إيطاليا الجديدة.. كيف حول مانشيني الكاتيناتشو لطوفان

عبد القادر سعيد 

اشتهرت إيطاليا بطريقتها الدفاعية المميزة، وتوجت بها بكأس العالم 4 مرات، وباتت علامة مُسجلة باللون الأزرق في كل البطولات، إلى أن جاء روبيرتو مانشيني ليغير جلد “الأتزوري” تماما، وهو ما بدا واضحا في افتتاح “يورو 2020″، الجمعة.

سحقت إيطاليا ضيفتها تركيا بثلاثية نظيفة، ودقت جرس إنذار قويا لكبار أوروبا، لكن الأهم أن إيطاليا الدفاعية الكلاسيكية التي يعرفها الجميع توارت خلف طوفان هجومي كاسح.

وداعا كاتيناتشو

نظرا للغلق الدفاعي المُحكم الذي اعتادت عليه إيطاليا في المنافسات الكبرى، تم إطلاق اسم “كاتيناتشو” على طريقة لعبها، وهي الكلمة التي تعني “المزلاج” بالإيطالية.

وكان آخر ظهور قوي للكاتيناتشو في بطولة كأس العالم 2006 رفقة المدرب المخضرم مارتشيلو ليبي الذي أسقط ألمانيا في نصف النهائي بالإحكام الدفاعي واقتناص الأهداف من الهجمات المرتدة والكرات الثابتة.

ثم ذهب إلى النهائي ليطيح فرنسا بركلات الترجيح ويتوج الأزرق بلقب كأس العالم للمرة الرابعة في تاريخه، لكن بعدها غابت إيطاليا عن صدارة المشهد، وعندما بلغت نهائي يورو 2012 سقطت برباعية نظيفة أمام إسبانيا ولم تنجح في الدفاع أو الهجوم على حد سواء.

ومع تغير الجيل القديم المتوج بالمونديال بالكامل، جاء مانشيني في محاولة لتغيير جلد الفريق الإيطالي، ونسيان “كاتيناتشو” والاعتماد على طرق مختلفة تماما للعب، لم يُعرف بها العملاق الأزرق.

نسمات كرويف

أسطورة كرة القدم الهولندية الراحل يوهان كرويف قدم كرة قدم ملهمة مع برشلونة الإسباني مدربا، واستفاد خليفته في كتالونيا بيب غوارديولا من تحربته وطورها ليقدم نسخة مذهلة للبلوغرانا، قبل محطتيه مع بايرن ميونيخ الألماني ومانشستر سيتي الإنجليزي، وهو ما حاول مانشيني تطبيقه في إيطاليا.

نسمات “كرة كرويف” مرت فوق رأس مانشيني، ليس فقط في إيطاليا، وإنما في تجاربه السابقة، وأبرزها في إنجلترا مع مانشستر سيتي، الذي نجح في الفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز لأول مرة منذ 44 عاما تحت قيادته.

مانشيني جعل من مانشستر سيتي في موسم 2011-2012 وحشا كاسرا في البريميرليغ، لدرجة التغلب على مانشستر يونايتد في ملعب “أولد ترافورد” بقيادة السير أليكس فيرغسون بنتيجة 6-1 والتتويج بالدوري بفارق الأهداف في النهاية.

كل هذه كانت لمحات عن أفكار مانشيني الهجومية الذي جاء ليطبقها مع فريق دفاعي كالمنتخب الإيطالي، وينجح في تحويله إلى نسخة من فريقه القديم مانشستر سيتي قبل 10 أعوام.

تحول كبير

طريقة إيطاليا الدفاعية القديمة كانت تعتمد على التنوع بين خطتي “4-5-1″ ، و”5-4-1” ، وكانت قائمة الأزرق دائما مدججة بالنجوم في قلب الدفاع ووسط الملعب الدفاعي، ونال هؤلاء اللاعبون شهرة تفوق في كثير من الأحيان صيت زملائهم المهاجمين.

ففي آخر الأجيال الذهبية لإيطاليا عام 2006، توج فابيو كانافارو بلقب أفضل لاعب في العالم، وكان مع الحارس الأسطورة جانلويجي بوفون أفضل لاعبي الأتزوري في مونديال ألمانيا.

لكن مع مانشيني تبدل الوضع، وتحولت الطريقة إلى “4-3-3” الهجومية بالاعتماد على ثلاثي هجومي واضح، في الأغلب يتكون من لورينزو إنسيني وتشيرو إيموبيلي ودومينيكو بيراردي، وخلفهم ثلاثي يتميز بالقدرة على الدعم الهجومي مثل نيكولو باريلا وجورجينيو ومانويل لوكاتيلي، ومن الوراء الرباعي أليساندرو فلورينيز وليوناردو بونوتشي، وجورجيو كيليني وليوناردو سبينازولا، أمام الحارس جانلويجي دوناروما.

تبدلت تماما طريقة إيطاليا من دفاع واعتماد على المرتدات، إلى ضغط عال في الثلث الأول للخصم واستحواذ على الكرة وصناعة الفرص من العمق وعلى الأطراف، وتمرير الكرة باستمرار على طريقة “تيكي تاكا” برشلونة الشهيرة.

نسبة استحواذ إيطاليا أمام تركيا في افتتاح اليورو وصلت إلى 66 بالمئة، مع 11 تسديدة على المرمى من 24 محاولة هجومية، ولا أصدق من الأرقام لتفسير كيف تحول منتخب إيطاليا إلى فريق هجومي كاسح مع مانشيني.