مَن يُعطِل الإصلاح؟

د. مفضي المومني.


لفت إنتباهي منشور (بوست) من ضمن مناشير ومقالات تدور في فلك الإصلاح…تشجيعاً، وتمنياً وتهكماً وردحاً ونفاقاً… وغير ذلك، وهذا البوست يخص دولة فيصل الفايز بتصريحين بينهما سبعة عشر عاما ( في الأول وهو بتاريخ 2004/11/29 يقول: لا تراجع عن الإصلاح السياسي في الأردن..! وفي الثاني وهو بتاريخ 2021/6/2 يقول فيه: هناك إرادة سياسية للإصلاح الشامل… !)، وها هو الأردن يدخل المئوية الثانية وحديث الناس هو الإصلاح… وحديث الملك الإصلاح ومطلب الجميع الإصلاح… وحديث الإعلام الإصلاح…وحديث المعارضة الإصلاح…،إذا الإعتراف موجود بأن الأمور ليست على ما يرام، والجميع يعترف بأننا بحاجة للإصلاح في النهج والسياسات، ولا عيب في ذلك، فالمثل الشعبي يقول (من شرد ورد عده ما شرد)، الأردن يستحق الأفضل، في كل الدول تحصل أخطاء وتنحرف المسارات وتتعرض الدول لهزات تهدد كيانها، فالدول التي تعترف بالأخطاء، تستطيع العودة والإصلاح، والتي تكابر وتسير على نفس نهج الخراب والفساد والإفساد تنهار، ولنا من تجارب الدول حكم كثيرة بذلك.
بدايةً خائن من يريد لهذا البلد بجميع مكوناته الشر والسوء، والأردنيون منحازون لقيادتهم رغم كل شيء ، إذا من الذي يقف أمام الإصلاح؟ ومن الذي يعطل حدوثه؟ ومن الذي يستكثر على بلدنا الإصلاح؟ الجواب واضح؛ إبحث دائما عن المستفيدين (على الطريقة البوليسية)، في بلدنا الكثير منهم، فاسدين سواء في مواقع المسؤولية أو في القطاع الخاص الإصلاح سيجمدهم وربما سيقعون تحت طائلة المحاسبة، ولهم أبواق إعلامية نتنه تدعي الوطنية ليل نهار، وتسحج بغباء، وهي فاسدة ومستفيدة من الفساد وتفتقر لمؤهلات الإعلام الناجح، الفئة الثانية المتوارثون للسلطة أباً عن جد، أصحاب الحضوة ( إللي بكل عرس الهم قرص) ويدورون الوزارات والمناصب والهيئات بينهم وبين ابنائهم واصهارهم ومعارفهم، هذا من الداخل، وأما من الخارج؛ فالدول الكبرى الإستعمارية والدول التي تبحث عن أدوار بالوكالة عن العدو أيا كان، لا تحبذ ولا تسمح بالديموقراطية والإصلاح لدول العالم الثالث لأن ذلك سيعطل مصالحهم، ولأنهم يتبنون سياسة قبيحة، بترسيخ الدكتاتوريات ومؤسسات الفساد والضغط على الشعوب وإنهاكها لكي لا تتقدم وتعرض مصالحهم للخطر، الفئة الأخيرة هم وكلاء بعض الدول والجهات، اردنيو الجنسية ولائاتهم خارجية، لدول أو أجهزة او ايديولوجيات معادية أو تدعي أنها صديقة.
إذاً، الإعاقة للإصلاح ليست داخلية بالضرورة، كما أن سلوكها من قبل أجهزة الحكم والشروع فيها ليس سهلاً وبحاجة لدعم شعبي مطلق، لأنه سيعرض القيادات للمؤامرات؛ شرقية وغربية ونعرف سياسات المنطقة والعالم.
ما الحل إذاً؟
الحل من وجهة نظري؛ ترسيخ مبدأ الشفافية والعدالة وسيادة القانون، فعلاً لا قولاً (للإستهلاك الشعبي فقط..! )، الحل الثاني التخلص من الأصنام السياسية الفاشلة بالتوارث، والتي أثبتت أنها لم تصنع النجاح بل نجحت بالتربح والإثراء والتكسب الحرام على حساب المواطن والوطن، وخربوا وأفسدوا كل جميل في بلدناحيثما عملوا، فهم حرس قديم سلبي يحارب الإصلاح لأنهم سيكونون أول المتضررين، وأيضاً العمل على تغيير جميع التشريعات التي تكبح الإصلاح وتقتله، والتي أسس لها ذات الفاسدين ليعمروا أكثر في فسادهم ويقتلوا أي محاولة للإصلاح، ومن هذه التشريعات قوانين الإنتخاب، والحريات وحقوق الإنسان وغيرها.
يجب أن يكون التوجه للإصلاح داخليا لبناء البيت الداخلي، وعدم المبالغة بالإعلان وكأننا نريد محاربة العالم… !، فنثير الإنتباه ونتعرض لضغوط ومؤامرات ليس لنا بها قِبَّل.
وقبل كل هذا وذاك لنصلح أنفسنا، نعم وألف نعم؛ ونحن نعيش آفات ومشاكل إجتماعية وردة ثقافية وأخلاقية ونكوص عن المبادئ والقيم والدين، إلإصلاح بحاجة لقاعدة نظيفة يتنفس من خلالها، ولنا في قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد:11].
إلإصلاح كلمه نرددها ونحتاجها ولكن تفعيلها يحتاج إلى إرادة من الجميع… وخلاف ذلك سيصرح لنا إبن ذات المسؤول بعد عمر طويل أو بعد عشرين سنة… بأن الإصلاح مطلب جماهيري… وسيصفق له ابناؤنا… وتصبحون على إصلاح يا رعاكم الله… حمى الله الأردن.

الإصلاح_السياسي

دمفضي المومني