نتائج الحرب قد تزيد الانقسام بين “حماس” و”فتح”


محمود عباس يشدد على الحل السياسي وإسماعيل هنية يعتبر أن “أوهام المفاوضات” سقطت

خليل موسى مراسل @kalilissa

لم تنتظر حركة “حماس” طويلاً بعد نهاية ما سمته معركة “سيف القدس”، حتى تعلن أنها هي من يقود الساحة الفلسطينية، في مؤشر على تصاعد حدة الانقسام مع حركة “فتح” خلال الفترة المقبلة في معركة تمثيل الشعب الفلسطيني.

ومع أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أكد أن “العدوان على قطاع غزة” يعتبر جزءاً من العدوان على الشعب الفلسطيني المتواصل في الضفة الغربية بما فيها القدس، إلا أن “حماس” اعتبرت وقف إطلاق النار مع إسرائيل “نصراً استراتيجياً يطوي مراحل كثيرة، ويفتح الباب لمراحل جديدة ستشهد كثيراً من الانتصارات”، بحسب رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية الذي اعتبر أن “المقاومة خيار استراتيجي وأقصر الطرق نحو التحرير”، مضيفاً أن “معركة سيف القدس أسقطت أوهام المفاوضات وثقافة الهزيمة”.

وفي تلميح إلى رغبة حركة “حماس” بحصد “نتائج انتصارها”، طالب هنية “ببناء وحدة وطنية استناداً على نتائج المعركة، وعلى أهمية صياغة بناء برنامج وطني مشترك يقوم على استراتيجية المقاومة”.

لكن عباس، الذي يعمل بالاستناد إلى دعم أميركي على بدء إعمار قطاع غزة، دعا إلى “وقف الاعتداءات الإسرائيلية في القدس، بخاصة في المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح، وما يجري من اعتداءات من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين ضد أبناء شعبنا في الضفة الغربية”، وأشار إلى أن “خلق الاستقرار والأمن يتم عبر إيجاد حل سياسي ينهي الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، وذلك من خلال اللجنة الرباعية الدولية على أساس قرارات الشرعية الدولية”.

قيادة الساحة الفلسطينية

في المقابل، قال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” موسى أبو مرزوق لـ”اندبندنت عربية” إن “معركة سيف القدس” كانت “وطنية خالصة، وأثمرت كسر هيبة إسرائيل وتراجع الرواية الإسرائيلية في معقلها بالغرب”، وأشار مرزوق إلى أن التأييد العريض من الشعب الفلسطيني للمقاومة يؤكد “أنها هي من تقود الساحة الفلسطينية”، داعياً الجميع إلى الدخول في “خيمة المقاومة والتراجع عن خطيئة التسوية”.

وحول منظمة التحرير الفلسطينية، شدد أبو مرزوق على أن الحركة “لا تريد إلغاءها لأنها إرث للشعب الفلسطيني، لكنها تريد الحفاظ عليها”، متهماً عباس “بمنع الجزء الأكبر من شعبنا من دخولها والمشاركة فيها، وبعدم حسن إدارتها وتفعيلها”.

واتهم أبو مرزوق الرئيس عباس “بتغييب المنظمة عن المعركة الحالية والمحطات الفاصلة”، معتبراً ذلك “إلغاء حقيقياً لها”، مضيفاً أن الرئيس الفلسطيني “عطل الانتخابات ومنع انتخاب نصف أعضاء المجلس الوطني لمنظمة التحرير”، وأضاف أن الانتخابات كانت ستجعل من منظمة التحرير “مظلة حقيقية، لا شعارات فقط”.

وعن كيفية استثمار نتيجة “معركة سيف القدس”، طالب أبو مرزوق بتوحيد الجهود الفلسطينية وتنسيقها والبناء عليها، و”العمل على ترتيب البيت الفلسطيني على أساس المشاركة السياسية والمواجهة مع الاحتلال”، وطالب القيادي في “حماس” فصائل العمل الوطني “بأخذ زمام المبادرة، وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني وفق ما يريده شعبنا، وصولاً إلى برنامج وطني لا يلغي خصائص الفصائل ولا يتجاوز الثوابت الفلسطينية”.

لكن المتحدث باسم حركة “فتح” حسين حمايل شدد على أن “الاعتداءات تشمل جميع الفلسطينيين في الضفة الغربية بما فيها القدس، والفلسطينيين داخل إسرائيل”، مضيفاً أن “ذلك يتطلب الوحدة الوطنية”، ودعا حمايل إلى “استثمار الرأي العام العالمي المساند ومواقف الإدارة الأميركية في مسار سياسي جدي يعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي”.

رؤية مشتركة

وقال مسؤول فلسطيني، إن عباس يعمل على تكوين “رؤية مشتركة مع حماس بعيداً عن التوتير وبشكل هادئ”، متهماً الحركة “بخطف المعركة من القدس إلى غزة لكي تتصدر المشهد السياسي، وأن تكون لها أولوية القيادة السياسية في المرحلة المقبلة”، وأشار المسؤول الفلسطيني، الذي رفض الكشف عن اسمه، إلى أن “العمل جارٍ مع مصر لتطوير وقف إطلاق النار في قطاع غزة ليصبح تهدئة تشمل القدس، والحفاظ على الوضع التاريخي في الأماكن المقدسة فيها، ووقف سياسات التطهير العرقي والاستيطان والالتزام بالاتفاقات مع منظمة التحرير”، وشدد المسؤول على أن الفلسطينيين “بحاجة إلى أفق سياسي للتهدئة، فأي تهدئة دون ذلك تعيدنا إلى المربع الأول”.

واعتبر القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عمر شحادة أن معركة القدس انتهت لصالح حركة “حماس”، مشيراً إلى وجود انزياح في القرار السياسي لصالحها على حساب السلطة الفلسطينية في رام الله، وشدد شحادة على الحاجة إلى “بناء استراتيجية وطنية شاملة تعكس التطورات السياسية والعسكرية، وتلبي الطموحات الفلسطينية”.

تعاظم دور “حماس”

ويرى أستاذ النزاعات الدولية في معهد الدوحة للدراسات العليا إبراهيم فريحات أن حركة “حماس” حققت “قفزات نوعية في هذه الحرب، عبر امتلاكها خيار بدئها وتعاظم قوتها العسكرية، سواء بعدد الصواريخ أو مداها، وزيادة دورها على الساحة الدولية”، وأشار فريحات إلى أن تعاظم دور الحركة يمكن أن يؤدي إلى “نتائج متناقضة على صعيد المشروع الوطني الفلسطيني الذي من أجله وُجدت حركة حماس”، ووفق فريحات، “يمكن للقوة العسكرية الصلبة لحماس أن تقوي وضع الفلسطينيين التفاوضي في المستقبل، لأنها رصيد استراتيجي لهم بغض النظر عمَّن يملكها من فصائلهم السياسية”، لكن فريحات شدد على أن استثمار الحركة “لقوتها بشكل منفصل بعيداً عن المشروع الوطني الفلسطيني سيلحق نكسات إضافية به، وسيعزز من الانقسام بين فتح وحماس، لكنه سيقوي من وضعها في قطاع غزة”.

واستعبد فريحات دخول “حماس” في مفاوضات مع إسرائيل، بسبب “رفض الحركة الاعتراف بإسرائيل والاتفاقيات مع منظمة التحرير الفلسطينية”.