خريطة طريق مصرية لإنقاذ غزة


إسرائيل توسع مساحة الصيد وتفتح المعابر

عز الدين أبو عيشة مراسل @press_azz

بعد فشل جهود منسق الأمم المتحدة لعلمية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند في إقناع حركة “حماس” بالموافقة على تقديم معلومات حول المحتجزين الإسرائيليين لديها لتسهيل عملية إعمار غزة، وفتح المعابر الحدودية وتقديم تسهيلات لسكان القطاع، قررت الفصائل الذهاب إلى خيار العودة للمقاومة الشعبية المتعرف فيها أممياً وتفعيل أدوات المواجهة الخشنة (البالونات الحارقة والإرباك الليلي) قرب الحدود مع إسرائيل، والتي قد تقود في النهاية إلى مواجهة عسكرية مفتوحة.

غزة-1.jpg

أدخلت مصر معدات تقنية لإزالة ركام المنازل المهدمة جراء القصف الإسرائيلي على غزة (مريم أبو دقة – اندبندنت عربية)

هذا القرار، دفع جهاز المخابرات المصرية إلى تقديم خريطة طريق للفصائل الفلسطينية وإسرائيل على مبدأ حل أزمات غزة الإنسانية والاقتصادية المتراكمة، وإعادة فتح المعابر الحدودية وتوسيع رقعة الصيد، وتسهيل عملية إعادة الإعمار التي ستكون بإشراف مصري، وجاء ذلك في محاولة لاحتواء الموقف المتوتر بين غزة وإسرائيل.

الفصائل ستراقب تنفيذ خريطة الطريق

يقول عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية ماهر مزهر، إن “القوى السياسية والفصائل ستعمل على مراقبة تنفيذ خريطة الطريق التي وضعتها مصر لكسر حصار غزة وإعادة إعماره، وإن أي محاولة تسويف حتماً ستقود في النهاية لذهاب لمواجهة عسكرية”.

وبحسب المعلومات الواردة، فإن خريطة الطريق المصرية تقوم في أساسها على تفاهمات تخفيف الحصار عن القطاع، التي جرت بين حركة “حماس” وإسرائيل عامي 2019 و2020 عقب احتجاجات غزة الحدودية (مسيرة العودة)، وتتمثل بنودها في السماح بإدخال أموال التبرعات، وتسهيل عمل المعابر بما يشمل حركتي الاستيراد والتصدير وإدخال بضائع ممنوعة بذريعة الاستخدام المزدوج (تدخل في التصنيع العسكري)، وتوسيع مساحة الصيد.

واستجابت الفصائل الفلسطينية مباشرة لخريطة الطريق، وقررت إعطاء مهلة للوسطاء المصريين من أجل الضغط على إسرائيل لتنفيذ التفاهمات، لعدم الانجرار لعملية عسكرية مفتوحة.

وأوضح مزهر أن الفصائل لديها إجماع على ضرورة إنهاء الحصار وتحسين ظروف حياة سكان غزة، لذلك قررت منح الوسطاء فرصة لتحقيق إنجاز سريع، مشيراً إلى أن انفجار قريب سيحدث في المنطقة إذا لم يتحرك الجميع لوقف الابتزاز الإسرائيلي في ربط فتح المعابر بملفات الجنود المحتجزين في القطاع.

إسرائيل تغلق المعابر

في الواقع، منذ بدء القتال العسكري في 10 مايو (أيار) الماضي، أغلقت إسرائيل المعابر التي تربطها في قطاع غزة، وأبقت على هذه الحال حتى بعد توقف العملية العسكرية، الأمر الذي فاقم معاناة السكان إذ حرم المرضى من السفر لتلقي العلاج، ولم تدخل البضائع التجارية للقطاع، وكذلك توقفت الحركة الاقتصادية.

ولإعادة الوضع إلى سابق عهده، وفتح المعابر الحدودية، اشترطت تل أبيب على “حماس” تقديم معلومات عن المحتجزين الإسرائيليين لديها (جنديان تقول إنهما رفات، ومدنيان دخلا غزة بمحض إرادتهما)، ونقلت هذا الشرط عبر الوسطاء الأمميين، الأمر الذي اعتبرته الفصائل عملية ابتزاز واضحة.

الحكومة الجديدة في إسرائيل تحتاج لوقت

على أي حال، تشير المعلومات إلى أن الوسطاء المصريين طلبوا بعض الوقت من أجل البدء بجولة اتصالات مع الجانب الإسرائيلي، لدفعه تطبيق خريطة الطريق في تحسن أوضاع غزة المعيشية وبنود اتفاق وقف إطلاق النار، وإعادة فتح المعابر الحدودية كما كانت سابقاً قبل التوتر الأمني الأخير.

ويؤكد عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية وسام زغبر أن المصريين طلبوا من الفصائل المزيد من الوقت حتى يجري الضغط على إسرائيل، بخاصة وأن الحكومة الجديدة في تل أبيب بقيادة نفتالي بينيت ما زالت تعمل على ترتيب أوراقها وتعطي القضايا الداخلية أولوية.

وتفيد المعلومات بأن المخابرات المصرية بدأت بإجراء سلسلة اتصالات مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة وضغطت عليها لتقديم تسهيلات لقطاع غزة، بعد ما نقلت رسالة الفصائل للقيادة الأمنية في تل أبيب بالذهاب نحو تصعيد عسكري وإعادة الأدوات الخشنة على الحدود.

وبحسب زغبر، فإن الوسطاء المصريين بدأوا التواصل مع تل أبيب، للتوصل إلى آلية جديدة لإدخال الأموال بما فيها المساعدات الإنسانية والخاصة بإعادة بناء القطاع، وكذلك مواد الإعمار وفتح المعابر، ومنع الابتزازات في المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية.

خطوات ليست كافية

وبالفعل، استجابت إسرائيل لطلب الوسطاء، إذ قررت، الخميس 24 يونيو (حزيران)، توسيع مساحة الصيد من ستة أميال بحرية إلى تسعة، وفتحت معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد الذي يربطها مع القطاع بعد أكثر من 45 يوماً من الإغلاق، لكن من دون تحديد البضائع المسموح لها بالدخول، وما إذا كانت ستشمل مواد إعادة الإعمار.

ويعتقد المراقبون السياسيون أن استجابة إسرائيل للضغوط في فتح المعابر وتقديم تسهيلات لسكان القطاع، يوحي بموافقة مبدئية على خريطة الطريق المصرية التي ترمي لعودة التفاهمات بين حركة “حماس” وتل أبيب.

ويشير زغبر إلى أن الخطوة التي قامت بها إسرائيل جزء من شروط الفصائل، لكنها ليست بالشكل المطلوب، لافتاً إلى أنه يعد تراجعاً من تل أبيب عن الشروط التي وضعتها بعد القتال العسكري، التي تنص على ضرورة الحصول على معلومات حول الجنود الأسرى المحتجزين لديها.

أما موقف حركة “حماس”، فيقول الناطق باسمها حماد الرقب إن توقيف عجلة الاقتصاد والتنمية أمور غير مقبولة على الإطلاق، وكل ما نريده حياة كريمة وآمنة لسكان القطاع، لافتاً إلى أن بقاء الوضع على ما هو عليه يدفع تماماً لإعادة استخدام وسائل القوة بشكلٍ تدريجي للضغط على قيادة إسرائيل بتقديم تسهيلات تناسب حجم المعاناة التي يعيشها المواطنون.