إسرائيل تدخل مرحلة سياسية جديدة: حكومة مع دعم عربي بلا صلاحيات


استئناف محادثات الوضع النهائي مع السلطة الفلسطينية بمجرد أداء اليمين

أمال شحادة

في وقت راهنت جماعات مقربة من رئيس الحكومة الإسرائيلية المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو، على نجاح تشكيل حكومة “التغيير” برئاسة نفتالي بينيت – يائير لبيد، أعلن رئيس الكنيست ياريف ليفين، أنه الأحد موعد عرض الحكومة الجديدة على الكنيست للتصويت. وإذا لم تحدث مفاجآت، ليست غريبة عن تاريخ الأحزاب الإسرائيلية باتخاذ قرارات مفاجئة في اللحظة الأخيرة، يغادر نتنياهو ديوان رئاسة الحكومة.

ونجح نتنياهو حتى اللحظة في تجنيد رؤساء الأحزاب المتشددة، الذين خاضوا حملة ضد بينيت الذي ينتمي إلى الصهيونية الدينية وحمّلوه مسؤولية فشل تشكيل حكومة اليمين.

وقال رئيس حركة “شاس” أرييه درعي، إن “الحكومة برئاسة بينيت ستهدم وتدمر كل ما حافظنا عليه معاً طوال 73 عاماً، وحتى في أصعب الأوقات، خصوصاً ما يتعلق بالهوية اليهودية للدولة التي تسمح لنا بالعيش معاً. وستدمر الحكومة برئاسة بينيت السبت المقدس والتهويد والحاخامية الرئيسة، والأخطر من ذلك أنها ستمزّق شعب إسرائيل وتضطره إلى العودة للعيش كما في الشتات”، وفق درعي.

العمل على ترسيخ القدس كمركز للحكم

حتى إعلان موعد تنصيب الحكومة، كان الخطر ما زال يهدد نجاح خطوات لبيد، مع تهديد عضوين من حزب “يمينا” بعدم التصويت لحكومة برئاسة زعيمهما، بينيت. وتراجع الاثنان في مقابل ضبابية وضعية القائمة العربية الموحدة، برئاسة منصور عباس، إذ هدد أحد أعضائها بالانسحاب وسط خلافات شديدة داخل الحركة الإسلامية على قرار موافقة عباس على دعم حكومة برئاسة اليميني بينيت، المعروف بتطرفه ومعاداته العرب.

وارتفعت هذه المعارضة مع إعلان بينيت أن حكومته لن تتراجع عن البناء الاستيطاني في القدس والضفة، ولن تتردد بقصف غزة ولبنان، إذا ما اقتضت الحاجة للدفاع عن أمن إسرائيل، بحسب تعبيره.

وحتى الأحد، تشهد الحلبة الحزبية الإسرائيلية معركة شديدة بين كتلة اليمين برئاسة نتنياهو، وكتلة “التغيير” برئاسة لبيد. ونتنياهو بدعم كبير من بعض الأحزاب المتدينة وحزب الصهيونية الدينية، يكثف جهوده لمنع تشكيل الحكومة الجديدة، وآخر ورقة لعبها، هي إقناع أعضاء من أحزاب كتلة “التغيير” بالانسحاب ومنع أكثرية داعمة في الكنيست، الأحد.

أما لبيد، فيواصل جهوده لضمان ما لديه من عدد نواب داعمين من أحزاب الائتلاف ومنع انسحابات منها، فيما توصّل مع أحزاب الائتلاف إلى تفاهمات في شأن الخطوط العريضة للحكومة الجديدة، وفي مقدمتها “عمل الحكومة وحرصها على نمو القدس، عاصمة لإسرائيل، مع الاستمرار في تعزيز وتوسيع البناء فيها، وتحويلها إلى عاصمة ديناميكية وعصرية، ومن أجل ترسيخ مكانة المدينة كمركز للحكم، مباشرة بعد تنصيب الحكومة. ومن ثم، سيتم نقل جميع مقرات الوزارات وأقسامها والمؤسسات الحكومية إلى القدس”.

سياسياً، تضع الخطوط العريضة لاتفاقية الائتلاف على رأس اهتماماتها موضوع الأمن القومي، إذ اتفق على “تعزيزه وعمل كل ما يتطلب للحفاظ على أمن الإسرائيليين، إلى جانب السعي الدائم لتحقيق السلام”.

منصور عباس رئيس لجنة من دون صلاحيات

وكشف بعض ما تسرّب من قرارات داخلية عن تعامل عدم ثقة مع منصور عباس، وتبيّن أن واحداً من بنود الاتفاقية أن يترأس عباس لجنة الداخلية البرلمانية. وقبل تنفيذ الاتفاقية، اجتمعت اللجنة وصادقت على تجريدها من أهم صلاحياتها باتخاد عدد من القرارات تجاه الشرطة ووزارة الأمن الداخلي. ولن يكون بإمكان اللجنة مراقبة عمل الشرطة، كما هو متّبع حتى اليوم. وسيتم نقل هذه الصلاحيات إلى لجنة جديدة سيُعلن إنشاؤها لاحقاً وستكون برئاسة حزب “يوجد مستقبل” برئاسة لبيد.

وتجريد اللجنة من هذه الصلاحيات يعكس عدم الثقة بعباس، إذ إن عمل الشرطة والأمن القومي متعلق بشكل مباشر بأهم اتفاق معه وهو محاربة العنف والجريمة في الوسط العربي، وهو اتفاق اعتبره عباس إنجازاً كبيراً له.

ونقل تلفزيون “كان” الرسمي في إسرائيل، قول أحد أعضاء الائتلاف الحكومي الجديد “واضح جداً أننا جردنا هذه الصلاحيات من منصور عباس، ماذا، هل جُنّ جنوننا لمنحه صلاحية وسلطة الإشراف على الشرطة؟”. وذكر مصدر آخر في الائتلاف أن هذا القرار اتخذ بتنسيق مع عباس.

اتفاقية الائتلاف الحكومي

بحسب الاتفاقية، سيتولّى بينيت رئاسة الحكومة حتى شهر أغسطس (آب) من عام 2023 ليحلّ لبيد بدلاً منه.

– إقرار موازنة لعامي 2021 – 2022 في غضون 140 يوماً من موعد قيام الحكومة.

– يمثل في المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينت) ستة أعضاء من كل كتلة.

– أييلت شكيد، من حزب “يمينا”، تتناوب مع رئيسة حزب العمل ميراف ميخائيلي، في لجنة تعيين القضاة. وجاء هذا القرار بعد أن هددت شكيد بعدم التصويت لحكومة بينيت، إذا لم تُعيّن رئيسة للجنة بدل ميخائيلي.

الاتفاق مع “أزرق – أبيض”

– تشكيل لجنة تحقيق رسمية حول كارثة ميرون.

– بيني غانتس يتولّى منصب نائب رئيس الحكومة.

– موازنة لأعوام عدة للجيش الإسرائيلي (ويبقى غانتس وزيراً للأمن).

– منح غانتس صلاحية إقالة وزير من حزبه.

الاتفاق مع “أمل جديد”

– جدعون ساعر يتولّى منصب نائب رئيس الحكومة.

– تقسيم منصب المستشار القانوني.

الاتفاق مع “إسرائيل بيتنا”

– إلغاء قانون الأكشاك.

– العمل على عقد الزوجية.

الاتفاق مع “العربية الموحدة”

– عباس نائب وزير في ديوان رئيس الحكومة.

– رئيس لجنة الداخلية (من دون صلاحيات).

– نائب رئيس الكنيست.

– رئيس لجنة شؤون المجتمع العربي.

– خطة لتقليص الفوارق بحجم 30 مليار شيكل حتى نهاية 2026.

– خطة خماسية للقضاء على العنف بمبلغ 2.5 مليار شيكل.

– الاعتراف بثلاث قرى غير معترف بها في النقب (هناك 44 قرية غير معترف بها في النقب).

الاتفاق مع “العمل”

 – العمل على حقوق المثليين.

– حل مكانة الأزواج ممنوعي الزواج، بما في ذلك الأزواج من الجنس الواحد.

– تفعيل المواصلات العامة في السبت.

– إقامة قسم للتجدد اليهودي في وزارة الشتات (العلاقة مع الطوائف الإصلاحية والمحافظة).

الاتفاق مع “ميرتس”

– العمل على حقوق المثليين، بما في ذلك الزواج لممنوعي الزواج وأبناء الجنس الواحد.

– تفعيل المواصلات العامة في السبت.

– إلغاء قانون الأكشاك.

– المسؤولية عن التنمية الاقتصادية للبلدات الدرزية والشركسية من مهمات وزارة التعاون الإقليمي.

الأسرى واستئناف المفاوضات

في ظل هذا الصراع وانتظار موعد تنصيب الحكومة، تبقى صفقة تبادل الأسرى مع حركة “حماس” مرهونة بضمان نجاح الحكومة، فيما أعلن مسؤول في اللجنة الإسرائيلية لإجراء المفاوضات في شأن الأسرى، أن الخلافات الداخلية أسهمت في عرقلة تنفيذ الصفقة.

وكما يبدو من النقاش الإسرائيلي حول الموضوع، فإن أحد أبرز الخلافات في الصفقة، هو تنفيذ مطلب “حماس” بالإفراج عن القائد في حركة “فتح” مروان البرغوثي. ففيما تصر “حماس” على مطلبها، هناك معارضون في تل أبيب لهذا المطلب، ويعتبرون الإفراج عن البرغوثي مقدمة خطيرة لتشجيع تنفيذ العمليات ضد إسرائيل.

في جانب استئناف مفاوضات المسيرة السلمية، نقل عن مسؤولين في حزب “يوجد مستقبل”، أن الحكومة الجديدة ستعمل على استئناف محادثات الوضع النهائي مع السلطة الفلسطينية بمجرد أداء اليمين. وجاء هذا التصريح في رسالة نقلت إلى واشنطن.

وأفادت صحيفة “إسرائيل اليوم”، نقلاً عن مصادر في الائتلاف الحكومي الجديد، بأن مسؤولين كباراً في الإدارة الأميركية يخططون لاستئناف محادثات الوضع النهائي مع السلطة الفلسطينية، على أساس حل الدولتين، بمجرد تشكيل الحكومة الجديدة.

وذكرت المصادر الإسرائيلية في التقرير أن غانتس، رئيس حزب “أزرق – أبيض”، أدلى بتصريحات مماثلة خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن.

وفيما جاء في التقرير الإسرائيلي أن الرسائل نقلت إلى المسؤولين الأميركيين من دون موافقة أو علم رئيس الحكومة المكلف بينيت، وصدر عن ديوان الأخير أن رئيس مجلس إدارة حزب “يمينا” لم يكُن على علم بأي رسائل من هذا القبيل إلى الإدارة الأميركية.