كيف تتخطى الانتخابات الفلسطينية عقبة القدس؟

ترفض إسرائيل إجراءها في تلك المنطقة وتأجيل الاستحقاق وارد وتكهنات بتشكيل حكومة وطنية تديرها “فتح” و”حماس”

عز الدين أبو عيشة مراسل @press_azz

مع إصرار حركتي “فتح” و”حماس” على رفض إجراء الانتخابات التشريعية المقررة الشهر المقبل مقتصرة على قطاع غزة والضفة الغربية من دون القدس الشرقية، في ظل عدم تقديم إسرائيل ردها على طلب السلطة الفلسطينية فتح مراكز اقتراع في المدينة المقدسية، فتح الفصيلان قناة اتصال بهدف ترتيب المرحلة المقبلة الخاصة بعملية الانتخابات.

وتأتي هذه الاتصالات مع قرب حسم مصير إجراء الانتخابات التشريعية، قبل الأول من مايو (أيار) المقبل، وهو اليوم المخصص لبدء الدعاية الانتخابية آخر مراحل التحضيرات ليوم الاقتراع، التي في حال بدأت، فإنه لا تراجع عن فتح الصناديق في موعدها المحدد.

حلول أخرى

يشكّل عدم رد الجانب الإسرائيلي على تنفيذ الانتخابات في القدس الشرقية العقبة الرئيسة لدى الفصائل الفلسطينية، إذ في حال قررت الذهاب إلى هذه الخطوة من دون القدس، تكون أكدت أحقية الإسرائيليين الكاملة فيها، وهذا ما ترفضه الفصائل مجتمعة، وفي الوقت ذاته ترفض فكرة تأجيل الانتخابات يوماً واحداً.

يقول نائب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” خليل الحية، “فكرة تأجيل الانتخابات مرفوضة كلياً”، مؤكداً أن هذا الخيار “سيدفع الفلسطينيين إلى المجهول، ويعقّد الوضع السياسي، ويكرس الانقسام والفرقة بين الفصائل”. وفي الوقت ذاته، يشدد رئيس “حماس” في الخارج خالد مشعل، على ضرورة إجرائها في جميع المناطق، بما فيها القدس الشرقية.

وبحسب المعلومات الواردة، فإن قناة اتصال بين الحركتين نشطت، بهدف ترتيب الخيارات الخاصة بعملية الانتخابات في ظل توقعات قوية لرفض إسرائيل إجراءها في القدس الشرقية، ونية القيادة الفلسطينية تبنّي قرار الإرجاء إلى أجلٍ غير مسمى.

وتبحث الاتصالات التي تجري بين قيادات الحركتين سيناريوهات عدة، بينها استمرار الانتخابات حتى النهاية مع مراعاة وضع القدس الشرقية، ودراسة ملف التأجيل، والبحث في خطوة الذهاب إلى خيار تشكيل حكومة وحدة وطنية، ومن المقرر أن يتم التوصل إلى اتفاق بين الجانبين قبل اجتماع القيادة الفلسطينية مع الفصائل المقرر غداً الخميس، وسيحضره ممثلون عن حركة “حماس”.

ويؤكد هذه الاتصالات، عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح” عزام الأحمد الذي يقول إن “الاجتماع الذي دعا إليه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يبحث جميع الاتصالات التي أجريت مع الفصائل بشأن الانتخابات، كما التواصل مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة لأخذ القرار النهائي في ملف عملية الاقتراع”.

“حماس” تتناقش

وفي الوقت ذاته، يعتبر الأحمد أنه “لا ضرورة للانتخابات، إنما التوافق بين الفصائل هو الحل الأمثل”، موضحاً “حركات التحرر لا تجري انتخابات تحت الاحتلال”، فيما تسبق هذه التصريحات قراراً قد يتخذ الخميس المقبل بشأن تأجيلها.

لكن متحدث “حماس” حازم قاسم يقول إن الاجتماع الذي سيعقده رئيس السلطة الفلسطينية من المفترض أن “يناقش كيفية إجراء الانتخابات لا التأجيل”، والبحث عن حلول أخرى، مؤكداً أنهم “غير مطلعين” على اتصالات السلطة مع الأوروبيين.

ويشير قاسم إلى أن قيادة السلطة تحاول الاستيلاء على القرار الفلسطيني، معتبراً حديث الأحمد تضليلاً واضحاً، وتحريفاً مرفوضاً ومخالفاً للتوافقات الوطنية التي جرى التوصل إليها بين كل القوى الوطنية في جولات المصالحة المختلفة، ولافتاً إلى عدم أحقية أي جهة في مصادرة حق الفلسطينيين في اختيار ممثليه عبر صندوق الاقتراع.

فيما تؤكد المعلومات أن الاتصالات التي تجري بين حركتي “حماس” و”فتح” تسير نحو التوجه إلى تطبيق خطوات المصالحة الفلسطينية الأخيرة التي اتُّفق عليها في القاهرة العام الماضي، وتبنّتها جميع الفصائل في اجتماع نوفمبر (تشرين الثاني) المنصرم، الذي يتمثّل في تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد الانتخابات البرلمانية.

وفي حال اتفق الجانبان على تشكيل حكومة وحدة وطنية، فإن جميع الفصائل الفلسطينية ستشارك فيها، إضافة إلى المستقلين، مع استثناء القوائم الانتخابية الأخرى التي ترشحت لعضوية المجلس التشريعي عندما فتح باب الترشح الشهر الماضي.

يعتقد المراقبون السياسيون أن يتوافق الجميع الفلسطيني على مقترح تشكيل الحكومة من دون انتخابات، ويقول الباحث السياسي حسن لافي، إنه “غير مستبعد” أن توافق “حماس” على المشاركة في هذه الحكومة في حال تعذّر تنظيم الانتخابات، على الرغم من معارضتها فكرة التأجيل والإلغاء.

مراوغة وإصرار

فيما يؤكد الناطق باسم “حماس” حازم قاسم أنه من الضروري الذهاب إلى عملية الاقتراع في وقتها المحدد، وفكرة تأجيل الانتخابات مرفوضة جملة وتفصيلاً. والموقف ذاته تردد على لسان قيادات الحركة في الفترة الأخيرة، لكن من دون الإشارة إلى إمكانية الذهاب إلى حلول أخرى، مثل حكومة وحدة وطنية.

وكذلك الأمر في الرئاسة الفلسطينية، الذي أوضح متحدثها نبيل أبو ردينة أن القرار بشأن الانتخابات والحلول الأخرى سيكون بعد اجتماع محمود عباس مع الفصائل بما فيها حركة “حماس”.

في الحقيقة، فكرة حكومة الوحدة الوطنية وقبل طرحها رسمياً لقيت رفضاً من القوائم المشاركة في الانتخابات، إذ نظمت 15 قائمة انتخابية وقفة احتجاجية أمام مقر لجنة الانتخابات المركزية في قطاع غزة، عبّرت خلالها عن رفضها الذهاب إلى حلول أخرى، ورفضها تأجيل الانتخابات أو إلغاءها.

تقول الناطقة باسم قائمة الحرية نور عودة إن القوائم المترشحة للمنافسة على عضوية المجلس التشريعي اتفقت على التصدي لخطر الحلول الأخرى حول العملية الانتخابية، بما فيها فكرة التأجيل أو الإلغاء، لافتةً إلى تشكيل لجنة قانونية تضم مؤسسات المجتمع المدني للضغط على الجهات المسؤولية لعقد عملية الاقتراع في موعدها.

على أي حال، تبقى فرصة أخيرة قد توقف خيار حكومة الوحدة الوطنية، سيقوم بها الاتحاد الأوروبي إلى جانب مبعوث من الأمم المتحدة للضغط على إسرائيل بشأن السماح بإجراء الانتخابات في القدس. لكن لم تصِل إشارات إيجابية من الطرفين لقبول تل أبيب تنظيم الانتخابات في القدس الشرقية وفق ما طلبت السلطة الفلسطينية.