عصر “الكهربائية”.. العالم يودّع سيارات الوقود خلال 15 عاماً

شهد عام 2017 علامة فارقة في مجال النقل، إذ بلغت مبيعات السيارات ذات محركات الاحتراق الداخلي (التي تعمل بالوقود) ذروتها تقريباً، قبل أن تنخفض تدريجياً خلال 4 سنوات لمصلحة ارتفاع مبيعات المركبات الكهربائية.

وفي عام 2017، اشترى المستهلكون أكثر من 85 مليون سيارة ذات محرك احتراق داخلي، ثم تراجع هذا الحجم من المبيعات في عام 2018.

وتراجع مجدداً في عام 2019، حتى انخفض بشدة في عام 2020 بسبب وباء كورونا. وبالتزامن، ارتفعت مبيعات المركبات الكهربائية، ما جعلها تمثل السوق المتنامية الوحيدة في عالم صناعة السيارات.

ووفقاً لـ”التوقعات السنوية للمركبات الكهربائية” التي تصدرها خدمة “بلومبرغ إن إي إف”، فإن “المستقبل يسير بقوة في هذا الاتجاه”، تماشياً مع طموح الوصول إلى عالم خالٍ من الانبعاثات المضرة بالبيئة.

وأفاد تقرير نُشر في هذه الخدمة، بأن السيارات الكهربائية ستكون الأكثر مبيعاً في ثلاثينيات القرن الحالي، والأكثر سيراً على الطرقات في عقد الأربعينيات.

كما ستشكل نسبة 100% من مبيعات سيارات الركاب بعد 15 عاماً فقط من الآن، مع تحول كافة فئات المركبات الأخرى، من المركبات ذات العجلتين إلى الشاحنات التجارية الثقيلة، إما إلى مركبات تعمل بالكهرباء بشكل كامل أو إلى مركبات تعمل بخلايا الوقود، بحلول بداية أربعينيات هذا القرن. 

انتشار واسع

وفي العام الماضي، شكلت مبيعات المركبات الكهربائية أكثر من 4% من إجمالي مبيعات سيارات الركاب، و1% من سوق المركبات التجارية، كأقصى تقدير، في حين شكلت المركبات الكهربائية 44% من مبيعات المركبات ذات العجلتين والثلاث عجلات، و39% من مبيعات الحافلات. 

وتُعتبر هذه الأرقام مؤشراً لنمو كبير خلال سنوات قليلة؛ إذ في عام 2011، شكلت مبيعات السيارات الكهربائية 0.1% من إجمالي مبيعات سيارات الركاب.

وتتوقع خدمة “بلومبرغ إن إي إف” أنها قد تصل إلى 10% من المبيعات بحلول عام 2023، بزيادة قدرها 100 ضعف خلال ما يزيد قليلاً عن 10 سنوات. 

نظامان

ويجدر التفكير في النمو القادم في مبيعات سيارات الركاب الكهربائية من وجهة نظر الشركات المصنّعة. وفي هذا الإطار، توجد مجموعة من الموديلات الجديدة في طريقها للخروج إلى النور، وكثير منها من مصانع يبلغ عمرها قرناً من الزمان، وليست مصانع حديثة النشأة. 

وتمثل بعض هذه السيارات علامات تجارية قديمة على أنواع مركبات جديدة، مثل “موستانغ ماك إي” من شركة “فورد” للسيارات التي يتم تصنيعها بمعدل يفوق تصنيع محرك احتراق سيارات “الكوبيه” الرياضية الذي يحمل الاسم نفسه. 

لكن المزيد من المركبات الكهربائية الناشئة شبيهة بموديلات الاحتراق الداخلي الموجودة، وتحديداً المركبة الأكثر مبيعاً في الولايات المتحدة على مدار العقود الأربعة الماضية، وهي “إف ـ 150″، ونسختها الكهربائية “إف ـ 150 لايتنينغ”. 

وبمجرد ولوج هذه النسخة السوق خلال الربيع المقبل، يمكن أن تأخذ من المبيعات العادية للسيارة “إف ـ 150″، كما يمكن أن تأخذ من مبيعات الشاحنات الكاملة الحجم من المصانع الأخرى، أو من مبيعات فئات مركبات أخرى، مثل السيارات الرباعية الدفع. 

وتتوافر بيانات عن الكيفية التي يمكن أن تتطور من خلالها موديلات مشابهة ذات محركات مختلفة تابعة لشركة واحدة على صعيد المبيعات، وهي شركة “بورش”. 

السيارات الكهربائية تسيطر

لا توجد موديلات عديدة من سيارات “بورش”، إذ تم بيع معظمها منذ سنوات أو عقود، وبالتالي فإن إنتاجها الجديد يمكن أن يتنافس مع عروضها الحالية. 

وتبيع “بورش” طرازين من السيارات الرباعية الدفع الداخلية الاحتراق، والآن سيارتان “سيدان”، هما “باناميرا” التي تعمل بالاحتراق، و”تايكان” التي تعمل كاملة بالكهرباء.

وشكلت “تايكان” 7% من مبيعات “بورش” الربع سنوية في أميركا الشمالية لسيارات السيدان عند طرحها.

وبعد ربعين، وصلت هذه المبيعات إلى أقل من النصف بقليل. وفي الربع الأول من 2021، أي بعد 6 أرباع من طرحها، شكلت “تايكان” 82% من مبيعات السيارات الـ”سيدان”، حتى مع نمو سوق السيدان الإجمالي.

وتمكنت “بورش” من تنمية سوقها للسيارات الـ”سيدان” بطراز جديد، لكن المنافسة بين مع معروضها الجديد واضحة تماماً. 

ويمكن للسيارة “تايكان” أن تدفع شبيه محرك الاحتراق الخاص بها إلى الهاوية، فالسوق لا تتسع لتحديث النموذج، ما سيدفع بسوق السيارات العالمي قريباً إلى مواجهة منافسة بصورة مصغرة في المجالات كافة.

وسيكون نمو هذا السوق بالكامل في مجال المركبات الكهربائية، وعند نقطة محددة سيكون هذا النمو على حساب مبيعات محركات الاحتراق.