90 في المئة من البنوك المركزية تستعد لإصدار عملاتها الرقمية


إجراءات لمحاصرة أكثر من 100 مليار دولار خارج الرقابة

مصطفى درويش صحافي @Mustafa42386888

كشف مسح حديث أجراه بنك التسويات الدولية أن نحو 90 في المئة من البنوك المركزية حول العالم، تعمل حالياً على إصدار عملاتها الرقمية، وأن بعض هذه البنوك قد ينجح في إتمام هذه المهمة خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، في ارتفاع كبير من 80 بنكاً فقط على مستوى العالم خلال عام واحد، بحسب محمود خير الله المتخصص في التجارة بالعملات المشفرة، مضيفاً أن أحدث المنضمين بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، حيث يخطط في وقت لاحق من العام الحالي لنشر بحث وأكواد مفتوحة المصدر توضح التكنولوجيا التي يمكن أن تدعم الدولار الرقمي، وقال جيروم باول، إن هذه العملية قد تستغرق سنوات قليلة.

ويستخدم كثيرون مصطلح “العملات الرقمية” وهم يقصدون “العملات المشفرة”، على الرغم من أن الفارق بينهما كبير، فالأولى هي التي ستصدرها البنوك المركزية في المستقبل القريب، بينما الثانية هي الموجودة حالياً ويتم الاتجار بها والمضاربة عليها، مثل عملة “بيتكوين” الشهيرة، بحسب خير الله، مضيفاً أن العملات الرقمية على وشك الظهور خلال سنوات معدودة.

وأشار خير الله إلى أن “العملات الرقمية المنتظرة ستبنى على الهيكلية التي تأسست عليها العملات الورقية للدول، وستكون مكملة للعملات المشفرة ولن تتنافس معها، على الأغلب”. 

أهداف العملات الرقمية

وتابع أن “من أهداف إصدار البنوك المركزية للعملات رقمية، تحسين الأنظمة النقدية التقليدية، من خلال تسهيل تطبيق السياسات المالية وآلية نقل الأموال والمساعدة على سد الفجوة بين التمويل النقدي والتمويل اللامركزي”.

وأكد أن العملات الرقمية ستكون أيضاً الوسيلة الأفضل للدول التي لديها أنظمة مالية أقل نضوجاً، لأنها آلية أكثر فعالية في المدفوعات، كما ستكون الحل الأمثل في تسييل الأرباح من المعاملات التي تعتمد على نوع محدد من العملات المشفرة، يطلق عليها اسم “توكنز”، والتي تمثل أصولاً أو استخدامات محددة، وتخزن المعلومات على “بلوكتشين” الخاص بها.

تعايش أم تنافس؟

وأجاب خير الله على سؤال بقوله إنه “طالما أن هناك قابلية تشغيل متبادل بين عملات البنوك المركزية والبنية التحتية الحالية للعملات المشفرة، فستكون هناك أرضية مشتركة حيث يمكن أن يتعايش كل منهما مع الآخر”، إلا أنه حذر من أن “الأهداف الحالية للعملات الرقمية لا تمنع احتمالية قيام الدول بالترويج للعملات الرقمية الخاصة بها وتهميش العملات المشفرة”.

وأشار إلى أن “هذا قد يكون بدأ بالفعل، مع التنامي المستمر لسوق العملات المستقرة، فقد قالت عضوة مجلس الشيوخ الأميركي إليزابيث وارين الأسبوع الماضي، إنه إذا أصدر الاحتياطي الفيدرالي عملته الرقمية، فسيمكن للمستثمرين الحصول على فوائد العملات المستقرة من دون مخاطرة على استثماراتهم، أو المخاطرة بالنظام المالي”.

والعملات المستقرة هي شكل من أشكال العملات المشفرة، مدعومة بعملات حقيقية ولها سعر ثابت، وهو عادة دولار واحد. ويستخدم المستثمرون العملات المستقرة لإيداع الأموال في بورصات العملات المشفرة من دون الحاجة إلى تحويل الأموال إلى حساباتهم المصرفية. وتدعي الشركات التي تتاجر بهذه العملات أنها مدعومة بالأوراق التجارية وسندات الشركات والمعادن الثمينة. 

وقال خير الله إن “إجمالي القيمة السوقية للعملات المستقرة تجاوز 100 مليار دولار الشهر الماضي، ما دفع مسؤولين في مجلس الاحتياطي الفيدرالي للإعراب عن قلقهم، قائلين إنه إذا لم تكن الشركات المتاجرة في العملات المستقرة تملك هذا المبلغ الذي تدعيه بالفعل، فإن المساهمين بأموال حقيقية في هذه الشركات سيكونون معرضين لمخاطر كبيرة”، مشيراً إلى أن “هذه الشركات ليست كلها في الولايات المتحدة”.

وأضاف أن هذا الحجم الكبير من الأموال يجعل من السهل استبدال كميات ضخمة من العملات المشفرة المستقرة بالدولار الأميركي من دون التفاعل نهائياً مع النظام المصرفي في الولايات المتحدة، ما يجعل هذا الكم الضخم من الأموال كنزاً مفتوحاً أمام من يبحثون عن التمويل غير المشروع، لأهداف غير قانونية.

والشهر الماضي، قال باول في بيان حول التقدم الذي أحرزه بنك الاحتياطي الفيدرالي في البحث عن عملة رقمية، إن “العملات المستقرة يمكن أن تشكل مخاطر على النظام المالي، لكن مع زيادة استخدام العملات المستقرة يجب أن ننتبه إلى الإطار التنظيمي والرقابي المناسب”.

تجربة “أبل” و”غوغل” 

وفيما يخص أهم أخبار “بيتكوين” والعملات المشفرة، تجرب شركتا “أبل” و”غوغل” حالياً إضافة بطاقة منصة “Coinbase” إلى خيارات الدفع عبر الهاتف المحمول، ما يعني أنه يمكن شراء السلع والخدمات عبر الهواتف الذكية بعملات مثل “بيتكوين” و”إيثريوم” و”دوغ كوين” وغيرها. وستقوم المنصة بتحويل العملات المشفرة إلى دولارات عند الشراء أو سحب الأموال من ماكينات الصراف الآلي. بمعنى آخر، أنت تدفع بالعملات المشفرة، والتجار يتلقون الدفع بعملة قانونية. ولكن هذا الخيار متاح حالياً في الولايات المتحدة فقط، ويقتصر على مستخدمين يقع عليهم الاختيار من الشركتين.

وكان إعلان وظائف نشرته شركة “أبل” نهاية الشهر الماضي أثار توقعات بأنها قد تدعم مدفوعات العملات المشفرة قريباً. ونشرت الشركة إعلاناً طلبت فيه “مدير تطوير أعمال للمدفوعات البديلة”. واشترط الإعلان أن يكون لدى طالب الوظيفة، الذي سينضم إلى الفريق المسؤول عن فريق “Apple Pay” و”iPhone Wallet”، خبرة في العملات المشفرة والمحافظ الرقمية ووسائل الدفع البديل. ومن المؤكد أن هذه الخطوة ستدعم أسعار “بيتكوين” والعملات الرقمية.

مجلس المعدنين

من جانبه، نجح إيلون ماسك في تشكيل مجلس من كبار معدني عملة “بيتكوين” في أميركا لتعزيز شفافية استهلاك الطاقة وتسريع مبادرات الاستدامة في أنحاء العالم.

وكان ماسك قال الأسبوع الماضي، إن شركة “تيسلا” لن تبيع ما تمتلكه من عملات “بيتكوين” (1.5 مليار دولار)، وأنه ينوي السماح باستخدامها في شراء السيارات بمجرد انتقال عملية التعدين إلى طاقة أكثر استدامة.