الغنية والفقيرة أمراً حتمياً، لا يمكن من دونه معالجة أي من هذه المشكلات بشكل مناسب. وتضيف أنه “حتى لو تعهد قادة أكبر الدول ذات الدخل المرتفع في مجموعة السبع بالتزامات جادة لمواجهة هذه التحديات – وهو ما لم يفعلوه – فلن يكون ذلك كافياً، بخاصة في ما يتعلق بالتطعيم وتغيّر المناخ والتعافي، فإن للعالم الناشئ دوره الخاص”.
ومن هنا تأتي أهمية اتباع نهج مشترك على مستوى مجموعة العشرين. وتقول الصحيفة إن “أكبر مشكلة سياسية يجب التغلب عليها هي انعدام الثقة بين العالمين الغني والناشئ. وهذا له أسباب وجيهة ففي حين أنه من المفهوم أن يعتني قادة الدول الغنية بشعوبهم أولاً، إلا أنهم لا يُظهرون سوى القليل من الدلائل على تقدير مدى اتساع الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة”.

إخفاق في الوفاء بالعهود

ويتم تطعيم أكثر من نصف عدد البالغين في معظم البلدان ذات الدخل المرتفع جزئياً أو كلياً، في حين أن دولاً فقيرة عدة لا تزال في خانة المتأخرين. وتخلفت البلدان الغنية عن المضي قدماً في خطط مناخية طموحة – بما في ذلك الإجراءات التجارية العقابية المحتملة لأولئك الذين لا يحذون حذوها – لكنها لم تفِ بوعدها منذ 10 سنوات بتقديم 100 مليار دولار سنوياً لتمويل التحولات المناخية في البلدان الفقيرة. ولا تستطيع البلدان الفقيرة ومتوسطة الحجم تحمّل هذا النوع من عمليات الإنقاذ السخية التي وضعتها الدول الغنية لاقتصاداتها.

لذلك تتطلب استعادة الثقة أن تتحد كل الأطراف، ولكن يمكن للدول الغنية تحفيز هذه العملية عن طريق وضع أموال حقيقية وراء وعودها بإعادة البناء بشكل أفضل. ولن يكلفهم ذلك الكثير. إن الكلفة التقديرية لصندوق النقد الدولي لإنهاء الوباء بالكامل لا تزيد على واحد على الألف من الناتج الاقتصادي السنوي للدول الغنية. إن التمويل المناخي الموعود للدول الفقيرة له نفس الضآلة من حيث الحجم.

حقوق السحب الخاصة الجديدة للبلدان الأفقر

ولا يوجد أيضاً سبب للتأخير، ولا مقاومة بعد الآن لاقتراح إصدار حقوق سحب خاصة جديدة -أصل الاحتياطي الدولي (حق السحب الخاص هو أصل احتياطي دولي استحدثه صندوق النقد الدولي في عام 1969 ليصبح مكملاً للأصول الرسمية الخاصة بالبلدان الأعضاء). ولتحقيق أي فائدة، يجب إتاحة حقوق السحب الخاصة الجديدة للبلدان الأفقر بشروط مواتية – ولا يتم تخصيصها لكل بلد بحسب الوزن الاقتصادي كما هو معتاد. ولن يكلف ذلك الدول الغنية فلساً واحداً، بما في ذلك إنشاء احتياطيات جديدة.
وكان المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، ناقش في مارس (آذار) الماضي، إمكانية تخصيص حقوق سحب خاصة جديدة بقيمة 650 مليار دولار لزيادة الاحتياطات ومساعدة العالم على التعافي من فيروس كورونا.
ويجوز للصندوق، بمقتضى اتفاقية تأسيسه، أن يوزع مخصصات من حقوق السحب الخاصة على البلدان الأعضاء المشارِكة في إدارة حقوق السحب الخاصة بالتناسب مع حصص عضويتها، وهو ما يُعرف بالتوزيع العام للمخصصات، وذلك عند استيفاء شروط محددة.

وعبّرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا في أبريل (نيسان) الماضي، عن ثقتها في أن صندوق النقد الدولي سيوزّع مخصصات جديدة من حقوق السحب الخاصة على الدول الأعضاء بحلول منتصف أغسطس (آب) المقبل.

تجدر الإشارة إلى أن تشكيل مجموعة العشرين جاء أساساً لتنسيق الاستجابة العالمية للأزمات المالية الآسيوية والعالمية، في حين يُعد التحدي الثلاثي القائم اليوم والمتمثل في إنهاء جائحة كورونا واحتواء تغيّر المناخ وتأمين قوة انتعاش اقتصادي، أعمق من ذلك.