بقلم: د. زيد احمد المحيسن
تشكل الادارة المحلية في الدولة المدنية النواة الاولى للعملية الديمقراطية وهي الاس والمقام في الحكم الديمقراطي للدولة، حيث لا يمكن بناء بيت متكامل الاركان ومتين بدون بناء اساسات منيعة لهذا البناء، وكذلك الحكم الديمقراطي لا يمكن بناؤه وتجذيره الا بالادارة المحلية فهي المدماك الاول بل هي تمثل الرافعة الاولى في النهج الديمقراطية لحياة الناس ومؤسسات الدولة، كما ان بناء القيادات المحلية للمجتمع الانساني يبدأ من القاعدة العريضة، وهو العمل على تمكين من يمارس العمل في الادارة المحلية سواء في الجهاز التقريري او الجهاز التنفيذي للبلدية او المحافظة او الاقليم المحلي.
من هنا فان وجود قانون للادارة المحلية في الاردن هو اساس النهج الاصلاحي الديمقراطي، وعلى هذا الاساس فان المشاركة الشعبية في صنع القرار الديمقراطي المحلي هو العامود الفقري للحكم الديمقراطي والادارة المحلية، من هنا تكمن اهمية وجود نظام سياسي يؤمن بالديمقراطية كنظام حكم لا عودة عنه ويولي الديمقراطية المحلية الاهمية بمكان لممارسة صلاحياتها المنصوص عليها في الدستور، فالادارة المحلية هي الاقرب الى تلمس حاجات السكان والمتساكنين في الاحياء والضواحي داخل المدن وخارجها، وهم اساس العملية التنموية وهم الخزان والمعين الذي لا ينضب في تمويل عمل الادارات المحلية في القرى والمدن والمحافظات، لهذا فهم اصحاب مقولة : “لا ضرائب بدون تمثيل ديمقراطي عادل لهم في مجالس البلديات والمحافظات”، فالادارات المحلية او بمعنى اخر الوحدات المحلية المنتشرة في ربوع الوطن هي خير وسيط بين الحكومة المركزية في العاصمة وبين المحليات في الاطراف وهي تنوب عن الحكومة في تقديم الخدمات للمواطنين في مناطقهم بكل يسر وسهولة وتوفر عليهم الجهد والتنقل والمال، من هنا فانه لايوجد نظام سياسي ديمقراطي كامل يحترم نفسه اذا لم يكن لديه نظام ديمقراطي محلي على مستوى القرية والبلدات والمدن والمحافظات والاقاليم في بعض الدول.
ان الادارة المحلية اذا احسن تشريعها وتطبيقها وانفاذها فانها تخدم الحكومة المركزية والادارة المحلية معا من خلال غرضين مزدوجين.. الغرض الأول هو الغرض الإداري حيث تقديم الخدمات الاساسية للمواطنين من طرق وصحة وترفيه ونظافة وغيرها ؛ اما الغرض الآخر فهو تمثيل وإشراك المواطنين في تحديد احتياجات عامة محلية محددة وعامة على مستوى الوطن، لهذا فان الادارة المحلية هي التي تمتد وتربط بين التمثيل والإدارة على المستوى المحلي وداخل الهياكل المركزية الحكومية للدولة .
ومن أجل فهم الوظيفة وهيكل الادارة المحلية، من المهم ايجاد قانون عصري للادارة المحلية في الاردن يغطي كافة الجوانب الاشكالية بين الحكومة المركزية والادارات المحلية من خلال تحديد واجبات ووظائف ومهام للادارة المحلية، ونقل بعض هذه الخدمات بموجب قوانين وانظمة حتى نتمكن من بناء اساسيات سليمة للنهج الديمقراطي يبدأ بالبلديات ويتدرج نحو المحافظات ومن بعد الى العمل البرلماني على مستوى الوطن – فالخدمات تتولاها البلديات والمحافظات، والتشريع ورقابة الحكومة يتولاهما مجلس الامة بغرفتيه النواب والاعيان، وننتهي من قصة وصرعة نواب الخدمات بغير رجعه.
البريد الإلكتروني: zaid.m1954@hotmail.com