د. أسمهان ماجد الطاهر
يهدف هذا المقال إلى إلقاء الضوء على عملية الإصلاح من أين تبدأ؟ وما هي التكلفة السياسية والاقتصادية للإصلاح؟ والسؤال الأهم هنا هو هل تم وضع إطار للإصلاح السياسي والاقتصادي في الأردن، أم ما زال يتم التساؤل من أين نبدأ! إن الإصلاح في الأوقات الاقتصادية السيئة يؤدي عادة إلى تكاليف عاليه. وعند الحديث عن الإصلاح الاقتصادي لابد من طرح القضايا التالية؛
تحسين أداء الأسواق المالية، والعمالة، والمنتجات وتحقيق مكاسب متكافئة للمواطنين. كذلك توفير الفرص الاقتصادية للجميع، وتحسين أنظمة التعليم والصحة، وإيضاح أطر الإنفاق على البنية التحتية العامة، وإعادة النظر في القوانين واللوائح التي تعزز مشاركة المرأة في القوى العاملة.
في حقيقة الأمر لا بد من الربط بين الإصلاح السياسي وحالة الوضع الاقتصادي، من خلال تبني استراتيجية واضحة المعالم لتجنب المزيد من الخسائر. كذلك لابد من تغيير نهج السياسة ومعرفة أدوات الإصلاح التي تعمل على تخفيف التكاليف السياسية والاقتصادية المحتملة.
بطبيعة الحال أي إصلاح اقتصادي يولد تكاليف سياسية والحكومات الضعيفة، التي تدرك ضعفها تخاف من استعجال الإصلاح، لأن ذلك يعري ضعفها. ولكن هل هذا الخوف وهم أم حقيقة؟ بالتأكيد هو حقيقة، فمثلا في ظل الظروف التي يمر بها الأردن يبدو جليًا أن تنفيذ أي إصلاحات سياسية حقيقية يزيد من احتمالات إعادة الانتخابات.
وهنا تبرز أهمية التمييز بين الإصلاح الحقيقي الذي يعتبر عمومًا إيجابي وحميد على المدى المتوسط والطويل وبين الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي تبدو أكثر تكلفة. ومن الطبيعي أن تكون التكاليف السياسية للإصلاحات الاقتصادية بارزة بشكل رئيسي عندما يتم تنفيذ الإصلاح خلال فترات ضعف النشاط الاقتصادي. وجرت العادة بأن يتم التخفيف قليلا من هذه التكاليف من خلال مراعاة تأثير القوى السياسية على اختيار السياسات الاقتصادية، وخاصةً فيما يتعلق بالصراعات التوزيعية والمؤسسات السياسية. على الحكومة أن تبدأ بتنفيذ الإصلاحات حتى في الأوقات الصعبة، كما عليها أن تضمن الالتزام السياسي والحوار المعزز لحشد الدعم من قطاع الأعمال والمجتمع المدني.
إن تعزيز الحوار بين الحكومة وقطاع الأعمال والمجتمع المدني، خطوة في الاتجاه الصحيح، على أن يتم تنفيذ هذا الحوار بعناية على أساس التواصل الجيد والشفافية لضمان دعم واسع النطاق.
وفي المحصلة النهائية يجب القيام بعمل تحليل لحال الاقتصاد والوضع السياسي وفق الرؤية المشتركة. يجب النظر إلى الإصلاح على أنه أمر لا مفر منه، وهو يحتاج إرادة قوية من قبل القادة السياسين والخطوة الأولى للإصلاح الحقيقي البدء بعمل الإصلاحات الهيكلية للنظام الحكومي، وتحويل الأوراق النقاشية لجلالة الملك عبد الله الثاني -حفظه الله- إلى قوانين ناظمة وبرامج عمل قابلة للتنفيذ مرتبطة بمدد زمنية يتم محاسبة المنفذين خلالها، في خطوة للبرهنة على نية الحكومة في الالتزام بالمضي بشكل فعال بعملية إصلاح موثوق به. A. altaher@youthjo. com