المهندس د. محمد الدباس –
خطوة تحفيزية أخرى تمت يوم أمس من خلال الحكومة لحزم مالية، بهدف إستعادة ما أمكن من (زخم) للنمو الإقتصادي بهدف إستقرار السوق وثباته، والهدف منها توفير ما أمكن من سبل (المرونة الإقتصادية)، إلا أنها وإن كانت إيجابية فهي ما زالت غير كافية.
لا يخفى على أحد إن قلنا بأن أحد أهم القطاعات الداعمة لمحركات النمو الإقتصادي الوطني هو قطاع الخدمات الحكومية لما يتعلق مثلا بقطاع الكهرباء والمياه، وقطاعات التمويل والتصنيع،حيث كانت رؤيتنا الإقتصادية السابقة للعام الحالي 2021 وحسب ما ورد في تقرير خطة تحفيز النمو الإقتصادي الأردني للفترة من (2018-2022) والصادر عن مجلس السياسات الإقتصادية؛ هو تحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي يبلغ 6.5%.
عالميا.. فالعديد من الدول المتقدمة قد سارعت بتقديم دعم مباشر لمواطنيها ممن أجبروا على ترك أعمالهم، والبعض الأخر من هذه الدول إحتكمت – كما هو الحال عندنا – إلى تقديم إجراءات مالية تخفيفية، فتصريح الحكومة يوم أمس بأن القيمة الإجمالية لبرامج الحكومة يبلغ 448 مليون دينار أردني هو رقم يشكل حوالي 1.4% من الناتج المحلي الإجمالي كما جاء في تصريح الحكومة على لسان وزير ماليتها، من حيث وضع إجراءات تخفيفية على تحصيل الأموال من المواطنين وتأجيل أقساط القروض على المقترضين من صناديق الإقراض الحكومية حتى نهاية العام، ورفع التسهيلات الإئتمانية وضخ سيولة في السوق بسقف 240 مليون دينار تمثل متـأخرات ورديات ضريبية، ودفع بدل استملاكات واعفاءات للوصول الى صيف آمن تبدأ فيه الحياة والقطاعات الإقتصادية بالعودة التدريجية.
وبالرغم من أن هذه الخطوة تسجل للحكومة كبادرة إيجابية، إلا أنني أعتقد بأن هناك مجالا أكثر لزيادة حجم التحفيز للعديد من القطاعات (المنهكة أصلا) مثل قطاعات السياحة والنقل والزراعة، لحثها على استعادة استدامتها ضمن حدود واستطاعة الحكومة المالية.
لقد أسقط وباء الكورونا آخر أوراقنا المتاحة لمجابهة واقع الإقتصاد العالمي (الهش) ونحن جزء منه، ولأن المرحلة القادمة ستتغير فيها جميع مفاهيم العمل الإقتصادي فالبقاء والصمود للأفضل، مما يستدعي البحث عن إجراءات وخطط للنمو الإقتصادي خارج الأطر التقليدية المعتادة،
أي البحث خارج الصندوق، لأن العالم ونحن جزء منه وحتى إشعار آخر يمر في أزمة لمواجهة هذا التحدي المرير.
وكخلاصة؛ فإن عبورنا للمرحلة لن يكون سهلا؛ ومسألة التعافي والصمود هي مسائل إستحقاق لن نجتازها بسهولة، أما متى سنعود إلى (مسار) النمو الإقتصادي المستدام وليس إلى ما كنا عليه قبل الجائحة من نمو متصاعد كما توقعته خطط التحفيز الإقتصادي الأردني؛ فهو إن كان؛
سيكون ضمن السيناريو الأكثر تفاؤل بصرف النظر عن الأوضاع المضطربة في الإقليم؛ هو في بداية الخريف من هذا العام، وأعتقد (مرحليا) بأن بيد الحكومة العديد من أدوات التعافي الإقتصادي،
وأحدها هو فقط من خلال (الجرأة) في تخفيض نفقاتها الرأسمالية، لإستعادة ما أمكن من أدوات دعم (التوازن المالي) بعيدا عن المصروفات غير الضرورية، (وخلق ما تيسر من فرص عمل وإحلال للفرص المتاحة) للأردنيين.