بينت يحسم مستقبل نتنياهو بدعمه لبيد لتشكيل حكومة


آخر ما توقعه رئيس الوزراء أن يغادر على يد حليفه

أمال شحادة 

كان آخر ما يتوقعه رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أن يغادر كرسي الرئاسة على يد نفتالي بينت، الذي كان حليفه والقريب منه أيديولوجياً وسياسياً لسنوات طويلة. ففي مؤتمر صحافي انتظره المتنافسان على تشكيل الحكومة، نتنياهو ويائير لبيد بأعصاب مشدودة، أعلن بينت دعمه للبيد في تشكيل حكومة وحدة وطنية، على الرغم من اختلافات كثيرة بين الاثنين في مختلف القضايا، ولكن “مستقبل إسرائيل والعمل من أجلها”، وفق ما قال بينت، كان الدافع الرئيس لدعمه لبيد ورفض المقترحات التي عرضها عليه نتنياهو للانضمام إلى حكومته، بما في ذلك التناوب على رئاسة الحكومة.

نتنياهو لم يتأخر، وبعد إنهاء حديث بينت، عند الثامنة من مساء الأحد، خرج بكلمة للإسرائيليين شن خلالها هجوماً على بينت، معلناً أنه سيستغل كل وقت تبقى حتى انتهاء موعد تشكيل الحكومة لمنع لبيد وبينت من تشكيلها. واعتبر بينت مضللاً للجمهور الإسرائيلي وبأنه “يرتكب خداع القرن”، مضيفاً “في اليوم السابق للانتخابات، وقع بينت على وثيقة في بث حي ومباشر”، معلناً “لن أسمح للبيد أن يكون رئيساً للحكومة، حتى بالتناوب، ولديّ قيم”. وواصل نتنياهو هجومه على بينت بالقول “قيمك ليس لها حتى وزن ريشة، ولا يوجد شخص واحد كان سيصوت لك إذا كان يعلم ما ستفعله”.

دعوة جميع الأحزاب

لم يقتصر حديث بينت على إعلان موقفه الداعم لحكومة لبيد، بل تصرف كقائد مستقبلي لإسرائيل، وواثق من خطواته، فدعا جميع الأحزاب إلى دعم “كتلة التغيير”، برئاسة لبيد وإسقاط نتنياهو. وقال، “علينا إنجاح الحكومة، ومن أجل ذلك سنحتاج جميعنا، جميع الشركاء في تشكيل الحكومة، إلى ضبط النفس”.

وفي ظل مراهنة عديد من الجهات السياسية في إسرائيل على مستقبل حكومة “كتلة التغيير”، لما تشمله من تشكيلة أحزاب يمين ويسار ومركز، تختلف بينها في العقيدة والأيديولوجية والعديد من القضايا السياسية والدينية، شدد بينت على أنه لن يطلب من أي شخص التخلي عن أيديولوجيته. وأضاف، “يتوجب على كل منا تأجيل تحقيق بعض الأحلام والتركيز على ما يمكنه فعله، بدل النقاش حول قضايا مستحيل تحقيقها”.

وراح بينت يتحدث وكأنه من اليوم رئيس للحكومة ويديرها بقواعد جديدة من أجل ضمان استمراريتها، فقال “لن تكون الحكومة التي سنعمل على تشكيلها ضد أي جهة أو جماعة، بل ستكون لمصلحة الجميع، وستعمل بتنسيق مع جميع الوزراء المتمثلين من مختلف أحزاب الائتلاف من أجل مصلحتهم جميعاً”.

نتنياهو الذي توقع، منذ ساعات صباح الأحد، وبعد اجتماع كتلة “يمينا” برئاسة بينت، دعم الأخير للبيد، إذ أعلن أن الإجماع لدعم لبيد، ركز على تصريحات أطلقها بينت في محاولة لوصفه بالشخص المراوغ وغير الصادق. وعدما كان بينت قد قال في تصريحات له خلال العملية الحربية على غزة “حامي الأسوار”، إن حكومة اليسار لم تعد أمراً في حسابات أحد، قال نتنياهو “أما الآن، فراح بينت يهرول نحو حكومة يسارية برئاسة لبيد”.

وسأل نتنياهو بينت “ما الذي تغير اليوم وفي خلال أسبوع عما كان عند العملية العسكرية؟ الحقيقة أنه لم يتغير شيء”. ووصف نتنياهو تصريحات بينت بـ”الهراء”. وقال “اليوم اتضح لنا أن ما قاله بينت خلال العملية العسكرية على غزة وقبلها خلال الحملة الانتخابية الأخيرة ما هو الا هراء يهدف إلى خداع ناخبي اليمين، وكسب أصواتهم وتجييرها لليسار”.

وأجمل نتنياهو الجهود التي بذلها من أجل تشكيل حكومة بالتناوب بينه وبين بينت ورئيس حزب “أمل جديد”، جدعون ساعر. واتهم الاثنين بإفشالها. وقال “على الرغم من أننا نعتقد أنه أمر غير مقبول للغاية وغير تقليدي للغاية ما عرضته على الاثنين من تناوب ثلاثة على رئاسة الحكومة، فإنني قبلت في ذلك من أجل مصلحة إسرائيل، ولأنني وضعت هذه المصلحة أمام أعيننا وفوق أي اعتبارات أخرى”. وأضاف، “ندرك كما يدرك الجميع أن تشكيل حكومة يسار ستكون أسوأ بكثير من حكومة يتناوب عليها ثلاثة، ولكن للأسف بدل أن يقبل الاثنان هذا العرض استمرا بالهرولة نحو لبيد والسعي لتشكيل حكومة يسار”.

واعتبر نتنياهو أن قبول بينت وساعر عرضه “كان سيضمن حكومة ائتلاف بأكثرية 61 عضو كنيست من مؤيديه في أحزاب اليمين الذين أوضحوا لنا أنهم سينضمون إلى حكومتنا في اللحظة التي سينضم إليها بينت”.

المساعي الأخيرة

حتى صباح الثلاثاء سيواصل لبيد وبينت جهوداً حثيثة في محاولة لضمان تشكيل حكومة لعرضها على الرئيس رؤوفين ريفلين. لبيد من جهته سيلتزم أمام بينت وحزبه بكل ما سبق واتفقا عليه من أجل ضمان عدم تراجعه في اللحظة الأخيرة، وإمكانية تراجع بينت، على الرغم من أنها ضئيلة، لكنها ستبقى تقلق لبيد حتى الدقيقة الأخيرة. أما نتنياهو فسيواصل مساعيه لسحب أعضاء من “كتلة التغيير”، إلى جانب محاولة كسب جدعون ساعر من جديد.

وفي حال لم يتراجع بينت عن موقفه سيكون رئيساً للحكومة في النصف الأول من الدورة المقبلة، فيما يتولى لبيد وزارة الخارجية، ثم يتبادل الاثنان رئاسة الحكومة، ليكون لبيد رئيساً حتى نهايتها.

ويتبين من المعطيات الواردة من اتفاقية بينت-لبيد، أن بيني غانتس سيستمر في منصبه وزيراً للأمن، فيما يتولى وزارة المالية اليميني أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب “إسرائيل بيتنا”. أما رئيسة حزب “العمل”، ميراف ميخائيلي، فستتولى وزارة المواصلات، فيما يتولى جدعون ساعر، في حال لم ينجح نتنياهو في جلبه ويبقى في حكومة لبيد، وزارة القضاء.

وفي الاتفاقية سيضمن لبيد رئيس الكنيست من حزبه “يوجد مستقبل”، إذ اتفق على تولي مئير كوهين هذا المنصب، الذي يشكل أهمية كبيرة.

في جانب آخر، وبعد جهود حثيثة ومتواصلة لمعسكر اليمين وقع رؤساء أحزاب المعسكر على رسالة تأييد لتشكيل حكومة بتناوب الثلاثة عليها، في محاولة للضغط على ساعر وبينت. وحظيت الرسالة بدعم كبير من نتنياهو الذي ألحقها بتصريحات حذر فيها من خطوات تمس بأمن إسرائيل، معتبراً الساعات القليلة مصيرية لأمن الدولة ومستقبلها.