“فورين بوليسي”: الانتخابات الفلسطينية “مناورة رائعة محفوفة بالمخاطر”

قال نائب رئيس شؤون الأبحاث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأميركية، جوناثان شانزر، إن إجراء الانتخابات التشريعية الفلسطينية “قد يكون له ثمن”، مُضيفاً أن استطلاعات الرأي تُشير إلى أن حركة حماس، قد تبرز كأقوى حزب مرة أخرى، وهو ما قد يتبعه المزيد من الجمود، والخلل، والصراعات.

وأوضح شانزر، في تقرير له بصحيفة “فورين بوليسي” الأميركية، أنه “سواء أُقيمت الانتخابات، المُقررة في 22 مايو المقبل، أو لم تقم، فإن تحديد موعد إجرائها يُعد أمراً رائعاً”، مضيفاً أن “السياسة الفلسطينية كانت في حالة جمود منذ تعليق الانتخابات بعد فوز حركة حماس بالأغلبية البرلمانية في عام 2006، ما أفسح الطريق أمام الحرب الأهلية في عام 2007، التي احتلت خلالها حركة حماس قطاع غزة، بينما تشبثت منظمة التحرير الفلسطينية بالسلطة في الضفة الغربية. ومنذ ذلك الحين، نشأ انقسام مرير بين الإقليمين الفلسطينيين”.

وأشار شانزر، إلى أن “الفلسطينيين كان لديهم متسع من الوقت لمعالجة هذه المشكلة، مضيفاً أن ما يقرب من عقد ونصف مر على الانتخابات الأخيرة. ويُسيطر على النظام السياسي في الضفة الغربية رجل واحد، الرئيس محمود عباس، وحزب واحد، حركة فتح، بينما يُسيطر على النظام السياسي في غزة حزب واحد، وهو حركة حماس”.

أزمة سياسية

ويرى شانزر، حسبما ورد في تقرير “فورين بوليسي”، أن “الفلسطينيين يتجهون الآن نحو أزمة سياسية أخرى، بسبب فشلهم في إعادة تنظيم نظامهم”. وقال إن “أصحاب المصلحة الدوليين، لسبب غير مفهوم، يراقبون عودة المفاجئة للسياسة الفلسطينية من بعيد”. 
 
وأوضح الكاتب أن القصة بدأت في سبتمبر 2020 في أعقاب اتفاقيات تطبيع العلاقات التي وقعتها إسرائيل مع البحرين والإمارات العربية المتحدة، مضيفاً أن “اتفاقيات السلام كانت بمثابة صيحة إيقاظ للفلسطينيين”، على حد تعبيره.


والتقت حركتا فتح وحماس في إسطنبول بتركيا لإجراء حوار، “لكن الطرفين فشلا في التوصل لاتفاق كما حدث عدة مرات سابقاً، إذ حاول المصريون، والروس، والأتراك، وغيرهم التوسط من أجل الوصول لاتفاق وجميعهم فشلوا”، بحسب “فورين بوليسي”.
 
وفي 24 سبتمبر 2020، ظهر الطرفان متوائمان. وقال جبريل الرجوب، المسؤول البارز في حركة فتح: “اتفقنا على إجراء انتخابات تشريعية أولاً، ثم الانتخابات الرئاسية للسلطة الفلسطينية، وأخيراً انتخابات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية”. 
 
وحسبما ورد في “فورين بوليسي” فإن “الاسترشاد بالماضي يوضح أن احتمالية التزام الطرفين ضعيفة. ولكن يفاجأ الفلسطينيون مرة أخرى في 15 يناير الماضي، بإعلان عباس إقامة الانتخابات التشريعية للسلطة الفلسطينية في 22 مايو، والانتخابات الرئاسية في 31 يوليو المقبل”.

“إعلان رائع”

وأضاف الكاتب، أن إعلان عباس أقل ما يوصف به أنه “رائع”، مُشيراً إلى أن السياسي المتقدم في السن يمتلك قبضة حديدية على السلطة بعد فوزه بفترة رئاسية مدتها 4 سنوات عام 2005، ثم تمديد ولايته بـ 12 سنة إضافية. 
 
وأوضح شانزر، أن عباس فعل ذلك، ظاهرياً، لمنع صعود حركة حماس للسلطة، وأن ترحيب حماس بإعلان عباس ليس مفاجئاً، إذ دعت الحركة إلى إجراء انتخابات عادلة للفلسطينيين “للتعبير عن إرادتهم بلا قيود أو ضغوط”. 

 
ومع وضوح شكل الانتخابات، وجه عباس تحدياً مباشراً لإسرائيل بعد إصراره على عدم إجراء الانتخابات من دون مشاركة العرب في القدس الشرقية، المنطقة التي تعتبرها إسرائيل جزءاً من عاصمتها.  
 
وقال عباس: “نحن مهتمون للغاية بإجراء انتخابات، ولكن ليس بأي ثمن”. وقدمت السلطة الفلسطينية طلباً رسمياً لإسرائيل. 
 
واعتبرت المجلة، أن قضية القدس مهدت الطريق لمواجهة، موضحة أنه في الوقت الذي يشير فيه الإسرائيليون إلى عدم اتخاذ قرار في الأمر، “شاركت السلطة الفلسطينية في حملة دعائية قوية”، قال فيها مدير عام وحدة القدس في الرئاسة الفلسطينية، معتصم تيّم، إن السكان العرب الذين يحملون بطاقات هوية إسرائيلية يجب أن يكونوا قادرين على التصويت، “رغم جميع التدابير الإسرائيلية الرامية إلى منعهم من المشاركة”.
 
ولفتت “فورين بوليسي”، إلى أن المسؤولين الإسرائيليين قرروا عدم الدخول في نقاش الانتخابات الفلسطينية، وأنهم يرون أن عباس يتحدى إسرائيل أن تمنع مراكز الاقتراع في القدس الشرقية. وإذا حدث ذلك، سيلغي الفلسطينيون الانتخابات بحجة التعنت الإسرائيلي.

وأوضح شانزر، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لا يريد أن يكون الفلسطينيين أو الانتخابات الفلسطينية قضية انتخابية إسرائيلية، وأن عملية السلام كانت دائماً قضية ثانوية في جميع حملاته الانتخابية على مدى العامين الماضيين. 

وأشار الكاتب إلى قرار إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، إعطاء الأولوية لتخصيص أموال إضافية للسلطة الفلسطينية، بدلاً من مواجهة التحدي الوشيك المتمثل في “مشاركة الإرهابيين في الانتخابات الفلسطينية”، بحسب تعبيره. 
 
وأفادت تقارير إسرائيلية، بأن بايدن دفع السلطة الفلسطينية إلى المضي قدماً في الانتخابات “لتجديد شرعية السلطة الفلسطينية”. وقالت صحيفة “الشرق الأوسط” إن إدارة بايدن طلبت من عباس “توضيحات بشأن الشراكة مع حماس في الانتخابات المقبلة”.  
 
ويقول المسؤولون الأميركيون إنهم لن يتدخلوا ولا يحق لهم تقديم مطالب بعد المشكلات السياسية التي تواجهها الولايات المتحدة في الفترة الأخيرة، الأمر الذي يراه الكاتب “محرجاً” في ضوء حقيقة أن بايدن كان خلال فترته كعضو في مجلس الشيوخ الأميركي أحد الرعاة لتشريع “مكافحة الإرهاب الفلسطيني لعام 2006″، والذي يحظر تقديم المساعداة الأميركية للسلطة الفلسطينية إذا كانت تسيطر عليها حماس فعلياً.